* الدبلوماسية الجزائرية دبلوماسية عريقة والمملكة تعتز بالتعاون معها * زيارة الوزير الأول عبدالمالك سلال للمملكة كانت مثمرة
* السعودية ستستثمر 10 مليارات دولار خلال العشر سنوات المقبلة في الجزائر
* يقال إن الزيارة الأخيرة للوزير الأول عبدالمالك سلال إلى المملكة أعادت الدفء إلى العلاقات بين البلدين .. هل هذا الكلام دقيق ؟ – أعتقد أن هذا الكلام غير دقيق .. لأن العلاقات الجزائرية السعودية لم تكن يومًا باردة حتى يُعاد إليها الدفء من جديد، فالعلاقة بين البلدين الشقيقين كانت ولا تزال دائمًا علاقة مميزة وينتظر منها المزيد في المستقبل. أما ما يخص زيارة دولة الوزير الأول عبدالمالك سلال للمملكة فقد جاءت تتويجًا للعمل الدبلوماسي الدؤوب والرفيع بين البلدين، حيث يتطلع السعوديون إليها بأنها بادئة خير لكلا الطرفين، كما تمخض عنها الكثير من الاتفاقيات الإيجابية التي تخدم مصالح البلدين. ومن أهم ثمرات تلك الزيارة بناء شراكة إستراتيجية والتوقيع مع الحكومة السعودية على العديد من الاتفاقيات لاستثمارات سعودية في الجزائر قد تصل قيمتها لأكثر من 10 مليارات دولار على مدى 10 سنوات قادمة ابتداءً من عام 2017 م، تمثلت في الاستثمار بمجالات البتروكيماويات والصحة والتعليم والتدريب المهني والزراعة والسياحة والصناعات الحرفية والمعادن والنقل البحري والجوي والخدمات المصرفية والجمارك وغيرها.
* يعتمد الاقتصاد الجزائري والسعودي على مادة "النفط" ويعانيان نفس المشاكل، ألا يدعو هذا إلى المزيد من التعاون وتضافر الجهود ؟ – التعاون في هذا الإطار واضح، فالتزام المملكة ببنود اتفاق الجزائر القاضي بتخفيض إنتاج المنظمة إلى مستوى يتراوح بين32.5 و33 مليون برميل يوميًا سبقه تنسيق بين وزيري الطاقة من أجل تفعيل وإنجاح اتفاق الجزائرالتاريخي والذي نتج عنه مؤخرًا تثبيت الأسعار على نحو مرضٍ لجميع الأطراف. وبالمناسبة .. تتشابه رؤية المملكة والجزائرفي إيجاد مصادر تمويل بديلة بعيدًا عن النفط كمصدر دخل أول تحسبًا لأي تغيرات مستقبلية في أسعار النفط، فنجد أن الحكومة السعودية أطلقت رؤية 2030 والتي من أهم ركائزها أن تستطيع السعودية العيش بدون نفط بحلول عام 2020م، وتهدف الرؤية إلى زيادة الإيرادات غير النفطية إلى6 أضعاف من نحو 43.5 مليار دولار سنويًا إلى 267 مليار دولار سنويًا، كما تهدف إلى زيادة حصة الصادرات غير النفطية من 16٪ من الناتج المحلي حاليًا إلى 50٪ من الناتج. كما نجد أن الجزائر قامت أيضًا بعدة خطوات لتجاوز ذلك الهبوط في الأسعار مستقبلاً وذلك بإيقاف اعتماد اقتصاد البلاد على مبيعات الوقود ومشتقاته، ووضع الميزانية العامة لخدمة النمو الاقتصادي، مع إنشاء قاعدة صناعية وإنتاجية متينة من خلال تحسين مناخ العمل المؤسسي ودعم المنتج المحلي، والانفتاح الاقتصادي من أجل تصدير المنتجات والخدمات إلى الخارج وتسويقها.
* هناك سؤال يطرحه الكثير من الجزائريين وهو لمَ المملكة العربية السعودية متواجدة بقوة سواءً سياسيًا أو اقتصاديًا في الدول العربية بالشرق الأوسط، بينما نرى عكس ذلك في دول المغرب العربي وبالأخص في الجزائر ؟ – على المستوى السياسي ..لا شك أن المملكة تنظر إلى الدبلوماسية الجزائرية على أنها دبلوماسية رصينة وعريقة وذات مواقف ثابتة، تنتهج دائمًا لغة الحوار في حل المسائل العالقة، وتحرص على تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة، وتعتمد على بُعد النظر والتروي في معالجتها للقضايا التي تهم أكثر من طرف، ولذلك نرى التنسيق السياسي فيما بين البلدين حاضرًا في أكثر من نقطة التقاء تمس مصالحهما. أما اقتصاديًا ..فقد تمت مناقشة هذا الجانب مع الوفد الجزائري في الرياض وتحديدًا مايتعلق بالقاعدة الاستثمارية 51-49 التي تعتمدها الحكومة الجزائرية والتي تشكل عائقًا أمام المستثمرين السعوديين الراغبين بالاستثمار في الجزائر، مقارنة مع بقية الدول التي ذكرتها والتي فتحت للمستثمرين السعوديين آفاقًا استثمارية واسعة، وأؤكد لك أن المستثمرين السعوديين على استعداد للخوض في مشاريع استثمارية ضخمة في حال الوصول لاتفاق بهذا الخصوص.
* فيما يخص الأزمات المحيطة بالمملكة ولعل أبرزها الأزمة اليمنية، ماهي آخر المعطيات على أرض الواقع ؟ – لا تزال ميليشيات الحوثي الإرهابية والمخلوع صالح تمارس تجاوزاتها بمساعدة من إيران، والتي تقوم بتطوير القدرات العسكرية والصاروخية لتلك العصابات، وتمكينها من استخدام القوة التدميرية العالية، مما يهدد السلم والأمن والمقدسات الإسلامية والإقليمية بشكل مباشر، ومحاولاتهم الدائمة لتصدير مشكلاتهم مع الحكومة الشرعية باستهداف المناطق الحدودية للمملكة بشكل يومي. أما بالنسبه لليمن الشقيق فنحن في المملكة نرى أن أمن اليمن من أمن المملكة، ولن نقبل بأي تدخل في شؤونه الداخلية، أو مايؤثر على الشرعية فيه، أو يجعله مقرًا أو ممرًا لأي دول أو جهات يستهدف من خلاله أمن المملكة والمنطقة والنيل من استقرارها، وموقف المملكة من الأزمة اليمنية يتلخص بالمطالبة بحل سياسي وفق المرجعيات الثلاثة وهي (المبادرة الخليجية وآليات تنفيذها، ومخرجات مؤتمر الحوار اليمني الشامل، وقرار مجلس الأمن رقم 2216).
* ننتقل من جنوبكم إلى شمالكم، وبالتحديد إلى المأساة السورية التي طالت كثيرًا ويدفع الشعب السوري ثمن ذلك، أين السعودية من هذه الأزمة ؟ وماذا قدمت للسوريين ؟ – السعودية متابعة لكل تفاصيل هذه الأزمة، وتم الإعلان عن موقف المملكة في الجمعية العامة بالأممالمتحدة "الجلسة الخاصة عن الوضع في سوريا" بعد الانتهاء من مفاوضات مؤتمر جنيف 1 وجنيف 2 واشتملت على النقاط التالية: التطبيق الكامل والفوري غير المشروط لقرار مجلس الأمن 2139 / 2014، وأن يضطلع المجلس بمسؤولياته نحو اتخاذ الإجراءات اللازمة في حالة عدم الامتثال لهذا القرار . أن يتم الإعلان فورًا عن أسباب إخفاق مؤتمر جنيف 2 وتحديد المسؤول عن ذلك، وأن يتولى مجلس الأمن اتخاذ الخطوات الكفيلة اللازمة لتنفيذ قراره ذي الرقم 2118 / 2013 الذي ينص على نتائج مؤتمر جنيف 1 وعلى رأسها تأسيس السلطة التنفيذية الانتقالية المنصوص عليها في بيان جنيف 1 الصادر في 30 يونيو 2012. أن يتم تحديد المسؤولية عن الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية وجرائم الحرب وإحالتها فورًا إلى العدالة الدولية. ضرورة سحب المقاتلين الأجانب من سوريا. ضرورة إيجاد مناطق آمنة للمدنيين السوريين وممرات محمية تسهل وصول المساعدات الإنسانية للمحتاجين إليها. أما ماحدث مؤخرًا في مدينة حلب، فتابعت المملكة بقلق شديد المجازر البشعة التي تعد جرائم حرب ضد الإنسانية، وللأسف كل ذلك كان على مسمع ومرأى من العالم، كما قامت المملكة مؤخرًا بإجراء العديد من الاتصالات بالأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة والدول الشقيقة والصديقة لتؤكد لهم موقفها من الأزمة السورية وبأهمية اطلاع مجلس الأمن الدولي بمسؤولياته التي نص عليها ميثاق الأممالمتحدة، وواجباته في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وبأهمية التحرك الفوري لإيقاف تلك المجازر.
* تركيا حليف إستراتيجي للسعودية وهي من أكبر الداعين للتدخل عسكريًا في سوريا، ألم يكن ممكنًا تشكيل حلف معها لنصرة الشعب السوري على الأقل لتشكيل مناطق آمنة ؟ حرصت المملكة على تأمين مناطق إيواء آمنة للمدنيين السوريين، من خلال تأكيدها على سرعة تنفيذ قرار مجلس الأمن 2165 / 2014 بشأن إيصال المساعدات الإنسانية مباشرة إلى عموم سوريا بشكل فوري وبدون أي عراقيل، كما أكدت على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 الداعم لرفع الحصار عن المدن السورية المحاصرة، ووقف القصف على المناطق المأهولة بالسكان، والإفراج عن المعتقلين، ووقف الإعدامات، والتهجير القسري الممنهج الذي يؤدي إلى الإخلال بالمكون الديموغرافي للمجتمع السوري، كما أن لتركيا دور فاعل في المطالبة باتخاذ كافة الإجراءات التي ينص عليها القانون الدولي لوقف تلك العمليات.
* وصل إلى سدة الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية رئيس عنصري وأطلق عدة تصريحات عدائية تجاه المملكة، كيف ترون مستقبل علاقاتكم مع الولاياتالمتحدةالأمريكية في ظل تواجد الرئيس ترامب ؟ – العلاقات السعودية الأمريكية علاقات مميزة وتاريخية وإستراتيجية، ولا أعتقد أن مثل تلك التصريحات ستؤثر على متانة تلك العلاقات، كما نتطلع كسعوديين أن يتم التعاون فيما بين البلدين بالشكل الذي يحقق السلم والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط والعالم.
* ترامب بعث برسائل غير مطمئنة أيضًا لإيران فيما يخص الاتفاق النووي، كيف تقرؤونها ؟ – قراءتنا لم تختلف عن السابق، فنحن نريد أن نرى حلاً سلميًا للبرنامج النووي الإيراني، حلاً تتوفر فيه شروط التفتيش الحازم والمستمر للتأكد من أن إيران لا تنتهك بنود الاتفاقية، وتستفيد من برنامجها النووي في تحسين اقتصادها، وليس لمواصلة المغامرات في المنطقة، وإن حاولت إيران اختلاق المشاكل مع جيرانها فسوف نواجهها بحزم.
* إيران تتدخل في الكثير من الدول المحيطة بالمملكة، لماذا لا تفعل السعودية ذلك أيضًا؟ -حرصت المملكة على أن يعم الأمن والسلام منطقتنا، من دون التدخل في شؤون الآخرين، وكذلك حرصنا على عدم تدخل الآخرين في شؤوننا، فجعلنا منهجنا في سياساتنا الخارجية والتعاون الدولي مبني على الدفاع عن قضايا المسلمين، ومساعدتهم وضمان استقلال بلدانهم، والحفاظ على أنظمة الحكم فيها كما ارتضت شعوبهم، ونلتزم بمباديء حسن الجوار التي حث عليها ديننا الحنيف، وأكرمنا الله بخدمة ضيوف بيت الله الحرام، وننبذ العنف والتطرف والطائفية، أما إيران فيبدو أن لها وجهة نظر عكس ماذكرته.