نقول لمن أثار هذه المسألة إن الطريق التي تسير فيها قد عدنا منها! توالت الأسئلة حول هذا الموضوع: هل يصوم الجزائريون 40 دقيقة إضافية كل يوم؟ الجزائريون يصومون 20 ساعة زيادة عند انقضاء رمضان واستدلّ صاحب هذه الفكرة على ذلك بأن من يخرج من صلاة الصبح عندنا يجد الظلام ما زال مستمرا بينما يجد الصبح قد أسفر إذا صلى الصبح في الحرم المكّي.. أيعقل أن يكون هذا دليل يستدل به من ادعى أنه عالم ؟ ولكن هو يعلم منزلة من يقوم بهذه الرزنامة ولكن لا يثق فيهم ويشكك في أمانتهم وعلمهم، أي لا وجود لأزمة فتوى في الجزائر، ولكن هناك أزمة ثقة. نقول لم يعد التضارب في الفتوى وقفا على أحكام المعاملات ومسائل الأحوال الشخصية، بل إنه تعدى ذلك إلى تشكيك المسلمين فى أمور عبادتهم وشؤون حياتهم والتى كان آخرها ادعاء بعض من يتصدرون للفتوى من غير أهل الاختصاص أن موعد أذان الفجر المعمول به في الجزائر منذ عشرات السنين غير صحيح. إن الخلاف حول توقيت الإمساك وصلاة الفجر أثير منذ مدة طويلة، وقيل إن الفجر يؤذن له قبل موعده بربع ساعة أو ثلث ساعة، ومعنى هذا أن الذين يصلون فور الأذان يصلون الفجر قبل موعده، فصلاتهم على هذا النحو باطلة، ووفقا لهذا الكلام الذى قيل فإن الناس إذا علموا أن الفجر يؤذن له قبل موعده بثلث الساعة فإن لهم أن يأكلوا ويشربوا حتى وإن أذن المؤذن فى صلاة الفجر على اعتبار أن وقت الفجر لم يحن، والجزائري حريص على معرفة الحقيقة وخاصة إذا تعلق الأمر بدينه وبركن من أركان الإسلام وهو الصيام أو الصلاة فإن كان الكلام فيه يجب أن يكون بين أهل الاختصاص. أعتقد أن منشأ الخلاف ليس عند علماء الفلك مع احتراماتي لتخصصهم ولكن الخلاف بين الفقهاء والمذاهب وسبب اختلافهم يعود إلى الآثار والأدلة الواردة في هذا الموضوع عند الفقهاء وعلماء الأصول والمحدثين مثل ماهو موجود في مسائل فقهية أخرى يمكن التوافق بينها والجمع بين الآراء أو يعذر بعضنا بعضا. وقبل المناقشة نطمئن الجزائريين أن صيامكم وصلاتكم على الرزنامة الخاصة بمواقيت الصلاة صحيحة، وهي العاصم من الوقوع في الأخطاء التي يمكن أن تفسد صيام الصائم وتؤثر على صلاة القائم، علما أن الأسلوب المتبع فى حساب مواقيت الصلاة فى بلادنا يتفق من الناحية الشرعية والفلكية حسبما انتهى إليه رأي المختصين بعلوم الفلك وعلماء الشريعة، كما أن المواقيت الحسابية للصلاة والصوم صحيحة، وموافقة للمواقيت الشرعية التى نزل بها جبريل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالعلامات الطبيعية الواردة في الأحاديث الشريفة، وعلى الذين يقولون فى الدين بغير علم أن يتقوا اللّه حتى لا يضلوا الناس في دينهم. ولا داعى لطرح مثل هذه القضايا وهي من الأمور التي فرغ الفقهاء المختصون منها، فاللجنة المشكلة لهذا الغرض من الثقات يحملون في أعناقهم مسئولية صلاة المسلمين وصيامهم، يجب التزام الجزائريين للصوم والصلاة طبقا لهذه المواقيت، ومن هذا المنطلق ينطبق عليهم قول الله تعالى: ((وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ))سورة النحل، فإن قولهم يكون مقبولا ويجب العمل به، وتبرأ ذمة المسلمين عندما يلتزمون به، وتكون الصلاة والصيام مقبولتين عند الله سبحانه وتعالى، وللعلم أن أصل وقت السحور مأخوذ من قوله تعالى: "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" (البقرة 187) حيث تشير الآية كما هو في كثير التفاسير إلى أن الخيط الأبيض هو أول الفجر الصادق، والخيط الأسود هو ظلمة آخر الليل عند الفجر. يتبع الإمام جلول قسول