تشكل انخفاض قيمة الدينار هاجسا بالنسبة لكل الفاعلين في المنظومة الاقتصادية والسياسية في الجزائر، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي يعد تراجع قيمة العملة أحد أبرز انعكاساتها، مما جعل الجهاز التنفيذي يسابق الزمن من أجل وضع حلول ناجعة للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب. هذا التراجع الذي جعل الوضع المالي في الجزائر يسير في منحنى تنازلي، في ظل تحذيرات بعض الخبراء الاقتصاديين من التأثيرات السلبية التي سيشكلها انخفاظ قيمة الدينار، خاصة أن حكومة أحمد أويحيى قد أعلنت عبر مخطط عملها أنها لن تتخلى عن سياسة الدعم الاجتماعي. وفي قراءة لأسباب هذا التقهقر الواضح، يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمن مبتول أن أهم سبب أدى إلى هذا الوضع هو ضعف مردود الإنتاج والإنتاجية، على اعتبار أن المورد الأول في الجزائر هو اقتصاد المحروقات إلى غير ذلك من سياسة الريع التي تحدد احتياطات الصرف الخارجي، مضيفا أن قيمة الدينار مرتبطة بشكل غير مباشر وبنسبة 70 بالمائة مع المحروقات، وكسبب مهم أيضا -حسب ذات المتحدث- هو معدل التضخم، حيث أبدى تخوفه بعد قرار الجهاز التنفيذي الأخير تعديل قانون النقد والقرض وخاصة التمويل غير التقليدي، ولذا وجب تخفيض قيمة الدينار، وكحلول ناجعة يرفض عبد الرحمن مبتول أطروحة لجوء الحكومة إلى احتياطي العملة الصعبة معتبرا أن هذا الأمر لن يخلق حلولا حقيقية تهدف إلى السير بالوضع المالي في الجزائر إلى بر الأمان. أما وزير المالية الأسبق عبد الرحمان بن خالفة فقد قال ل "الحوار" إن ما حدث للدينار الجزائري لا يمكن أن يسمى انخفاضا لأن القيمة الخارجية له أو تسعيرته على المستوى الدولي تتغير بتغير تسعيرة العملات الأخرى، فعلى المستوى العالمي يشهد سوق المالية تغيرا يوميا، وبالتالي فإن قيمة العملة الوطنية ستتغير آليا. وفي سياق آخر، أضاف ذات المتحدث أن البنك المركزي في كل البلدان يسعر أو بوزن قيمة الدينار بالنسبة للعملات الخارجية كالدولار واليورو، وكعامل ثان يراه بن خالفة سببا في هذه الوضعية هو قوة الاقتصاد، وإنتاجيته، كما يؤكد أيضا أن ميزان قيم العملة الوطنية لم يعرف استقرارا، بل هو متأرجح ما بين الصعود والنزول، ولذا يجب تحليل الوضع انطلاقا من متوسط القيمة ما بين ستة أشهر إلى سنة. ليردف الوزير الأسبق أن قيمة الدينار لا تزال مرتبطة باقتصاد تنافسيته محدودة جدا. في حين، يرى الخبير الاقتصادي فرحات آيت علي أن الإشكال هو أن صادراتنا بالدولار ووارداتنا بالأورو بنسبة 45 بالمائة، مما يجعل السلع المستوردة بهذه العملة أكثر غلاء في السوق الوطنية في المستقبل، وهذا يحطم القدرة الشرائية للمواطنين واستثمارات الشركات التي تقاس بهذه العملة بالضبط، ولكنه يدفع الجباية الى الأعلى نظرا لارتفاع الوعاء الجبائي بالدينار، ويغطي بعض عجز الخزينة من جانب ويعطل الاستثمارات المحلية بالعتاد الأوروبي من جهة أخرى. مولود صياد