بقلم: الأستاذ قسول جلول إمام مسجد القدس –حيدرة– وتبعا للمعطيات العلمية تم رؤية هلال بداية شهر رمضان لسنة 1438 هجري يوم الجمعة 26 ماي 2017م، فريضة الصيام عبادة شرعها الله تعالى في وقت محدد من العام، لا يجوز أداؤها في غيره، الأمر الذي يحتم على المسلم معرفةَ الأحكام المتعلقة بدخول شهر الصوم وخروجه، حتى يؤدي هذه العبادة على الوجه المطلوب. دخول شهر رمضان يثبت بأحد أمرين: الأول: رؤية هلال رمضان، ودليل ذلك قوله تعالى في آية الصيام: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} (البقرة:185) وقوله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) متفق عليه. فإذا رأى مسلم عاقل بالغ عدل موثوق بخبره وأمانته، هلال رمضان فقد ثبت دخول الشهر، وتعيَّن على الناس الشروع في صيامه. الثاني: ويثبت دخول شهر رمضان أيضًا، بتمام شعبان ثلاثين يوماً، لأن غاية الشهر القمري أن يكون ثلاثين يوماً، ولا يكون أكثر من ذلك، وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهر هكذا وهكذا وهكذا -يعني ثلاثين يومًا- ثم قال: وهكذا وهكذا وهكذا -يعني تسعة وعشرين يومًا-)، أي أنه إما أن يكون ثلاثين أو تسعة وعشرين. فإذا كمل شهر شعبان ثلاثين يومًا، فمعنى ذلك أن شهر رمضان قد بدأ بلا خلاف، وأيضًا فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) متفق عليه. ولايصح لمسلم أن يصوم رمضان إلا إذا ثبت دخول الشهر، بل قد ورد الوعيد الشديد لمن صام يوم الشك، فيا ترى كيف نعرف دخول شهر رمضان؟ فإثبات الأشهر القمرية التي عليها مدار العبادات من صلاة وحلول أوقاتها، والصيام ودخول شهره، والحج وأشهره المعلومات …. وفي طريقة إثبات شهررمضان، فقد رأيتُ في تراجم بعض المحدثين في "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي، وفي غيره؛ أنه كان من عاداتهم الجميلة الحسنة أن يتسابق العلماء والقضاة والأعيان للخروج لرؤية هلال رمضان في المكان المحدد لذلك من بغداد يرون أن ذلك كان عملًا شرعيًا وقربة يؤجرون عليها؛ فهذا ماهو جار به العمل في دولتنا حيث يقوم المجلس العلمي لكل ولاية بتكوين لجنة من العلماء ومنهم علماء الفلك وبعض الجمعيات الناشطة في مجال علم الفلك والتنسيق مع السلطات المحلية وهذا لجميع أشهر السنة وتتأكد في رؤية هلال رمضان فتخرج هذه اللجنة إلى أحد المراصد المهيأة لهذا الغرض لرؤية هلال شهر رمضان؛ فيشترك الجميع في هذا المقصد الشرعي النبيل؛ يحتسبون الأجر والثواب؛ وبذلك يسهمون في طمأنة المؤمنين والمؤمنات؛ فإن بعض الناس يريدون أن يفسدوا فرحتنا برمضان ويشككون في الهلال فتطبيق مثل هذه السنة الحسنة من سنن المسلمين تجعل الرؤية خبرًا متواترًا تطمئن به النفوس ونأمن بذلك من الخطأ والاضطراب، وإن كان التواتر ليس شرطًا في هذا المجال، لكنه إذا حصل فهو أحسن. فأهلا َوسهلاَ ومرحباَ بك يا شهر الإيمان وموسم القرآن في هذه المناسبة الإيمانية المتكررة في كل عام، والمتجددة في كل حين. وحياك الله من ضيفٍ كريمٍ له في القلوب منزلة، وفي النفوس مكانة، لتكون بإذن الله فرصة مناسبة لتطهير النفوس من ذنوبها وخطاياها، ولتكون زادا َروحيا َمباركاَ يسمو بالأرواح إلى بارئها، فترتفع عن الأدناس، وتتخلص من الأرجاس، حتى تطهُر وتصفو، وترتقي وتسمو؛ فلا تنقاد للغرائز البهيمية ولا تستسلم للشهوات الحيوانية، وإنما تتعلق بأنوار الهداية الربانية وأهداب السُّنة المحمدية.