كتب صاحب الأسطر بتاريخ الثلاثاء 27 ذو الحجة 1438، الموافق ل 19 سبتمبر 2017، مقالا بعنوان: " مالك بن نبي.. حقد أستاذ جزائري"، يردّ فيه على أستاذ جزائري اتّهم مالك بن نبي بجملة من الاتّهامات لمن أراد أن يعود إلى المقال، لكن يعترف صاحب الأسطر أنّه لم يردّ على نقطة ذكرها الأستاذ الجزائري، لأنّه لم يكن يملك يومها معلومات دقيقة حول تلك النقطة فأجّل الردّ عليها إلى حين توفّر المعلومة والمصدر. وخلال هذا الشهر، أقف على كتاب "les Carnets de MALEK BENNABI"، فترجمت المقطع أدناه، ب: " آخر رسالة لهتلر: 25. 04. 1959.. 432: أقرأ في جريدة "الأهرام" لهذا اليوم ترجمة آخر رسالة لهتلر التي كتبت في مخبأ Wilhelmstrasse ببورمان. هي صفحة مأساتي الشخصية منذ 1939 التي ذكّرتني مباشرة بالإنسان المنكوب التي دفعت ثمنها شخصيا، مع عائلتي، الجنون المستحيل. الفوهرر هتلر يروي خاصة كيف أنّ دبلوماسيته تمّ خداعها من طرف حكومة فيشي، وعوض أن تساعد الطبقة العاملة الفرنسية أن تقوم بثورتها والشعوب المستعمرة لتزيل قيد الاستعمار الفرنسي، تحالفت مع البرجوازية الفرنسية والاستعمار على الشعب. للأسف، إنّها الانتقادات التي كتبتها حين رأيت بعيني القيادة التي تمّ الاستيلاء عليها من طرف "الاحتلال الألماني" منذ اليوم المشهود 18 جوان 1940، حين أعيش في، 8 شارع bois sabot، النجمة النازية تمرّ تحت نافذتي، تعلن أنّ مدينة Dreux أصبحت تحت سيطرة القوات الألمانية. إنّه صباح "الحرية" بالنسبة لإنسان مستعمر مثلي، لكن عن قريب سيتبعها سراب… حيث رسالة هتلر التي أقرأها الآن بعد 19 سنة، تشرح الأسباب". ويفهم من هذا النصّ أنّ مالك بن نبي:
1. يعاتب حكومة "فيشي" التي رفضت أن تتعاون مع الشعوب المقهورة لاسترجاع سيادتها الوطنية كما هو الحال مع الجزائر.
1. ويروي بن نبي قصّته مع الاحتلال الألماني لفرنسا المحتلّة بتاريخ 18 جوان 1940، وقد كان شاهدا يومها على الاحتلال باعتباره كان يسكن في فرنسا.
1. ومالك بن نبي يرى الاحتلال الألماني لفرنسا من نظرة جزائري يعاني الاستدمار الفرنسي ووحشيته وهمجيته، ولم يكن ضمن تفكيره أن يقف مع محتلّ ضد محتل أو يساند محتل ضدّ محتل، وما يعنيه كجزائري أن يستغلّ الجزائر الفرصة للخروج من بطش الاستدمار الفرنسي.
1. ومالك بن نبي يعي جيّدا ما يقول، فهو يضع الحرية بين شولتين هكذا "الحرية" أي لا يؤمن أنّ الاحتلال الألماني لفرنسا المحتلّة للجزائر سيمنح الجزائر "الحرية" التي ظلّ يحلم بها كلّ جزائري، وليست بيد الاحتلال الألماني ولا بيد الاحتلال الفرنسي فكلاهما احتلال، ولا فرق بين احتلال واحتلال.
1. ويعتبر مالك بن "الحرية" التي نادى بها الاحتلال الألماني لفرنسا سرابا ولم يضع كلمة سراب بين شولتين، لأنّه يؤمن أن "الحرية" القادمة من محتلّ سواء ألماني أو فرنسي لا تعدو كونها سراب في سراب.
1. وما يلفت الانتباه في المقطع الذي قمنا بترجمته، أنّ مالك بن نبي يضع الاحتلال الألماني لفرنسا بين شولتين هكذا "الاحتلال الألماني"، ومالك بن نبي أديب قبل أن يكون مفكّرا يحسن جيدا اختيار كلماته بعناية فائقة، وقد يختلف المرء معه في بعض أفكاره وطريقة طرحها لكنه لا يمكن أن يخالفه من ناحية اختيار كلماته التي يختارها بعناية بالغة وبأسلوب أدبي رفيع.
1. فرنسا المحتلّة للجزائر والحاقدة على مالك بن نبي لم تتهمه بأنّه كان يتعامل مع الألمان، فكيف بجزائري يتّهم مالك بن نبي بما ليس فيه ولا منه. 2. مالك بن نبي لم يكن مواليا للاحتلال الألماني، كما أنّه ظلّ يقاوم الاحتلال الفرنسي للجزائر طيلة حياته وبما يقدر ويستطيع يومها، وكان لا يفرّق بين الاحتلال الألماني والاحتلال الفرنسي، وكان يطمع كغيره من الجزائريين أن تفتح نافذة "حرية" على الجزائر والجزائريين حين كانوا تحت الاستدمار الفرنسي..