في كل مرة تعطي الحكومة تعليمة صارمة ومستعجلة للولاة و رؤساء البلديات لإزالة الأسواق الفوضوية على مستوى كامل التراب الوطني، غير أن ذات التعليمة التي تتكرر كل سنة ومنذ أعوام لا يعتقد أنها ستفلح في القضاء على الأسواق الفوضوية و لم تمكن مسؤولينا من تطبيقها على أرض الواقع، لأسباب يربطها المواطنون بتقاعس السلطات عن تطبيق القوانين و يربطها رؤساء البلديات والولاة بغياب البديل و تعنت التجار، ما يطرح الكثير من الأسئلة في مقدمتها ما سرّ قوة هذه الأسواق الفوضوية؟، ومتى يتم القضاء عليها كليا، سيما خلال الأيام القليلة التي تسبق رمضان وخلال هذا الشهر الكريم، حيث تظهر بقوة أمام مرأى ومسمع المسؤولين، ومن يريد التأكد ما عليه سوى النزول على مستوى أحياء بلديات العاصمة. من حي لحي ومن بلدية لبلدية، من باب الزوار وتحديدا الجرف إلى ولاد فايت و بئر خادم ثم برج الكيفان وغيرها من البلديات لا ترى عين المتجول سوى تجار فوضويين حوّلوا الشوارع إلى أسواق فوضوية بل واستحوذوا على كل الأرصفة والشوارع بشكل لافت للانتباه، خصوصا خلال الأيام القليلة قبل رمضان وفي أيام الشهر الكريم. "الحوار" وقفت على مستوى كامل بلديات العاصمة وعلى السيطرة الكبيرة للتجار الفوضويين الذين أحكموا قبضتهم و هزموا الولاة ورؤساء البلديات وحتى الوزارة الوصية إن صح التعبير، سجلنا بالصورة والصوت أحياء تحولت إلى أسواق فوضوية مفتوحة على مصراعيها وشوارع بلا رعية ولا راعي، وكل تاجر ينضح بما فيه ويحدد السعر الذي يواتيه ويفرض القانون الذي يربحه. ويبدو أن القضاء على السوق الفوضوية لن يتحقق أبدا ولن يكون، سيما بعد التعليمة الأخيرة التي جاءت لإحصاء التجار الفوضويين من أجل ترسيم نشاطهم، وهي التعليمة التي أثارت سخط المواطنين إلا أنها في الوقت نفسه لم تحرك ساكن الولاة ولا رؤساء البلديات سواء بتطبيقها أو بعدم تطبيقها، الكل صيام في شهر صيام وما قبل.
* الأسواق الفوضوية قدر أحياء وشوارع العاصمة ويقول أحد المواطنين إن الأسواق الفوضوية قدر يلاحق أحياءنا ولن يفارقها مادام رؤساء البلديات يرفضون تقديم البديل، ومادام بعض المواطنين يرونها أفضل بكثير من الأسواق المنظمة قياسا بالأسعار المغرية التي يحددها التجار الفوضويون. وكشف العديد من المواطنين القاطنين ببلدية العاشور ، عن حاجاتهم الماسة إلى تجسيد مشروع سوق جوارية خاصة خلال شهر رمضان، مبرزين أنه بالرغم من الشكاوى والطلبات المتكررة من أجل تجسيد هذا المشروع المحرومين منه منذ سنين على أرض الواقع، إلا أن الوضع مازال كما كان عليه، كما أنهم مازالوا يضطرون إلى التنقل إلى المناطق المجاورة كبن عكنون ودرارية من أجل التسوق. كما اعتبر ذات السكان أنه بات من الضروري أخذ مطلبهم بعين الاعتبار من طرف الجهات المعنية، وذلك بتوفير سوق بلدي يخفف عنهم معاناة التنقل إلى البلديات المجاورة لاقتناء حاجياتهم اليومية. ومن جهتهم، طالب التجار الفوضويون الذين ينشطون بالحي من السلطات المحلية، ضرورة إدراج مشروع إنجاز سوق جوارية، وذلك لخلق مناصب شغل وتنظيم الأنشطة التجارية بالمنطقة، خاصة وأنهم مضطرون للبيع في الشارع بطريقة فوضوية. ولا يختلف وضع سكان أولاد فايت الذين عبروا عن حاجتهم الماسة لسوق منظمة خاصة خلال شهر رمضان، وهي السوق التي ستعفيهم من التنقل إلى المناطق المجاورة من أجل اقتناء حاجتهم، مستغربين في ذات السياق عدم التفات المسؤولين المحليين لهذا المشروع وتجسيده على أرض الواقع. ولعل مثلما يعتقد بعض المواطنين والتجار ورؤساء البلديات الذين تحدثوا ل "الحوار"، فإن غياب الأسواق والمساحات التجارية المنظمة والتي تمكّن التجار الفوضويّين من مزاولة نشاطهم بصفة شرعية حال دون القضاء على الأسواق الفوضوية، فيما ويؤكد سكان بلدية سيدي موسى على رئيس البلدية تجسيد وعده الذي قطعه معهم وإنجاز سوق جوراية لإنهاء معاناتهم مع التنقل إلى براقي وبومعطي لأجل التسوق، متسائلين عن الأسباب التي حرمتهم من هذه السوق. * أسواق فوضوية بالمقرية وتجار يشترطون إزالتها بتوظيفهم المتجوّل في الأحياء السكنية المتواجدة ببلدية المقرية لا محالة يلفت انتباهه وتلتقط أسماعه صوت التجار الفوضويين وسط الأحياء وعلى الطرقات والأرصفة التي يعرضون بها مختلف السلع كهربائية وخضر وفواكه على مرأى ومسمع المسؤولين المحليين. وحسب بعض السكان، فإن المقرية لن تتخلص من الأسواق الفوضوية المثيرة للإزعاج والقلق مادامت الجهات المسؤولة و في مقدمتها رئيس البلدية غير آبهين لأضرارها على صحة السكان ومظهرها الخارجي، متسائلين عن أسباب رفض المسؤولين إزالتها وتطبيق برنامج الحكومة الذي يعنى بالقضاء نهائيا على الأسواق الفوضوية على مستوى كامل التراب الوطني ومنها العاصمة. ويشدد السكان على الجهات المسؤولة ضرورة التعجيل في القضاء على هذه السوق الفوضوية باعتبارها باتت تشكل خطرا عليها بعدما أنعشت السرقات وحوّلت الأحياء إلى مفرغة للنفايات. بدورهم يستغرب بعض التجار الذين تحدثوا مع"الحوار" تذمر السكان وانتقاد تواجدهم بالبلدية، قائلين إن كل أحياء بلديات العاصمة تضم أسواق فوضوية دون اعتراض سكانها، وبأن من دفعهم إلى ممارسة النشاط غير التجاري، باستغلال الأرصفة وطرقات أحياء البلديات غياب مشاريع التنمية بالبلدية، وتحديدا غياب فرص العمل سواء من حيث إنجاز أسواق منظمة أو توظيفهم داخل البلدية. * سيطرة قوية للتجار الفوضويين على أحياء بئر خادم يبدو أن غياب المساحات التجارية المخصصة لتقنين نشاط التجار، قد دفع بالعديد منهم إلى عرض سلعهم بطريقة غير قانونية، والزائر لبلدية بئر خادم لا محالة يصطدم بالعدد الهائل للأسواق الفوضوية المنتشرة في الأحياء، ما يطرح الكثير من التساؤل حول دور البلدية في إزالة مثل هذه الأسواق الفوضوية. و أكد بعض التجار أن سوق البلدية بات في وضع كارثي غير صالح للاستغلال، حيث انتشرت فيه النفايات بشكل جد غريب حتى أن الروائح الكريهة باتت تنبعث منها، فضلا عن اهتراء أرضيتها، متسائلين عن دور البلدية في تنظيف هذه السوق وفي إعادة استغلالها لفائدة التجار الفوضويين وإعادة النظام للبلدية بعدما تحولت إلى سوق كبيرة للتجارة الفوضوية. * مطالب بإعادة فتح أسواق الفلاح كما استفسر مواطنو مختلف بلديات العاصمة عن سبب إغلاق أسواق الفلاح وعدم فتحها، خاصة وأن غلقها ترك الغموض لدى العديد منهم بسبب الدور الهام الذي تلعبه وحاجة السكان الماسة إليها خاصة في المناطق التي لاتحوي أسواقا أو التي تعرف زحمة فيها، ماجعل الحل المناسب بالنسبة لهم هو إعادة فتحها خاصة خلال شهر رمضان. كما اعتبر بعض المواطنين أن هذه الأسواق من شأنها القضاء على التجارة الموازية التي بالرغم من المجهودات إلا أنها حتى اليوم مازالت قائمة، وتوفير مناصب شغل للشباب لتكون تعويضا لهم عن طاولاتهم، ويكون لها دور في القضاء على البطالة. * رؤساء البلديات يردّون: "لم نفشل في إزالة الأسواق الفوضوية" رافع بقوة رؤساء بلديات العاصمة عن مصالحهم وعن دورهم وما يقدمونه للمواطنين من حيث المحاولات المتكررة للقضاء على الأسواق الفوضوية، وأكدوا أنهم بذلوا مجهودات كبيرة لإزالتها، غير أن عودتها باتت مرتبطة بتقديم البدائل على غرار توفير أوعية عقارية لإنجاز سوق منظمة، لافتين إلى أنهم لم يفشلوا في القضاء على الأسواق الفوضوية. وأكد رئيس بلدية سيدي موسى بخصوص الوضع، أن بلدية سيدي موسى ليست بالطابع التجاري كغيرها من البلديات المجاورة على غرار بلديات براقي والكاليتوس، وهذا ما يفسر عدم وجود أسواق جوراية بها، كاشفا على أن البلدية قامت بدراسة مشروع لتجسيد سوق بحي الرايس، للحد من معاناة المواطنين في التنقل. ومن جهته، كشف رئيس بلدية القبة، زهير بوسنينة، عن شروع مصالحه في إنجاز أسواق جوارية واستلمنا ثلاثة وبقي 3 آخرين، وصراحة لو كنا نحن من يستلم مداخيل البلدية لاستفدنا من ميزانية ثلاثة أضعاف الميزانية التي نحصل عليها. هذا، وأكد جمال عيشوش، نائب رئيس بلدية بئر خادم، أنه تمّ حل مشكل سوق البلدية، وذلك بفضل تدخل والي العاصمة الذي قام بتحويل القطعة الأرضية المتواجدة على مستوى حي عزام مهدي، حيث قامت مصالح البلدية بتخصيصها لإقامة مشروع حظيرة السيارات وكذا سوق بلدية تضم 400 طاولة، كما خصص له غلاف مالي يقدر ب150 مليار سنتيم، وقامت البلدية بتخصيص حوالي 50 مليار سنتيم لتنطلق الأشغال به قريبا. في حين أفاد من كمال كينا، النائب المكلف بالمالية، ل" الحوار"، حول المشاريع المتعلقة بالأسواق الفوضوية، عن تهيئة" مارشي 12″ داخليا وخارجيا على أن تنتهي الأشغال قبل جوان المقبل، فيما سيتم إنجاز سوق ثان هو سوق "محمد رومي" تم برمجة إنجاز سوقي "جبالي 1 و 2″، أما المكلف بالشؤون الاجتماعية ببلدية وادي السمار، السيد شاوش، فأكد ل"الحوار"، أن غياب الأسواق المنظمة سببه نقص العقار. بدوره، قال رئيس بلدية باب الزوار ل" الحوار": "مصالح بلديتنا لم تفشل في القضاء على الأسواق الفوضوية والخلل لا يكمن في مصالحنا وإنما في البائعين الذين يصرون على عرض منتوجاتهم خارج السوق ما يسبب الفوضى ويجعل السكان يوجهون أصابع الاتهام لمسؤولي البلدية"، مضيفا :"هناك سوق بحي اسماعيل يفصح غير مستغل، لم لا يستغل، ونفس الشيء تقريبا على مستوى سوق الجرف الذي استغله إلا قلة من التجار، لماذا وهل من وسيلة لإلزام التجار الفوضويين على استغلال هذه الأسواق". وبحسبه، فإن "انتشار الأسواق الفوضوية يوحي للعيان بأن هذه الأسواق غير مستغلة، وأعتقد أن المسؤولية الكبيرة يتحملها المواطن الذي يعتبر الزبون الأول لأصحاب الشاحنات الذين لولا إقبال الناس عليهم لما وضعوا سلعهم بالخارج واضطروا لدخول السوق المستغلة"، خالصا بالقول وردا على سؤال الحوار" حول عدم استغلال سوق حي 2068: "أرفض هذا القول بأن الأسواق غير مستغلة كما ينبغي، لأن السوق الجوارية بحي 2068 مسكن، الذي يحتوي على 80 محلا وموزع بين طاولات ومحلات مستغل من أصحابه".
* الولاة المنتدبون ل"الحوار": "نحن في حرب مستمرة مع الأسواق الفوضوية"
وأكدالولاة المنتدبون ل"الحوار"، أن السلطات المعنية لم تكف عن القضاء على الأسواق الفوضوية، وهي في حرب مستمرة معها إلى أن تزيلها نهائيا. وقال الوالي المنتدب لبراقي، محمد دحماني، ل"الحوار":"السلطات في حرب مع الأسواق الفوضوية، و على سبيل المثال، قريبا سيتم إزالة السوق المتواجدة على مستوى حي سعيد يحيى"، في حين صرح الوالي المنتدب للدار البيضاء، مولود شريفي، ل"الحوار"، بأن" إزالة الأسواق الفوضوية أصبح عملا يوميا سيما على مستوى بلدية باب الزوار ، فقد قضينا على سوقي السبت والثلاثاء، أما الجرف فعجزنا عن ذلك لأنه سوق متنقل يعرض السلعة صباحا فقط".
* الناطق الرسمي لاتحاد التجار والحرفيين الحاج الطاهر بولنوار ل "الحوار" يجب إعادة فتح أسواق الفلاح والأروقة للقضاء على الأسوق الفوضوية من جهته، كشف الحاج الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي لاتحاد التجار والحرفيين، في اتصال ب"الحوار"، أن هناك أكثر من 2000 نقطة بيع فوضوية على مستوى التراب الوطني، يتزايد نشاطها خلال شهر رمضان الكريم، ولأجل القضاء على هذا النوع من التجارة يجب إنجاز العدد الكافي من الأسواق الموازية على مستوى بلديات العاصمة. وأكد الحاج الطاهر بلنوار، أنه بالرغم من النقص الكبير في الأسواق التجارية والمحلات، إلا أن العديد أسواق الفلاح والأروقة لا تزال مغلقة، كاشفا أنهم راسلوا وزارة التجارة في العديد من المرات من أجل إيجاد حل للوضع وإعادة فتحها واحتواء في الوقت نفسه مشكل الأسواق الفوضوية والرفع من مداخيل الخزينة العمومية، إلا أن الجهات الوصية لم تحمل مقترحنا على محمل الجد. كما أرجع بلنوار غلق بعض المساحات في العاصمة وعدم استغلالها بالرغم من حاجة المواطنين إليها، إلى البيروقراطية وتداخل الصلاحيات بين الهيئات المحلية والمؤسسات العمومية، وغياب التنسيق بين المصالح التجارية والهيئات المحلية، مطالبا رؤساء البلديات بضرورة تسوية وضعية المساحات الشاغرة لإيجاد بديل للأسواق الفوضوية وتنظيم التجارة وحماية القدرة الشرائية للمتسوقين.