رغم تعليمة وزارة الدّاخلية، التي تنفّس لها المواطنون الصّعداء مع بداية موسم الاصطياف، لا تزال أغلب الشواطئ ترزح تحت قبضة مافيا الشّواطئ، الذين يفرضون سطوتهم ويخضعون المصطافين لمنطقهم الخاصّ، بعيدا عن سلطة القانون. أبدى أغلب المصطافين استياءهم من وجود من يجبرهم على الدفع ككلّ سنة، رغم التعليمة التي تنص صراحة بمجانية الشواطئ، والصادرة عن وزارة الداخلية، غير أن الواقع مخالف تماما، فالشواطئ واقعة تحت رحمة أصحاب العصيّ، وبدل أن تستغلها السلطات في توظيف شباب يعملون تحت إمرتها وتستثمر فيها، تركتها كالعادة لشباب يستغلونها ويستنزفون جيوب المواطنين دون وجه حق.
وكل ما يخسره هؤلاء، هو تثبيت، مظلاتهم بالقرب من الشواطئ ومراقبة الداخل والخارج، والاستثمار في الكراسي الشاطئية الخردة، وبقايا مظلات صيف من الأعوام الماضية، وحتى ولو لم يستغل المصطاف شيئا من بضاعتهم، يضطر أيضا لدفع إتاوة استغلال الشاطئ دون وجه حق، بحجة التنظيم وتوفير الأمن والراحة والنظافة بدون أي اعتماد، إلا أن الحقيقة أنهم يدفعون إتاوة لترسيخ هيمنة "البلطجية" الذين أحكموا قبضتهم على جل شواطئ الوطن.
* مجانية الشواطئ.. حبر على ورق
احتار أغلب المواطنين الذين قصدوا الشواطئ هذه الأيام، تزامنا مع الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، من عدم تطبيق تعليمة وزارة الداخلية، والذي أعلنت عنه منذ انطلاق الموسم، فلا أثر على أرض الواقع للدخول المجاني للشواطئ، ولا لحظائر السيارات المجانية، وكل شيء له ضريبته، الدخول بمقابل والشمسيات والكراسي والموقف، كل شيء يخضع لموقف فوضى الاستثمار العشوائي التي تفرضها جماعات من الشباب الخارجين على القانون، والذين يسببون قلقا ومخاوف للمواطنين كالعادة.
ومرة أخرى، تسقط تعليمة الداخلية ووالي العاصمة عبد القادر زوخ، بخصوص مجانية الشواطئ وتهيئة المرافق التي تضمن راحة المصطافين وتوفير الأمن، عرض الحائط، الأمر الذي كشفته جولتنا المجانية عبر شواطئ العاصمة، التي تعج بالفوضى والخروقات والتجاوزات للخطوط الحمراء، التي رسمتها السلطات لموسم اصطياف آمن وبدون مشاكل ولا هيمنة من أحد.
استنتاج نخرج به عند أول جولة تقودنا لشواطئ العاصمة، حيث اطلعنا بالشاطئ الغربي لسيدي فرج على الواقع المر، الذي يفرضه هؤلاء المستثمرون المغتصبون للشواطئ عنوة وبدون تكليف من أحد، فالمصطافون هنا وفي أغلب شواطئ العاصمة يدفعون ضريبة استغلال الشواطئ، فتنصيب الشمسيات التابعة لهؤلاء المستثمرين الموسميين يكلف المواطن ما بين 300 إلى 500دج، يضاف إليها ثمن الكراسي والطاولات ب 600 دينار، إلى جانب ضريبة ركن السيارات، وإن كانت غير قانونية والتي لا تنزل عن 100 دينار مقابل لركن مركبته، أما من يتهرب من الدفع أو يماطل، فسيكلفه الأمر غاليا. يقول أحد المواطنين إن "الزوالي لم يعد له مكان في هذه البلاد، حتى الشواطئ التي هي ملك لكل الجزائريين، لم تعد كذلك، وفي كل عام يطمئنونا على الوضع، لكننا نصطدم بواقع مختلف تماما،فكل شيئ مدفوع الثمن، وثمنه مضاعف مرتين أو ثلاث."
ويضيف "هذا الوضع، هو الذي يدفع بأبنائنا إلى الذهاب للشواطئ الصخرية وغير مسموحة السباحة، هم يهربون من هذه الفوضى المستفحلة، التي أذهبت سحر التبحر في شواطئنا للأسف، البحر له سحره الخاص مع الهدوء، يفرغ النفس من كل الشحنات السلبية، لكن مع هذه الحال هو يزيدها، وصدقوني كلما أتيت وشاهدت الوضع، أضرب بعدها عن العودة حتى في عز أيام الحر، أفضل البقاء تحت المكيف، أحسن لي من هذه المناظر.
* 1400 دركي لتطهير شواطئ العاصمة من "المافيا"
في إطار تنفيذ تعليمة وزارة الداخلية والجماعات المحلية المتعلقة بمجانية الشواطئ، سخرت مصالح الدرك الوطني لولاية الجزائر 1400 دركي، لتنفيذ عملية تطهير شواطئ العاصمة من قبضة عصابات ومافيا الشواطئ نهاية الأسبوع الجاري، حسب ما أفاد به هذا السبت بيان للمجموعة الإقليمية للدرك الوطني بالجزائر. وشملت العملية الشواطئ الواقعة ضمن اختصاص الدرك الوطني للجهة الغربية والشرقية للعاصمة وأسفرت عن حجز 1003 كرسي، و264 طاولة بلاستيكية، و280 مظلة شمسية، و14 ماطلة سياحية. بعد أن اعتادت مافيا الشواطئ تأجير المظلات وملحقاتها (طاولات وكراسي) للمصطافين مقابل دفع مبالغ مالية تتراوح مابين 500 و1000دج، في الوقت الذي ينص فيه القانون على أن دخول الشواطئ مجاني، وبعد الجهود التي بذلتها السلطات العمومية، هل ستنتهي قبضة هذه المافيا، أم سيعود الوضع إلى ما كان عليه، مثلما حدث دائما، ومثل ما يحدث بصفة شبه يومية مع الأسواق الفوضوية، التي تخادع الأمن والسلطات وتعود ريما لعادتها القديمة بعد فترة قصيرة من الزمن. ح/سامية