أكد الدكتور محمد بغداد، أن خطاب المؤسسة الدينية الجزائرية، يواجه الكثير من التحديات الكبرى، التي ترهن مصيره في المستقبل، ويجعل من مصداقيته في مواجهة التحولات العميقة، التي يعرفها المجتمع خاصة، وأن أبرز هذه التحديات حسب المتحدث، تكمن في تكلفة تكيف هذه المؤسسة، مع اشتراطات الثورة التكنولوجية الاتصالية الحديثة. وخلال مداخلته في اشغال الملتقى الدولي الثاني، حول الخطاب الديني في وسائط الإعلام، المضامين والهوية المنظم بجامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، بالتنسيق مع وزارة الشؤون الدينية والاوقاف، إعتبر الدكتور محمد بغداد في مداخلته الموسومة ب (صورة خطاب المؤسسة الدينية الجزائرية في وسائط التواصل الاجتماعي)، اعتبر أن الخطاب الذي تنتجه هذه المؤسسة، يفتقد الى الكثير من عوامل التفاعل والاقناعي، كونه يستند إلى المقومات العلوية التوجيهية، التي تفرض الاتباع والانقياد متجاهلة المعطيات التواصلية الحديثة، التي أصبحت تتحكم في الانماط الاتصالية المؤثرة، وهي بذلك تتجاهل الكثير من الشرائح الاجتماعية، التي تحتاج اليوم إلى خدمات هذه المؤسسة، التي تجد نفسها اليوم في وضع لا تحسد عليه في مقابل الحاجات المطلوبة منها. وخلال تحليله لمضمون خطاب المؤسسة الدينية الجزائرية، أكد بغداد أن هذا الخطاب يحتاج اليوم إلى الكثير من الدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة، وبالذات الميدانية منها كون مفهوم المؤسسة في حد ذاته، بحاجة الى الكثير من الجهد لتحديده، وإبراز ابعاده ومساحاته اشتغاله، والأطراف المؤثرة فيه والظروف المساهمة في ادارته، وفي هذا الصدد، أكد بغداد ان المؤشرات الاولية تؤكد، أن هذا الخطاب يفقد إلى العديد من العناصر المشكلة لفاعلية الخطاب، في مقدمتها عنصر الانفعالية، الذي يحتاج توفر قدرات ومهارات مناسبة، لتحمل تكاليف التفاعل مع الرأي العام، الذي يتميز بالمزاجية وسرعة التقلب وكثرة عوامل التأثير والجاذبية. وخلال تعرضه لبنية خطاب المؤسسة الدينية الجزائرية، أشار بغداد في مداخلته إلى أن هذه البنية تتجاهل الكثير من المعطيات الواقعية، وفي مقدمتها النظرة إلى هويته ودورها وعلاقتها مع المجتمع، مما يجعلها تخلط في الكثير من الأحيان بين كونها مؤسسة خدماتية أو مؤسسة فاعلة في ديناميكية المجتمع، وتساهم في تطوره وسيره نحو المستقبل، وأن المجال يتطلب أننا امام مواطنين وليس أمام كفار ومسلمين، ومنحرفون ومستقيمون، وغيرها من المعالم التي تكون علامات لتصنيف المجتمع. كما أن انخراطها في عوالم شبكات التواصل الاجتماعي، بدا مترددا وغير خاضع لإستراتيجية معقولة أو رؤية واضحة في التعامل مع معطياتها، وما تفرضه من اشتراطات وسلوكات ومفاهيم ومهارات وأنماط فكرية وسلوكية، وهو الأمر الذي جعلها تتكبد خسائر كبيرة، ساهم في الكثير من الحاق الضرر بصورتها في المجتمع، وخاصة فقدانها لتلك القدرة الاستحواذية والهيمنة الجماعية، الاتجاه الذي يجعلها اليوم أمام ضرورة مراجعة نفسها وإعادة التفكير في أساليب تواصلها. وعند تناوله لصورة خطاب المؤسسة الدينية الجزائرية، في الواقع التداولي أشار بغداد إلى أن هذه الصورة خاصة في المستوى الذهني والشعوري، لا تزال تمتلك القوة العالية من الهيمنة والاستحواذ على المخيال الجماعي، وهي القوة التي تتطلب اليوم الكثير من الجهود والمهارات، يتطلبها الانخراط في عوالم شبكات التواصل الاجتماعي، التي أصبح من الحتمي الانخراط فيها، والتكيف مع اكراهاتها التي تفرض على المؤسسة الدينية الجزائرية، المسارعة نحو القبول بهذه الاكراهات والاستعداد لتحمل تكاليفها، وفي مقدمتها اعادة النظر في هوية المؤسسة، والدفع بها نحو الجوانب الخداماته والابتعاد عن الهيمنة العلوية، والقبول بالتداول اليومي والتفاعل الذي يأخذ في الحسبان الاجيال الجديدة وأولوياتها في العيش ونظرتها للكون، وعلاقاتها مع الاخرين، وقبل ذلك الاولويات الحتمية لهذه الاجيال. منال/ س