أعلن اليوم بالعاصمة الرواندية كيغالي، الانطلاق الرسمي لمسار التبادل الحر في القارة السمراء، كما تم الاتفاق على بروتكول استحداث المجموعة الاقتصادية الافريقية المتعلقة بالتنقل الحر للأشخاص، من أجل تنمية وتصنيع اقتصاد الفضاء الافريقي، وبإجماع 26 دولة إفريقية، وذلك خلال القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقي. إن انضمام الجزائر إلى مسار التبادل الحر الافريقي يطرح العديد من التساؤلات على المستوى المحلي، وفي مقدمتها البحث عن مدى إمكانية وقدرة المنتوج الجزائري اقتحام الأسواق الافريقية في وقتنا الراهن، وهل الشركات الاقتصادية الجزائرية مؤهلة لمنافسة نظيراتها في الدول المتطورة التي استثمرت في افريقيا، وهل مؤسساتنا تتوفر على معايير، وتستند إلى مرتكزات ودعائم بمقاييس عالمية تمكنها من فرض وجودها في هذه الأسواق كقوة اقتصادية تضاهي الشركات المنضمة إلى المنطقة الحرة الافريقية، وهل الجهاز المصرفي والمالي قادران على مواجهة السوق الافريقي الواعد، وهل مؤسساتنا التأمينية ستواكب حركية سوق التأمينات التي تنشط في المنطقة الحرة؟؟؟ أسئلة حملتها "الحوار" إلى مجموعة من الفاعلين في الحقل الاقتصادي وأساتذة جامعيين في التخصص الذين أكدوا أن الاقتصاد الجزائري ما زال يمشي بخطى متثاقلة، ويلزمه تحقيق الكثير من المعطيات للوصول إلى المنافسة الخارجية في شتى المجالات.
* منطقة تبادل الحر الإفريقية محفز للشركات الجزائرية في السياق، أوضح حسن خليفاتي، الرئيس المدير العام لشركة "أليانس للتأمينات"، أنه وبالرغم من دور الجزائر الأساسي في دعم القضايا الافريقية ومساهمتها في فض النزاعات وحل الأزمات القارة، الشيء الذي أكسبها هيبة على جميع الأصعدة بين دول القارة.. فإن مؤسساتها الاقتصادية بما فيها المالية والتأمينية لم تقو لحد الساعة على ضبط نفسها لدخول معترك هذه السوق في وقتنا الحالي، لكن أعود وأقول إن الجزائر ونظرا لبعدها القاري والإفريقي بات انضمامها يفرضه راهن القارة اليوم، وأيضا أضحى أكثر من ضرورة، فمن جهة لا بد من أن تعزز مكانتها في القارة، خاصة أنها المبادرة لإنشاء هذه السوق، ثانيا دخولها يجعل الفواعل الاقتصادية من شركات الإنتاج والمصارف والبنوك وشركات التأمين والنقل بأنواعه في مركز ضغط مما يجبرها على تحسين أدائها وتقديم منتجات تستجيب لمعطيات عالمية ومبنية على قاعدة اقتصادية تنافس بها المنتوج الأجنبي من السلع والخدمات.
* الجزائر شريك إفريقي بامتياز وعلى صعيد مماثل، أوضح الدكتور لزهر ماروك أن الجزائر شريك إفريقي بامتياز، وساهمت بشكل فعال في وتيرة تحرر الدول في القارة الإفريقية، كما لها مكانة مرموقة في السلم الدبلوماسي الافريقي، قدمت من خلاله دعما للدول الافريقية، كما رافعت لصالح عدم الميز العنصري بهذه القارة، ونموذج أمثل للتحرير والتحرر، لكن تبقى الجزائر ورغم كل ما حققته وما ستحققه على مستوى هذه القارة غير قادرة على التوغل في سوق التبادل الحر في القارة السمراء، وهذا مبني على العديد من المعطيات منها أنها لم تبني اقتصادها على دعائم صحيحة، في ظل غياب شبه كلي لاستثماراتها في القارة، ضعف شبكة المواصلات من الجزائر نحو الدول الافريقية، عدم تنظيمها لقمم إفريقيا للنظر في شؤون مستجدات القارة، ومن أجل الرفع من مستوى العمل وتمكيننا من ولوج هذه المنطقة بقوة فاعلة، على الجزائر العمل على التعزيز من خط الوحدة الافريقية الذي يمتد إلى لايغوس ويربط بين العديد من الدول الواقعة جنوبالجزائر من مالي والنيجر حتى الغرب الافريقي، لفتح المجال لتنقل الأشخاص ورؤوس الأموال والسلع والخدمات وإعطاء الدفع للحركية الاقتصادية، وكذا فتح فروع لشركات التأمين الجزائرية والمؤسسات المالية من مصارف وبنوك عبر دول القارة، وذلك من أجل مساعدة المستثمر الجزائري على نقل تجربته ومنتجاته وجعلها تتداول في أرجاء القارة الافريقية، كما يسهل عمليات الاستراد والتصدير من الجزائر نحو أعماق الفضاء الأسمر.
سوق إفريقيا لا يعني الموز والكاكاو.. بل قوة اقتصادية يحسب لها حساب من جهته، وصف الخبير الاقتصادي الدكتور مختار علالي مستوى المنتوج الجزائري بما فيه قطاع السلع والخدمات في وقتنا الحالي بالضعيف، والتفكير في المشاركة في المنطقة الحرة الافريقية ما زال مبكرا، ومنافسة السوق الخارجية ضرب من الخيال إذا بقيت شركاتنا الانتاجية تمشي بخطى بطيئة، ولم تبادر إلى تحسين الجودة والنوعية التي تعتبر مقياسا لرضاء المستهلك الافريقي، فلن نحقق نتيجة مرضية، صراحة -يضيف علالي- الجزائر متأخرة في العديد من المجالات الاقتصادية، فأغلب شركات الإنتاج الجزائرية غير متوافقة مع معايير إيزو، وشركات إنتاج السيارات ضعيفة، غياب النقل نحو الدول الافريقية وغيرها من العقبات التي تعتري دخولنا والتعامل مع غيرنا في مجال التعامل الاقتصادي، وعليه وحتى نضمن مكانة المنتج الجزائري في هذا الفضاء الذي يعد بالكثير، على مؤسساتنا الانتاجية الإلمام بالمزيج التسويقي وتحسين الجودة والأسعار، فلا بد -يقول علالي- أن ننظر إلى السوق الافريقية بأنها مساحة للمنافسة والاستفادة من التجارب الاقتصادية التي تنشط في القارة وفي مقدمتها الشركات الأمريكية والصينية والفرنسية، ولا ننظر إلى هذه السوق بمنطق التفكير القديم، أن إفريقيا الموز والكاكاو والمونغ فقط… بل تحولت إلى قوة اقتصادية يحسب لها حساب، ولا بد من أخذ تدابير احترازية، ولا نغامر بالدخول دون تحقيق المنافع. نصيرة سيد علي