أكد الإعلامي سليمان بخليلي في حديث مع "الحوار" أنه مقتنع بما يقدمه من برامج المسابقات باعتبارها برامج ذات طابع تثقيفي تربوي هادف، كما نفى كل الأقاويل المتعلقة بتوتر علاقته بالسلطة، مؤكدا أن موقفه تجاه قضية الصحراء الغربية هو نفس موقفه تجاه القضية الفلسطينية، كاشفا عن تحضيره لإنتاج برنامج تلفزيوني يُعنى بالشعر وترغيبه للناس. * حاورته: هجيرة بن سالم *تجربتك الإعلامية غنية عن التعريف، هل وصل الإعلامي سليمان بخليلي إلى قناعة الرضا بما قدمه طيلة مساره المهني؟ -قناعتي أنه إذا وصل الإعلامي إلى قناعة الرضا بما قدم فمعناه أنه انتهى، عندما أشاهد أي برنامج من برامجي على الشاشة أعاتب نفسي لأنني لم أعلق على مقطع معين، أو أغفلتُ جانباً مهما في الحديث كان ينبغي أن أستفيض فيه .. والإحساس بالرضا معناه إما أن الإعلامي جفت منابعه أوأنه على باب التقاعد، وأنا لا أرى في نفسي أنني بلغت الحالتين. *العديد من الكفاءات الإعلامية تهاجر للعمل خارج البلاد، لماذا لم تفكر بالهجرة؟ -عندما كنت شابا منتصف التسعينيات فكرت بالهجرة، وتلقيت عروضا مغرية من عدة قنوات، أبرزها محطة mbc والجزيرة عند انطلاقها، لكن ظروفا عائلية تزامنت مع وفاة الوالد يرحمه الله حالت دون تحقيق رغبتي، أما الآن فأنا أبلغ من العمر 52 عاماً، ولم تعد الهجرة إلى الخارج تستهويني .. * بعد 4 سنوات من انطلاقة تجربة السمعي البصري، كيف يقيم الأستاذ بخليلي هذه التجربة؟ -أعتقد أنه من السابق لأوانه إعطاء تقييم مهني دقيق، فالتجربة ماتزال في بداياتها، صحيح أن بعض القنوات استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا بين الجزائريين، لكن حداثة التجربة وقلة الإمكانيات تجعلني أقول إن أمامنا وقت أطول كي نصل لمرحلة إجراء تقييم موضوعي لهذه التجربة الفتية. *لا نكاد نراك إلا في برامج المسابقات أو صفحتك في الفيسبوك، فأين يختفي الأستاذ سليمان بخليلي؟ – ولا يمكن أن تلتقي بي في مقهى، كما لا يمكن أن تجديني أتنزه على كورنيش باب الواد!، لقد تعلمت من الوالد يرحمه الله أن أمضي وقتي في ما يمكن أن أفيد به الناس أوأفيد به نفسي، ولذلك تجديني أغلب الوقت منهمكاً بين دفات الكتب، أو متنزهاً بين أصدقائي على الفايسبوك. *برغم أنك إعلامي بارز لكن يلومك الكثير أنك بقيت محصورا في برامج المسابقات والتسلية، لماذا؟ -برامج المسابقات نعم، أما التسلية فلا، أنا لم أعمل يوماً مهرجا، وكل برامجي ذات طابع تثقيفي تربوي هادف، أما كوني محصورا في برامج المسابقات فهذا شرف لا أدعيه، وآمل أن أوفق في تقديم شيء ينفع الناس، هل يمكن مثلا أن نسأل نزار قباني لماذا بقي محصورا في شعر المرأة؟، أو أن نسأل مفدي زكريا لماذا ارتبط بأمجاد الجزائر؟ أوأن نسأل جورج قرداحي لماذابقي في برامج المسابقات، ولم نشاهده في برنامج ما يطلبه المشاهدون؟. أنا أؤمن بالتخصص، ولذلك لن أجد نفسي في برنامج اقتصادي وأنا لا أعرف الحساب، ولا في برنامج رياضي وأنا لا أعرف أسماء اللاعبين، ولا في برامج السياسة وأنا لا أعرف أسماء وزراء في " حكومات بلادي " المتعاقبة كتعاقب الفصول الأربعة. *كانت لك تجربة بالتلفزيون الجزائري، لو تحدثنا عن قصتك معه؟ -إذا كنتِ أنتِ قد عملتِ قبل التحاقك بجريدة "الحوار" في مجلة أو جريدة ما فهل معناه أن لك قصة معها؟. أنا ألخص " قصتي مع التلفزيون الجزائري" في التحاقي بهذه المؤسسة الرائدة كصحفي يوم 19سبتمبر 1987، ثم استقالتي في 10 أكتوبر 1993م، وخلال هذه السنوات الست كان التلفزيون محطة مهمة في مساري المهني، قدم لي خلالها فضاءه وقدمتُ له خبرتي وكفاءتي المتواضعة، ومنذ استقالتي من التلفزيون أنشأت مؤسسة إنتاج تعاملت من خلالها مع التلفزة الوطنية ومع عدد من القنوات العربية كمنتج وكمراسل إخباري، من بينها محطة mbc التي أنتجت لها برنامج خاتم سليمان عام 1995م، والتلفزيون السعودي كمراسل إخباري، ولم أعد للتلفزيون إلا سنة واحدة فقط (عام 2004) عندما كلفني المدير العام للتلفزيون آنذاك بإدارة الإنتاج، لأعود بعدها للإنتاج من خلال مؤسستي الخاصة. *هل صحيح أن رئيس الحكومة الأسبق بلخادم اقترح اسمك كمدير للتلفزيون، لكن المخابرات اعترضت عليك لأنك وصفت بأنك عدو لقضية الصحراء الغربية؟ -أولاً لم يحدث أن اقترحني السيد بلخادم مديرا للتلفزيون على الإطلاق، بل اقترحني الوزير الحالي للثقافة الأستاذ عز الدين ميهوبي لإدارة قناة القرآن الكريم عندما كان كاتب دولة مكلف بالاتصال واعتذرت عن الاقتراح لارتباطي آنذاك بعقد عمل مع قناة أجنبية كمراسل من الجزائر وباريس، ثانيا لا أعتقد أن للمخابرات الجزائرية علاقة بالنزاع الصحراوي المغربي المطروح أمام الأممالمتحدة، ولم يسبق أن التقيت بأفراد هذا الجهاز ولا بالاحتكاك بأي منهم. *وماهي قصة موقفك من قضية الصحراء الغربية؟ – في ذاكرتي الآن مع الأشقاء الصحراويين لقائي قبل عام بالرئيس محمد عبد العزيز في بيته، حيث أجريت معه حوارا مطولا عن نضال الشعب الصحراوي الشقيق في سبيل تقرير مصيره، بثته قناة "الشروق" ضمن سلسلة حوارات أجريتها بعنوان (الاتجاه الصحيح)، كما أتذكر الحوار الذي أجريته عام 2009 مع زوجة الرئيس السيدة خديجة حمدي، وهي أديبة وشاعرة ومثقفة من الطراز العالي، وبث على الجزائرية الثالثة، وكذلك لقائي العام الماضي بمختلف فعاليات الشعب الصحراوي الشقيق بمناسبة الاحتفال بذكرى 27 فبراير المصادفة لإعلان الجمهورية العربية الصحراوية، وكذا زيارة المجاملة التي أديتها بنفس المناسبة لزملائي في التلفزيون الصحراوي، أما موقفي من القضية الصحراوية فهو نفس موقفي من القضية الفلسطينية، ولا يمكن لأحد أن يزايد على أي جزائري حر تجاه مواقفه من قضايا التحرر في العالم. *يقال إن السفير الجزائري الأسبق في الأردن، هو الذي تسبب في توتر علاقاتك مع السلطة لأنه كتب فيك تقريرا ملخصه أنك أدليت بتصريحات معادية لقضية الصحراء الغربية، ما تعليقك؟ – أنا مؤمن بأن القضية الصحراوية هي قضية تصفية استعمار قوامها نزاع صحراوي مغربي تتولاه حالياً الأممالمتحدة ، ولا علاقة للجزائر به إلا في حدود علاقتها بالأممالمتحدة، ومن جهة أخرى لا أعتقد أن بإمكان أحد أن يطلع على تقارير ذات طابع دبلوماسي بين مصالح الدولة سواء أنا أوغيري، وبالتالي فأنا لم أطلع على شيء من هذا القبيل ل كن ما حدث في هذا الموضوع بالذات أنه في مأدبة عشاء جمعتنا في بيت السفير الأسبق للجزائر في عمَّان عام 2002 م (وهو الآن متقاعد) تناولنا بالحديث القضية الصحراوية في سياق إعدادي آنذاك لبرنامج حول الدعم العربي للثورة التحريرية، وقال لي السفير: عليك أن لا تنسى الحديث عن أشقائنا الصحراويين في الموضوع، فأخبرته أن الأمر يتعلق بمرحلة ما قبل ظهور حركة التحرر الصحراوية، ففهم أنني أعارضه الفكرة، وربما يكون قد كتب تقريرا في ما جرى أثناء النقاش، لكنني أؤمن دائما كمثقف بمبدأ " أنا مسؤول عما أقول، ولستُ مسؤولا عما يفهمه الآخرون من كلامي "، ولست ملزماً أن أثبت لأحد أنني أؤمن بالله، أو أنني أؤمن بحق الفلسطينيين في دولتهم وعاصمتها القدس المغتصبة، أو بحق الصحراويين في وطنهم وعاصمته العيون المحتلة، لأن مواقف الإنسان الحر لا تحتاج إلى برهنة ولا إلى إثباتات. * مؤخرا تشهد الساحة السياسية عدة تغييرات على سبيل المثال هيكلة المخابرات وإقالة كبار الجنرالات، لماذا يغيب سليمان بخليلي في التعليق على الأحداث السياسية؟ -لست من النوع الذي يهرف بما يعرف وما لا يعرف، مارستُ مهنة الإعلام كصحفي طوال ربع قرن (منذ 1987) ولم يحدث أن تطرقت بتعليق أوحديث لموضوع لا أملك معطياته، وإذا كتبتُ شيئا في موضوع ما فاعلمي أنني حصلت على تفاصيله ومن مصادره، أما أن أخوض في قضايا لا أملك معطياتها فهذا يتنافى مع مبادئ وأخلاقيات مهنتي كإعلامي. *رغم نجاح برنامج أنت القدوة إلا أنه وجهت إليك الكثير من الانتقادات لتقديمك العديد من الوجوه كقدوة على سبيل المثال بلحمر وبعض الوجوه الفنية والثقافية .. كيف تلقيت ردود الفعل؟ -أنا أقتدي بالشاعر العظيم أبي الطيب المتنبي عندما يقول: أنام ملء جفوني عن شواردها … ويسهر الخلق جرّاها ويختصمُ كغيري من المشتغلين بالإعلام، أحاول أن أقدم مادة ثقافية فكرية للمشاهدين، ولهم وحدهم إمكانية تقديم ما إذا كان فلان أو علان قدوة لهم، ولعل تلك الانتقادات ناتجة عن كون الناس يعطون لمصطلح "القدوة " بعدا دينيا وينسون أنها كلمة عربية معناها "النموذج" لا أكثر ولا أقل، وهذا هو المعنى الذي قصدته. *انتقدك البعض كيف تنظم مسابقة شعرية لمدحك على الفيسبوك، كيف جاءت الفكرة ولماذا؟ *من هذا البعض، الأمر لا يتعلق بمسابقة شعرية، بل بسجال شعري على شكل معارضة لقصيدة الشاعر الكبير محمد جربوعة، وإذا حدث ما تقولين، فمن المؤكد أن هذا ال " بعض " لم يتابع فصول السجال الشعري الذي بدأ عفويا، ولم يكن يخص المدح أوالهجاء، ولكنه يتعلق بفن شعري قديم اسمه " المعارضات الشعرية". *ماهو موقفك في الصراع الذي نشب بين الوزيرة لعبيدي ولويزة حنون؟ لا تعليق لدي، وأعتقد أن الكلمة للعدالة عندما تتنازل السيدة حنون عن حصانتها البرلمانية. *البعض استبشر خيرا باستوزار عز الدين ميهوبي وهو صديقك، هل تتأمل خيرا من عهدته أم تراه مثلما يوصف لا ينفع ولا يضر؟ -قد لا ينفع ولا يضر في ما يتصل بعلاقاته الشخصية، وهذا أمر نسبي في أوساط البشر يختلف فيه الناس بعضهم عن بعض حسب رؤاهم وطباعهم، أما في مجال عمل الأستاذ عز الدين كوزير، فهو مؤهل أن يقدم الكثير للساحة الثقافية الجزائرية إذا استطاع أن يغير طريقة العمل التي تنتهجها وزارته قبل عهده على اختلاف المستويات. * بعد غلق قناة الوطن كتبت على صفحتك على الفيسبوك موقفا فهمه الكثير أنك لست متضامنا مع قناة الوطن بل مع الصحفيين فقط، لماذا؟ – أعتقد أن من فهم هذا الفهم يتسم بقصور الفهم، لأنني لم أعلن إلا عن موقف واضح هو أنه كان ينبغي على الجهة التي أغلقت قناة "الوطن" بمبرر أنها تنشط في وضعية " غير قانونية " أن تشمل بالغلق كل القنوات التي توجد في نفس وضع قناة "الوطن"، حتى لا يفهم من غلق قناة محددة بمبرر يشمل بقية القنوات كيلاً بمكيالين، رغم أنني لست من مشاهدي هذه القناة، وأنا أخالف طريقة عملها على طول الخط، ولدي تحفظات "مهنية " عديدة في طريقة ممارستها للعمل الإعلامي، مع احترامي المؤكد لكل الزملاء الذين يعملون بها. *ما هي مشاريع الإعلامي سليمان بخليلي القادمة؟ -أحضر لإنتاج برنامج تلفزيوني يهتم بتحبيب الشعر للناس وترغيبهم فيه. *ما رأيك في تجربة "الحوار"، وبماذا تنصح المنتسبين إليها؟ – تجربة فتية لكنها طموحة، ولعل من يصنع ريادتها هو الإعلامي المحترف، الصديق محمد يعقوبي، لكن نصيحتي إليه أن يعتني بالجانب اللغوي، والتفكير في توظيف مدقق لغوي يوصل الجريدة إلى الانتقال من مرحلة الطموح إلى مرحلة الريادة، مع شكري وتقديري لهيئة التحرير ولقراء "الحوار".