كشف البروفيسور عبد الرحمن بلعيد ل"الحوار"،أن ما بين 20 إلى 30 بالمائة من الجزائريين مصابون بأمراض عقلية، منها الانهيارات العصبية التي انتشرت كثيرا في ظل نقص التكفل وعجز المراكز المتخصصة عن استيعاب الأعداد الهائلة من المرضى. تزامنا مع اليوم العالمي للصحة الموافق ل07 أفريل،نظمت مخابر"بيوفارم" المنتدى الثاني للأمراض العقلية والعصبية بحضور قرابة 200 أخصائي في مجال الصحة العقلية بفندق "الشيراتون"، من بينهم خبراء فرنسيون عرضوا تجاربهم ودراساتهم الميدانية وسلّطوا الضوء على جديد الأبحاث والاكتشافات الطبية في مجال الصحة العقلية. وفي لقاء خص به جريدة "الحوار"، أكد البروفيسور عبد الرحمن بلعيد بأن المنتدى كان فرصة للقاء خبراء فرنسيين ذوي خبرة كبيرة في مجال الصحة العقلية، أمثال البروفيسور "فوساتي" و"ميشال لوركال" و"نعمة الله جعفري"، مشيرا إلى انتشار مختلف الاضطرابات العقلية والعصبية في الجزائر، وعلى رأسها الانهيارات العصبية، الاكتئاب، الاضطرابات الجنسية، نوبات الصرع، ومرض فصام الشخصية. وأضاف بلعيد، أن هذه الأمراض لا زالت من الطابوهات في بلادنا ولا نتحدث عنها إلا نادرا، لكن مستوى الوعي تغير للأحسن لأن المرضى اليوم يأتون للمعاينة مقارنة بذي قبل. إلا أن المشكل الحقيقي بحسب البروفيسور بلعيد يتمثل في نقص الأخصائيين الذين بإمكانهم استيعاب العدد الكبير من المرضى، فالجزائر لا تحصي في هذا المجال أكثر من 1000 مختص وهو عدد غير كاف بالنظر إلى أعداد المرضى، حيث تحصي العاصمة لوحدها 80 ألف مصاب بمرض عقلي خطير، يعانون من نقص حاد في التكفل بسبب هجرة الأخصائيين إلى أوروبا وبالذات إلى فرنسا، حيث نجد أعدادهم في فرنسا مماثلة لأعدادهم في أرض الوطن بسبب انعدام التشجيع والإمكانيات. وأثار البروفيسور بلعيد في سياق حديثه ل"الحوار" أن العشرية السوداء فاقمت الأمراض العقلية والعصبية في الجزائر وسرّعت ظهورها في بعض الحالات، إلا أنها ليست السبب الوحيد، لأن الأمراض العقلية هي مزيج من العوامل الوراثية، النفسية والاجتماعية، مضيفا أن الجزائري لا يعاني من أمراض عقلية أو عصبية أكثر من غيره من شعوب العالم، فالأمراض الموجودة هنا هي نفسها في فرنسا وحتى في أمريكا، مشيرا إلى أن الانهيارات العصبية أكثر شيوعا وتطال 10 بالمائة من الجزائريين، بينما تبلغ نسبة المرضى العقليين ما بين 20 إلى 30 بالمائة، مشيرا إلى استقبال مصلحة الأمراض العقلية بالشراقة ما بين 100 إلى 200 حالة يوميا. ودق رئيس مصلحة الأمراض العقلية لمستشفى الشراقة ناقوس الخطر فيما يتعلق بنقص المراكز المتخصصة بقوله "إنها ترتكز في الوسط،ووجودها في المناطق الداخلية للوطن نادر مما يؤدي إلى انعدام التكافؤ في فرص العلاج بين المواطنين، ويبقى الأهم حسب البروفيسور هو وضع برنامج وطني خاص بالصحة العقلية وضرورة ضمان تكفل تام بالمرضى. بينما أكد البروفيسور الفرنسي "ميشال ليوكرا" أن الزيادة المفاجئة في الوزن لها علاقة مباشرة بتدهور الصحة النفسية للأشخاص، والتي تعد بوابة الإصابة بالاضطرابات العقلية، وكذا الإصابة بالالتهابات المزمنة التي تفسر علميا بأنها نتاج الوقوع في دوامة القلق والتوتر المزمن، وما هي إلا مقدمة للوقوع فريسة للأمراض العصبية والعقلية أيضا وعلى رأسها الفصام، مشير إلى أن ضغوط الحياة والمجتمع تلعب دورا مهما في تسريع الإصابة، خاصة إذا اجتمعت بالعوامل الوراثية. أما البروفيسور أمين بن يمينة الأخصائي بباريس، فأكد أن الإدمان هو أول عوامل الخطر للوقوع فريسة الأمراض العقلية بدءا من إدمان السجائر إلى الكحول، فالمخدرات بأنواعها لها علاقة وطيدة بالأمراض العصبية والعصبية، وهي نتيجة لعدم التكيف مع الحياة والمجتمع. حيث طالب بن يمينة بالتكفل النفسي والعقلي بهؤلاء المدمنين قبل الإقدام على علاجهم من الإدمان، مشيرا إلى وفاة 216 شخص يوميا بالولايات المتحدة وكندا بسبب الإدمان، حيث أن ما بين 38 إلى 51 بالمائة من المرضى عقليا لديهم سوابق إدمان والعكس صحيح. وحذر البروفيسور بن يمينة الشباب والمراهقين من استهلاك السجائر الإلكترونية المنتشرة اليوم في الجزائر لاحتوائها على نسبة من المخدرات تعتبر غير ممنوعة قانونا، إلا أن عواقبها وخيمة على مستقبل الشباب والمراهقين لأنها بوابة نحو الإدمان وبالتالي الأمراض العصبية والعقلية. سامية حميش