سارة بانة من المؤسف أن تكون القضايا التي ادعينا الانشغال بها خدمة للإنسان سببا في هلاكه، ومن المحزن أن تشوش الرؤيا إلى حد فقداننا قدرة تمييز الإنسان, ومن السيء أننا ننشغل بتطوير كل شيء ما عدا الكائن الذي نفخ الله فيه من روحه، والذي كرمه ليكون غاية الحياة وخليفته على هذه الأرض. حاولنا أن ننظم فتهنا في سراب مدقق, ومزقنا أرضا وخلقنا حدا ثم كتبنا عهدا سيئا على أنفسنا, وأشهدنا بعضنا بأننا فداء للجنسية والقومية والطائفية والهوية ونسينا أنها كلها مفاهيم بشرية يجب أن تتلاشى جميعها حين تحضر الإنسانية, ثم اعتقدنا وصدقنا أننا ملك للحدود والألوان والمعتقدات, ثم فجأة اختفى الإنسان منا وها نحن نحضر في كل قضية كائنات أخرى مسيسة ممزقة مقسمة إلى أجزاء والأجزاء منها تنقسم إلى أجزاء تكون وحدات ضعيفة وعلى رأي اليف شفق "الانقسام يؤدي إلى انقسامات…". ورغم كل هذا لا تزال الروابط الصلبة تتمرد على النظم التي تكاد أن تجعل منا كائنات مقيدة بلا معنى تنفلق نورا وقت الظلام المحيط, ولانزال نشاهد روعات الحب وصنيعه رغم أنف زمن يشتعل حربا وأوطان يظهر فيها كل شيء عدا الإنسان, وكأن شعاراتها تعاكس الحياة, فتمنح الإنسان هبة لخدمة أي جماد. وحسبنا أن نكون دعما لكل إنسان, و"إيمان" التي ظهرت في حلقة "افتح قلبك" تلخص مجازرنا في حق أنفسنا، وذنبها الوحيد أنها خاضت تجارب الحياة بعيدا عن المفاهيم المعقدة المختلقة والمفتعلة واختارت بإرادة منحها الله لها إنسانا وجدت فيه سكنا, لتكتشف بعد لحظات من الإنسانية البسيطة أنها تجابه نسيجا متكاملا لنظم تعاكس منطقها الجميل ورؤيتها الواضحة لحياة سوية, ولكنها لم تع جزءا من مبدأ نضال سامٍ أو ما يسمى بأسلوب "ساتياجراها " أي قوة الحقيقة, والتي تنتصر في أي كفاح إنساني. ومن الجبن أن لا نسمح لأنفسنا باستنهاض تلك الحقيقة، ومن غير الطبيعي أن لا تثير لوحة سامية لرجل وامرأة لم تفرق بينهما أعاصير وويلات الحياة, في حين أننا نصادف انفصالات يومية من أجل أتفه الأسباب, كما أنه من الكبائر أن تذهب دموع أطفال سدى في قضية حلها تذكرة من ورق. عفوا فإن كان الله أمر كل مخلوقاته بالسجود للإنسان, فمن أقل واجباتنا تسخير كل شيء من أجله, فإن تنصلنا لمثل هذه القضايا لا شيء بعدها يستحق منا أن نمارس من أجله شهامتنا ونخوتنا, فلتسقط كل الاعتبارات وليحيا الإنسان حيث كان.