تصريحات رؤساء الأحزاب والسياسيين والمسؤولين خاصة منهم الوزراء، لابد أن تكون على قدر عال من المسؤولية والعلم والمعرفة، وإلاّ عادت على أصحابها بالسلب، وعلى المواطنين بالمسخرة، مما يجعلهم في حالة من السخرية والتهكم من طرف الآخرين، تزيد في إحباطهم وسخطهم على الأوضاع وعلى المسؤولين، وبالتالي انكسار كلي للثقة بين المواطن والمسؤول، وانقطاع ما تبقى بينهما من أمل ورجاء..وربما ولعلّ!!. إن الحديث على أن الجزائر أفضل من دول شمال أوروبا فيما يخص الإعانات الاجتماعية، أو شيء من هذا القبيل تصريح ينم على أن قائله لا يعلم شيئا عن هذه الدول، وأنه خارج مجال التغطية تماما عند حديثه وتصريحه، كنت تمنيت لو كان ذلك صحيحا، لكن للأسف كل الأرقام والإحصائيات تدل عكس ذلك، ولهذا يجب على المسؤولين أن يستحوا من مثل هذه التصريحات، لابد أن ينتبهوا بأن العالم أصبح قرية صغيرة، فأدنى تصريح هنا أو هناك تلتقطه وسائل الإعلام بسرعة، فيصبحون في وضع لا يحسدون عليه، وبالتالي يعرضون كل الوطن للسخرية وللمزيد من النقد. لست أدري ما القصد من تساؤل الوزير الأول عن سبب هجرة الشباب والشيوخ والأطفال والنسوة على قوارب الموت إلى الضفة الأخرى؟ هل حقا لا يعلم أسباب ذلك؟ أم أنه يعلم الأسباب الحقيقية لكنه لا يقوى على ذكرها؟!. لقد اخترنا كي نكون دولة فاشلة، فهذا خيارنا ومحصلة سياساتنا، لكن ليس من حق المسؤولين استصغار وإنكار جهود الغير، التقليل من مستواهم بتصريحات أقل ما يمكن القول عنها إنها لا تصلح إلاّ للمقاهي، وليس في كل المقاهي!!. إن الاختباء وراء أننا أفضل من دولة ليبيا وسوريا وأن الناس تموت تحت الجسور في أمريكا..الخ كلام حبله قصير، حصنٌ هشٌ لا ينفع ولا يفيد يوم يجد الجد، يوم نجد أنفسنا وجها لوجه أمام صورتنا الحقيقية، أمام بشاعة منظرها لا قدر الله، إن لم نجتهد ونصحح أخطاءنا. لن تنفعنا سياسة الهروب إلى الأمام، الكذب المتكرر، كل هذا سينتهي، وأفضل شيء يمكننا أن نواجه به أنفسنا، هو النظر بكل شجاعة وصدق إلى حقائقنا، محاولة تصحيح ما يمكن تصحيحه، استثمارات أخرى، الاهتمام بالشباب، أن نعيد لكل قطاع خدماته، تقديم الأكفاء إلى مناصب المسؤولية في التخطيط والتسيير والتنفيذ، بالمختصر المفيد أن نصنع الأفراح قدر الإمكان ليعود الأمل لنكون يدا واحدة من أجل جزائر أفضل من دول شمال أوروبا، ولما لا، فلهم عقولا وأيدي ولنا مثل ذلك؟!!.