إن مرحلة انتقال الحركة الإسلامية السودانية من تنظيم إلى دولة هي عبارة عن حصيلة مجاهدات إستراتيجية ومناورات كلّلت في خاتمة المطاف بما عرف بالدولة الإسلامية في السودان. ويتحدث د. الترابي عن العقبات التي تحول دون قيام الدولة الإسلامية، وبالتالي انتقال الحركة الإسلامية من التنظيم إلى الدولة، وذلك بعد أن نضج الشكل الحركي للتنظيم المتمثل في الجبهة الإسلامية القومية، حيث يشترك هنا العلماء مع الصوفية كل على شاكلته في مقاومة الدولة الإسلامية وإن لم تكن المقاومة مقصودة أو معلنة ولكن من خلال الواقع والممارسة. إن الحركة الإسلامية في هذا الظرف الذي تحالفت فيه الصوفية مع المثقفين وتشكلت أحزاب سياسية عرفت بحزب الأمة والاتحادي، لا تستطيع في مثل هذا الظرف الحركة الإسلامية بلوغ ما تريد إلا عبر تحالفات توصلها إلى العمق الجماهيري، لقد وجدت الطليعة المسلمة في السودان نفسها في مثل هذا الموقف، فقدرت لأول عهدها السياسي أن الوصول للعمل الجماهيري غير ممكن إلا عبر تحالفات مضادة مع المجموعات الصوفية أو الفئات الاجتماعية المستندة عليها، غير أن هذا التكتيك أدى إلى انشقاق داخل الحركة الإسلامية ذاتها، إذ أن بعض المثاليين في قياداتها أخذ يرتاب في جدوى هذا المنهج باعتبار أنه يتضمن رجعة وتصالحا مع المذهبية التقليدية المحافظة، والتي ظلت تسود المجتمع الإسلامي السوداني وتتربع على هرم القيادة فيه طيلة سنوات الانحطاط، ورأوا في الجبهة الإسلامية الأصل الأول للدستور 1955م وجبهة الميثاق الإسلامي التالية 1965م، والتي تكونت جميعها لاستمالة القيادات المجتمعية التقليدية، وللتوصل من خلالها إلى القطاع العريض من الجماهير المسلمة لإيقاظها واستيعابها في التنظيم الإسلامي الحديث الذي تغلب عليه النخبة المتعلمة المتمركزة في المدن، رأي المثاليون في كل ذلك انتقاصا من المحتوي الفكري للحركة الإسلامية الحديثة. لقد أشار د. الترابي إلى هذا الظرف ظرف التحالف مع القوى المجتمعية التقليدية، ورأى أنه مثّل نموا طبيعيا للحركة الإسلامية السودانية غير متسرع لتبلغ الحركة الإسلامية السودانية مستوي من النضج لم يتهيأ لغيرها من الحركات الإسلامية " إن الظروف المحيطة بالحركات من حيث الخدمة والحرية تضطر الحركات لأن تتخذ نهجا متسرعا، ولكن رغم كل شيء فقد تيسر للحركة الإسلامية في السودان أن تنمو نموا طبيعيا نحو مستوى من النضج بما لا يتهيأ لثورة شعبية أو ثورة جماهير وحتى الثورة الإسلامية، فقد كانت في مرحلة النظر قبل مرحلة العمل، وفي الواقع تحاول أن تتكيّف لقيام دولة إسلامية، لأن الدولة الإسلامية كانت هي الهدف العام، في سبيل ذلك فإنها تجاوزت المركزية الحادة في قيادتها". هكذا يتبين المنهج الذي اتخذته الحركة الإسلامية في المرحلة الانتقالية، حيث هيأ لها الظرف نموا طبيعيا، كما هيأت لها المرونة قيادة تتشكل مع كل الظروف، كما وازنت بين المثالية العفوية وواقعية المجتمع التقليدي حتى تتمكن من الانتقال إلى مرحلة الدولة "جمهور الحركة الإسلامية الفاعلة ظل يتمسك بالنظرية القائلة إن التحول الإسلامي الكبير يستحسن أن يأتي عن طريق التدرج، وإن داعية الحركة الإسلامية كغيره من أصحاب النظر الاستراتيجي عليه أن يستشرف عالم المثل المطلقة العليا التي يدعو لها الإسلام، ولكن من جانب آخر عليه أن لا ينقطع عن أرض الواقع المتعين زمانا ومكانا ونسيجا اجتماعيا، إذ أن محاولة التوحيد بين المثال العام المطلق والواقع المخصوص المشوّه، هي الخطوة الأولى في طريق البعث الإسلامي وتجديد شعاب الحياة الإسلامية". يقول الدكتور التجاني عبد القادر: هذه الواقعية ضمن ما ورد بدستور الجبهة الإسلامية القومية، والذي يعقد الأمر أن الدولة الإسلامية لا تأتي في مجتمع مثالي حتى تقيم علاقة مثالية بينها وبين الحركة، يمكن أن نقول إن الحركة قد تتحول إلى مجتمع تذوب فيه وتندمس وتكون تنظيماتها هي تنظيمات المجتمع، ودورها إزاء الدولة هو دور الذي يختار الحكام وينصحهم ويضبطهم ويؤدي الوظائف التي لا يؤدونها. إن المؤسسات وهياكل الحركة قد أعدّت لتواكب مرحلة الدولة دون تسرع أو عجالة قد تقوض التجربة من أساسها "، نظرية التغيير الاجتماعي الذي ظلت تسير عليها الحركة الإسلامية في السودان هي نظرية لا تجنح ابتداء نحو المفاصلة والمصادمة، كما لا تجنح ابتداء نحو الثورة الشعبية الهوجاء، وإنما تندرج نحو كمالات الدين تدرجا تراعي فيه الظرف الواقعي وتتوسل له بإصلاح واستحداث البنى والهياكل والمؤسسات والعلاقات حتى تأزمت المواقف وانفجرت الثورة الإسلامية الشعبية، ألفت من خلفها رصيدا من التجربة ووفرة في القيادة المدربة، ونسيجا من العلاقات يضمن لها ألا تنتكس.. إن عتبة الانتقال إلى الدولة الأخيرة تتمثل في الجانب التطبيقي، وكيف يتنزل ما كان نظريا إلي واقع، فهذا هو الإشكال الذي تحدث عنه د. التجاني عبد القادر، إن الدولة الحديثة كجهاز هي في ذاتها كيان تابع في فلسفته وأجهزته وتقاليده للدولة الأوروبية الأم التي أنشأته، وهذا هو الجانب الآخر من جوانب إشكالية الانتقال بالمجتمعات الإسلامية نحو الحكم الإسلامي.
* الضباط الإسلاميون وقيادة انقلاب جوان 1989م يتحدث د. التجاني عبد القادر، عن كيفية الانتقال إلى النظام الإسلامي عبر مجموعة من العناصر العسكرية الملتزمة إسلاميا التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر بعير العلمانية، حيث كان الإعداد سلفا والتهيئة قد تمت عبر المراحل التي مرت بها الحركة الإسلامية. يتساءل بعض الناس، ويستغرب بعضهم، كيف استطاعت عناصر إسلامية عسكرية أن تصل إلى السلطة في السودان، مع أن المؤسسة العسكرية كانت إلى عهد قريب تعدّ أكبر رصيد يعتمد عليه علمانيو ما بعد الاستقلال ويوظفونه لصالح الطائفية وحلفائها في الداخل والخارج؟، ولكن الإجابة ستكون ميسورة إذا علمنا أن العلمانية قد انحسرت في الشريحة المتعلمة التي تعتمد عليها المؤسسة العسكرية انحسارا عظيما منذ زمن طويل، وإن العناصر الإسلامية في السودان لم تتمكن في قطاع اجتماعي كما تمكنت في قطاع المتعلمين الذين تخرجوا في المدارس الثانوية والجامعات، فلم تعد إذن معضلة أن يصل عنصر الإسلام إلى المؤسسة العسكرية، أو أن يلتزم بالإسلام من هو فيها أصلا، وإنما المشكلة هي أن أي عناصر إسلامية سوادنية أو غير ذلك تصل لموقع القرار في الدولة الحديثة سوف تقلقها في المقام الأول علاقات التبعية المذكورة، أو ستجد نفسها محصورة وبصورة تلقائية بين خيارين، إما أن تسفر عن توجهاتها وبرامجها معلنة استقلالها التام، ثم تعتمد من بعد الله على قدراتها الذاتية غير عابئة بالقوى الخارجية، متدرجا في الإفصاح متدرجا في الاستقلال مترفقا في العلاقات الخارجية، ويبدو أن ثورة الإنقاذ السودانية " مستفيدة مما انتهى إليه فقه الحركة الإسلامية في مجال التغيير"، قد فضّلت الخيار الثاني لأسباب موضوعية كثيرة ومعلومة، هكذا يبين د. التجاني عبد القادر النقلة الحاسمة للحركة الإسلامية السودانية من التنظيم إلى الدولة، وكيف أن القوات المسلحة هي التي نفذت الأمر عبر العناصر الإسلامية بها، وكيف أسفرت الحركة التي قادت إلى الحكم الإسلامي عن وجهها عبر خطابها الإسلامي، كما يذكر حيث كان العمل في أوله تدرجا دون إفصاح عن هوية من قاموا بالانقلاب خشية أن يصطدموا بالمشكلات من الوهلة الأولى، وقد حصر د. التجاني هذه الإشكالات في الآتي: " إن الدين قد صار يستغل لإشعال الحرب الأهلية في جنوب البلاد، وهي الحرب التي أراد الاستعماريون أن يتمسكوا بها "كفيتو" ينقضون به المشروع الإسلامي في السودان. إن مظهر القوة الإسلامية من حيث هو يثير المخاوف في العديد من الدوائر الإقليمية المحيطة بالسودان، أن القوة الاقتصادية الذاتية للسودان ليست في وضع يمكنها من الاستقلال الفوري، وطبعا كانت الحركة الإسلامية قد غلبت في القوات المسلحة بسبب آخر أيضا، هو أن القوات المسلحة كلها تستمد من المدارس والمدارس غلبت عليها الوطنية في الخمسينات من هذا القرن، وغلبت عليها اليسارية في الستينات، وغلب الإسلام في السبعينات من هذا القرن، ولذلك كان الضباط الذين تولوا السلطة إسلاميون بالضرورة، لأن المناخ العام كله كان إسلاميا، وهذا يظهر في انتخابات الخريجين الوطنية " الأولى اليسارية ثم الأخيرة الإسلامية "، ويظهر في اتحادات الطلاب وفي النقابات وفي كل شيء، وبذلك لما قامت الثورة كانت فتنة المقارنة والمقابلة بين ماهو عسكري وما هو مدني قد تم تجاوزها إلى حد كبير جدا. لم يعد خافيا على أحد أن الحركة الإسلامية هي التي نفذت الانقلاب العسكري في 30 جوان 1989، وعلى الرغم من أن مجلس قيادة الثورة التي يتكون من خمسة عشر عضوا بعض أعضائه لم يكونوا من المنتسبين إلى الحركة الإسلامية، إلا أن هذا لا ينفي أن الحركة الإسلامية هي التي نفذت هذا الانقلاب العسكري وأتت ببعض الضباط بالمجلس العسكري بعد التنفيذ لضرورة الموازنة العسكرية والجهوية، وهذا ما يبرر حل مجلس قيادة الثورة في العام 1983م لضمان تناسق سير العمل وعدم النشاز. ولاشك بأن السؤال الذي يطرح اليوم هو حول الخيار الذي اتخذته الحركة الإسلامية باستخدام الجيش في عملية التغيير والوصول إلى السلطة، وهل كانت الحركة تملك تصورا كاملا لثورة الإنقاذ الوطني، وكيف استطاعت أن تعمل على إنجاح الانقلاب في زمن لم تكن موازين القوى الدولية والإقليمية في صالحها؟. وطبعا يطرح مثل هذه الأسئلة من لا يعرف مسيرة الحركة الإسلامية في السودان، لكن من هو مطلع على مواقفها ما قبل الانقلاب العسكري سنة 1989 سيعرف أن الحركة الإسلامية في السودان جرّبت طرائق ثلاث في التعاطي مع الكتلة الحرجة في كل دولة من دول العالم، وهي المؤسسة العسكرية على اعتبار أنها قوة نوعية في الدولة): * ففي نهاية الخمسينات وبداية الستينات نهجت الحركة نهج التحييد السياسي للمؤسسة العسكرية ضمن "الجبهة الوطنية المتحدة"، التي استطاعت الإطاحة بالجنرال عبود، بعد ستة أعوام من المنازلة السياسية (1958-1964). وبفضل مساهمة الحركة في تلك الجهود أصبح لها ممثلا في الحكومتين الانتقاليتين اللتين خلفتا حكم الجنرال عبود، كما أصبح لها سبعة ممثلين في البرلمان في انتخابات 1965. * وفي بداية السبعينات لجأت الحركة إلى خيار غزو المؤسسة العسكرية من خارجها، أولا بالتحالف مع الأنصار في ثورتهم الشعبية المسلحة ضد النميري في مارس 1970، والتي انتهت بفاجعة عسكرية في جزيرة (أبا) مأوى الأنصار، وفقدت الحركة واحدا من أبرز قادتها في المعركة، هو الدكتور محمد صالح عمر، وثانيا ضمن "الجبهة الوطنية" المتمركزة في ليبيا، ولم تثمر تلك المحاولة ثمرات عسكرية تذكر، بل انتهت بفشل عسكري ذريع يوم 2 /7 /1976، لكنها أثمرت فوائد سياسية، قادت إلى المصالحة مع النميري. * وفي نهاية السبعينات وبداية الثمانينات تركز جهد الحركة على اختراق بنية الجيش داخليا، بعد أن تأكدت من وقوف قيادة الجيش في وجه المشروع الإسلامي، فكانت ثورة الإنقاذ فجر الثلاثين من جوان 1989 حصيلة "إستراتيجية التمكين" التي اعتمدتها الحركة على مدى عقد من الزمان. وكانت الحركة السودانية آخذة في الاعتبار كل هذه الطرائق بشكل متواز، وإن غلب عليها ترجيح طريقة معينة في كل مرحلة زمنية كما رأينا، فمحاولة الرشيد الطاهر الانقلابية الفاشلة ضد الجنرال عبود عام 1959 تدل على أن طريقة الاختراق الداخلي كانت حاضرة، رغم تركيز الحركة على التحييد السياسي حينها، كما أن طريقة القوة الموازية ظلت حاضرة، رغم التركيز على الاختراق الداخلي في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات، وتدل على ذلك مشاركة بعض التشكيلات الإسلامية شبه العسكرية – التي تدربت في ليبيا أيام "الجبهة الوطنية" – في ثورة الإنقاذ عام 1989، حيث "قامت بمهام تتعلق بالتأمين والاستطلاع في كفاءة، وخفض مظهر، بحيث لم تبرز في واجهة الأحداث إلا أذرع العسكريين المحترفين" . يقول الدكتور حيدر ابراهيم، في دراسته حول مرحلة التمكين للإسلام السياسي في السودان، إن الحركة الإسلامية في السودان حسمت موقفها من المشاركة السياسية بلا تحفظات، وهو أن تكون جزءا من الصراع حول السلطة نحو التمكين ونصرة الدين، فقد حدد الشيخ (الترابي) أولويات العمل الإسلامي، ورأى أن الحركة منذ منتصف ستينيات القرن: «قد استوت جماعة» وأصبحت «فاعلة في المجتمع»، ثم تنتقل الحركة ل: «مرحلة التمكن والاستخلاف حين تتولى الحركة قيادة المجتمع وتنصب في مواقع السلطان»، وهنا عليها أن تقوم بمهام العمل العام الصالح» إنفاذا لمشروعات التطهير والتحرير والتغيير نحو التي هي أقوم دينا وأصلح دنيا». ويواصل ابراهيم حيدر التوصيف، فيؤكد أن الإسلاميين طبقوا هذه الخطة بدقة كإستراتيجية في الأداء السياسي في مرحلة ما قبل الاستيلاء على السلطة في انقلاب 30 جوان 1989 ثم ما بعد ذلك أو فترة التمكين – حسب لغتهم، ففي الديمقراطية الثانية (1965-1969م) دخلت الحركة في تحالفات مع الحزبين الكبيرين التقليديين: الأمة والاتحادي، محورها: محاربة الشيوعيين وإجازة مشروع الدستور الإسلامي. وقد نجح الإخوان المسلمون في جر هذه الإحزاب إلى اتخاذ قرار بحل الحزب الشيوعي في عام 1966، ولكن لم تستطع تمرير الدستور الإسلامي بسبب الإصرار على قوانين الشريعة الإسلامية. فقد تكتل النواب الجنوبيون والقوى اليسارية ضد دينية الدولة، وحدث استقطاب حاد أدخل البلاد في أزمة سياسية، حسمت بانقلاب عسكري نفذته مجموعات يسارية، في25 ماي 1969. وكان الإخوان المسلمون أشد المتضرريين، فقد قطع الانقلاب الطريق أمام مخططاتهم، كما أنهم أصبحوا ملاحقين من قبل أعدائهم اللدودين، ولكن الحركة الإسلامية مارست أقصى درجات البراجماتية، ودخلت في مصالحة وطنية عام 1977 مع النظام. وأدى الشيخ (حسن الترابي) القسم كعضو في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، وتقلد عددا من المناصب، وكان مبررهم استغلال الفرصة لبناء الحركة، ولم يكن بناء الحركة هو المبرر الوحيد بل أن نميرى زعم أنه يريد إصلاحا ويريد تحكيم الشريعة ولم يكن يسع الحركة أن ترفض دعوته قبال اختبار صدقها من كذبها، ويقول (الترابي): «… والإيمان بأن لن يحصل أي إصلاح جذري وجدي إلا بتمكينها عبر الحرية المتاحة. عندما تتمكن الحركة اجتماعيا وثقافيا وسياسيا فستتولى هي تطهير المجتمع وتطبيق الشريعة وتوسيع الحرية والنهضة بالاقتصاد إلى آخر مصالح الشعب ومقاصد الدين». وبالفعل نجحوا في دفع (النميري) لتطبيق قوانين سبتمبر 1983 الإسلامية ( قوانين سبتمبر اسم يطلقه الشيوعيون والعلمانيون على التشريعات الإسلامية التي سنها النميرى حتى لا يقولوا نحن ضد الشريعة الإسلامية ). وقد أعترضت الحركة وأصدرت بيانات واستقال أبرز أعضائها د. حافظ الزاكي، رئيس القضاء لاحقا، رفضا للغلو والتجاوز في تطبيق بعض الحدود.