سيعتمد بنك الجزائر انطلاقا من شهر ماي الجاري نظاما جديدا فيما يتعلق برفعه لسقف ضمان الادخار لدى البنوك والمؤسسات المالية من 60 مليون سنتيم إلى 200 مليون سنتيم، كخطوة اتخذها البنك المركزي لاسترجاع ثقة المدخرين الصغار بالمؤسسات المالية، وضمان السيولة النقدية لدى هذه الأخيرة، فما أثر ذلك على الاقتصاد الوطني، وانعكاسه على آلية الاستثمار، والمودعين الكبار؟. إجراء البنك المركزي غير محفز لكبار المودعين وفي السياق قال الخبير الاقتصادي الدكتور دغمان زوبير في تصريحه ل "الحوار" إنه في البداية يجب التنويه أن استعمال القانون كأداة إصلاح أمر جيد وبالغ الأهمية، لكن ذلك يبقى غير كاف بالرغم من أن هذه العملية تساهم في تغطية احتياجات تمويل الخزينة، وتمويل الدين العمومي الداخلي أو تمويل الصندوق الوطني للاستثمار، حيث تبين انه ليست السلطة النقدية دائما مجسدة في البنك المركزي، ولكن قد تكون هيئة أخرى تابعة للبنك خاصة فيما يخص رسم الأهداف النقدية ومحاولة بلوغها، أما فيما يخص العتبة الجديدة للضمان المقدرة ب 200 مليون سنتيم هو الإجراء يعتبر في صالح المودعين الصغار، وغير جذاب لكبار المودعين ويعد عاملا محفزا على فعل الادخار في إطار شمول مالي واسع قائم على قواعد الأمن والثقة حيث يرمي إلى إرساء وتعزيز علاقة ثقة المودع في القطاع المصرفي وبعث حركية الشمول المالي، لاسيما مصداقية نظام تغطية التعويض، في إطار نظام مصرفي سليم وربحي، ويمكن أن ينجر على هذا الإجراء آثار سلبية على الاقتصاد ككل قد تؤدي إلى تراجع قيمة صرف العملة، ويشكل تأثيرا سلبيا على العملية الاقتصادية ككل، وذلك في حالة ما فقد المدخرون ثقتهم في العملة الوطنية أي الدينار الجزائري. وفي المقابل لابد ان ترتكز رؤية الحكومة على طباعة المزيد من النقود، وهذا سيدفع الى إقبال أصحاب رؤوس الأموال على الاستثمار لرخص أسعاره، فيزيد الإنتاج تبعاً لذلك. وبزيادة الإنتاج يزيد المعروض من السلع والخدمات، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار، الا أن هذه الدائرة صعبة التحقيق لان مناخ الاستثمار في الجزائر جد معقد ولا يشجع على استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وفي المقابل تبقى الاستثمارات الوطنية جد محدودة حيث ستواجه عوائق وصعوبات كبيرة على المدى البعيد لان احتياطي الصرف تدنى دون مستوى 80 مليار دولار. من جهته أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور بوزيان مهماه، أنه ينبغي التذكير بأن أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها ينبغي أن تصب ضمن مسعى تعزيز نظام ضمان الودائع المصرفية، من خلال تقوية وضع "صندوق ضمان الودائع المصرفية تسيره شركة ضمان الودائع المصرفية"، لأن هذه الأنظمة زاد الاهتمام بها واتسعت دائرة الأقطار التي تتطلع إلى تبنيها من خلال اتخاذ خطوات وإجراءات تشريعية وتنظيمية لحماية الودائع المصرفية للمدخرين لدى مؤسسات الجهاز المصرفي على اختلاف أنواعها ومسمياتها أي لدى البنوك الوطنية وفروع البنوك الأجنبية الناشطة بترابها. وفي فلسفة النظام المصرفي العالمي فإن ضمان الودائع المصرفية غير موجه لحماية فرد أو مؤسسة أو جماعة معينة، ولكنه موجه نحو المجتمع عامة وبصفة خاصة صغار المودعين وذلك لان صغار المودعين قد لا تتوافر لهم المعلومات الكافية عن المراكز المالية للبنوك التي يقومون لديها بإيداع مدخراتهم بها وعليه فإن نظام ضمان الودائع المصرفية يساعد هذه الفئة على إيداع ودائعهم في أي من البنوك وبأية عملة من خلال إرساء وتعزيز الثقة لدى المودع ووضع ميكانيزمات محيّنة لحماية المدخر، وأيضا تعزيز الأثر الإيجابي بتوسيع وعاء الادخار لدى المؤسسات المالية. وأغلب أنظمة ضمان الودائع المصرفية الموجود في العالم هي نظم فعلية بمعنى أن للمودعين حق قانوني بالتعويض، إلا أنه هنالك بعض الدول مثل الأرجنتين، يقول مهماه لا تتضمن أنظمتها إلزاماً قانونياً بالتعويض، وفي كل البلدان تقريبا يضيف المتحدث ذاته هناك إقرار بحدّ أعلى لحماية الودائع المصرفية بالنسبة لكل مودع، واستنادا إلى المتحدث ذاته في حديثه مع "الحوار"، فلا يوجد معيار موحد يتم تطبيقه على كل أنظمة "ضمان الودائع"، ولكن الميزة الأساسية المشتركة في معظم هذه الأنظمة هي أنها "حدّية للأعلى بخصوص عدد المودعين" أي أنها تغطي أكبر نسبة من عدد المودعين، ويرى ذات المتحدث بأن رفع رصيد صندوق تعويض المدخرين من 600.000 دج إلى 2 مليون دج في إطار ضمان الودائع المصرفية للمدخرين هو مستوى جيد ومقبول. * هذه التقنية قد تعيد الثقة بين الزبون والمؤسسات المالية على صعيد مماثل أوضح الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور هارون عمر ل "الحوار" في اتصال هاتفي، أن صندوق ضمان الودائع المصرفية هو آلية وضعتها الجزائر بعد أزمة الخليفة بنك التي عصفت بالجزائر وجعلت العديد من العملاء لا يجدون من يعوض لهم خسائرهم خاصة أن أصول البنك آنذاك كانت أقل من الاموال الدائنة، وهو ما عجل بإصلاحات كبيرة في القوانين المصرفية الجزائرية، يضاف إلى ذلك معايير الملاءمة المالية المعروفة بمعايير بازل التي تعتبر معايير عالمية على كل نظام بنكي أن يلتزم بها حتى يكسب الثقة من قبل المتعاملين الدوليين، لكن الذي حصل هذه المرة، يقول هارون هو رفع رأس مال صندوق ضمان الودائع لمنح ثقة أكبر للمتعاملين مع النظام المصرفي الجزائري، لكن الواضح أن الأمر لن يؤثر على الفكر الجزائري الذي يؤمن بفكرة "الشكارة" وأن الاحتفاظ بأمواله خارج الدائرة البنكية أسلم وأسهل للتعامل نظرا للمشاكل العديدة الموجودة في نظامنا على غرار ضعف التعاملات الالكترونية وبطء المعليات المصرفية المختلفة وانعدام التحويلات بالعملات الصعبة، إلا أن الأرجح. –يضيف- هارون أن بنك الجزائر قام بهذه التعديلات حتى تتلاءم مع الشروط الدولية التي تلزم البنوك المركزية ببعض الاجراءات لتفادي الاختلالات التي عادة ما تحصل في أوقات الأزمات. نصيرة سيد علي