بقلم: قادة صافي نهال طفلة في عمر الزهور تُقطف بوحشية مثلما قُطفت قبلها شيماء، وقُطف هارون والبقية الذين غُدروا في وطن أصبح الموت يتربص فيه بالأطفال، فضاق بهم بما رحب، سجناء أربعة جدران يلقون النظر من النافذة، يحسبون كل مار يتدثر في ثوب مختطف ومجرم يتربص بهم. فجيعة نهال نكّأت جراح الجزائريين فتذكروا هارون وإبراهيم ويونس، وتذكروا البنت شيماء التي قتلت بوحشية، نهال هي الأخرى تغادر لتلحق بركب البراءة المغدورة، رحلت لتخبر صهيب وياسر بفجيعتها الأليمة، وتهمس في آذان شيماء وابراهيم وهارون أنّ جلادهم لا زال ينعم بالحياة، باسم الدفاع عن حقوق الإنسان واحترام المواثيق الدولية. ستسألكم نهال وسيسألكم بقية الأطفال لما تم وأدهم وهم صغار في أرض خير أمة أخرجت للناس إذا عثرت بغلة يُسأل عنها عمر، فمابالك بطفولة مغدورة، وبأم ثكلى تتقطر كبدها حرقة ويكاد قلبها يتفطر ألما من صبيها الذي اختطف وقُتل، ستسألكم نهال الرّاحلة مثلما سيسألكم بقية الأطفال، بأي ذنب تركتم جلادهم دون عقاب، وخففتم عنهم العقوبة، وأخذتكم به الرأفة، وهو الذي أعدم الطفولة وأعدم الابتسامة، وكذلك أعدم وطنا أضحى بالنسبة للأطفال مجرد رقعة ضيقة أينما يمموا وجوههم فيه تختطفهم يد الموت. وداعا يا نهال فإنّ في القلب غصة وفي الحلق حرقة، وفي العين ألف دمعة، وفي الوطن جرح ينزف لم يلتئم بعد مذ رحيل أول طفل مخطوف إلى يوم رحيلك، وداعا أيتها الملاك الطاهر، ليس لنا إلاّ كلمات المواساة نواسي بها أنفسنا ونواسي بها وطنا لا زال ينزف ولا زال يذرف، كل يوم يتوشح سوادا، وكيف لا وكل يوم يُخطف صبي وتثكل أمّ.