بقلم: رياض بن وادن لو نسأل عجوزا في الجزائر أو أي شخص آخر، رجلا كان أم امرأة..متعلما أو غير متعلم عن أحسن طبيب في رأيهم حسب تجربتهم، لكان الجواب: أحسن طبيب هو ذلك الشخص الذي يقدم للمريض مجموعة هائلة من الأدوية، وستزيد العجائز عن هذا الجواب بشرط آخر بأن أحسن طبيب هو الذي يعطي للمريض مجموعة هائلة من الحقن!!. تعاملنا في الجزائر مع الأدوية تعاملا عنيفا، لأبسط مرض أو ألم نهرول بسرعة إلى أقرب صيدلي لشراء الدواء..وفي كل هذا خطر على صحة الجسم، لأننا بهذه العادة نعطِّل الجسم على أداء دوره، وهو المقاومة وتنشيط فاعلية الخلايا المُكلّف بذلك. وأسباب كل هذا ناتج عن ضعف ثقافتنا وجهلنا بعمل الجسم عموما وتنقصنا الثقافة العامة عن الأمراض وعن كيفية الاستطباب، كما أن عقلية بعض الصيادلة الذين أصبحوا يفكرون مثلما يفكر بائع الخضر والفواكه، ومثلما يفكر تاجر الشنط ساهمت بعمق في هذا الخلل، فالصيدلي عِوَض أن يكون بابا يطرق للشفاء أصبح بابا يطرق للعلل والموت ومزيد من الأمراض. يبدو لي بأننا أخذنا هذه الثقافة من الأوبئة التي انتشرت في شمال إفريقيا عبر مختلف الأزمنة والعصور لأسباب سياسية، حيث مات العديد بهذه الأوبئة، خاصة سكان المدن، ولهذا نجد في يومنا هذا أن سكان المدن أكثر تناولا للأدوية مقارنة بسكان الصحراء أو القرى البعيدة، فهؤلاء يتداوون أكثر بالأدوية الطبيعية. ولهذا لا عجبا عندما تحدّث الناس عن المكمل الغذائي ما يسمى "برحمة ربي" -وأنا شخصيا لا أفضل هذه التسمية- أسرع بعض مرضى السكري شفاهم الله وعافاهم إلى الصيدليات لاقتناء هذا المكمل الغذائي ورموا بدوائهم الأصلي خلف ظهورهم لاعتقادهم بأن ساعة الفرج قد نزلت عليهم، وهذا الخطأ هو نتيجة ضعف ثقافتنا حول الأدوية والأمراض وعدم تفريقنا بين المكملات الغذائية وبين الأدوية الصيدلانية!!. في الدول المتقدمة-للأسف أردد كثيرا الدول المتقدمة- لهم ثقافة واسعة وبُعْد نظر وحيطة وتخوف من كثرة تعاطي الأدوية، فقد يمرض شخص ويظهر عليه التعب والحرارة، وإذا ما أجريت عليه فحوصا ووجدوا بأنه لا يحتاج إلى دواء فأفضل نصيحة تقدم له هو أن يرتاح في البيت ويكثر من شرب المال حتى يشفى، لأنه لن يجد ذلك الصيدلي الذي يبيع له الدواء دون إذن من الطبيب!!. ثقافة الاستطباب ثقافة مهمة..تنقصنا كثيرا في الجزائر..ولو نعي عموما دور الجسم ودور الأدوية الكيماوية من المؤكد بأننا سنتطور صحيا وتكسب أجسامنا مناعة أقوى، وستقل وارداتنا من الأدوية التي تكلف أموالا باهضة، كما أننا سنقلل ولو بصفة جزئية من تحكم بارونات صناعة الأدوية بصحتنا وصحة أطفالنا، وسنتوجه أكثر إلى الاستطباب الطبيعي دون دجل طبعا.