– غياب نص قانوني زاد من تفاقم الوضع – حرفة غير قانونية تدر المال لكل بطال – مليون سنتيم دخل أصحاب الباركينغ في اليوم الواحد أميار متهمون بالتواطؤ تعدت ظاهرة الاعتداءات في المواقف العشوائية كل الحدود بعد أن وصلت إلى حد ارتكاب جرائم القتل، وهذا في ظل غياب رقابة حقيقية تردع المتسببين فيها، كيف لا تستفحل هذه الظاهرة والسلطات المحلية تعجز عن تطبيق القوانين على أرض الواقع رغم التعليمات الصارمة التي أبرقتها الوصاية إليها، هذا ما يجعل جملة من التساؤلات تطرح نفسها بإلحاح. حرفة تدر المال ومهنة من لا مهنة له.. وفق المعطيات التي حازت عليها "الحوار" من خلال تواصلها مع بعض الشباب القائم بهذا النشاط، فإن الدخل الذي يحصلون عليه من هذه "المهنة" في اليوم الواحد يتراوح بين 4000 دج و10000 دج، وقد يتجاوز هذا الرقم بحسب المنطقة، فضلا عن مدة ركن السيارة، فهذا ما جعل -حسب تصريح عدد من المواطنين ل"الحوار"، أمس- أصحاب هذه المواقف يحددون مدة ركن السيارات ويسألون أصحابها عن وقت ذهابهم، فإذا كان الأمر يطول يتحججون بأن المكان محجوز، وأضافت المصادر ذاتها أن هؤلاء الشباب أصبحوا يفرضون دفع "الضريبة" بمجرد ركن مركباتهم، وبعد جمع مبلغ مالي معين يغادرون المكان دون حراسة السيارات حتى. مافيا "الباركينغ" تسيطر على كل المساحات والمرافق أصبحت هذه ظاهرة المواقف العشوائية تطغى على جل أحياء المدن الكبرى، يقوم بها شباب بطال على مستوى مختلف المساحات، والفضاءات الشاغرة وحتى على أرصفة الطرقات والمطاعم والمراكز التجارية، بالإضافة إلى الشواطئ والحدائق وغيرها من المرافق السياحية، ليحولوها إلى حظائر فوضوية لركن السيارات، يجبرون أصحابها على دفع مستحقات خدماتهم التي أصبحت في الوقت الراهن تأخذ طابعا إجباريا يلزم بأي طريقة الدفع أو مغادرة المكان، وقد يتجاوز الأمر ذلك ليصل إلى حد الاعتداء وتخريب السيارات. الإخلال بقوانينهم يؤدي إلى الموت.. وصل الأمر بممتهني هذا النشاط إلى وضعهم لشروط صارمة تلزم المواطنين أصحاب السيارات الامتثال لها، وأي إخلال بها يعني وابلا من الشتائم، وقد يصل الأمر إلى الاعتداء والضرب أو تحطيم زجاج المركبة وإتلاف السيارة،، كما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى استعمال أسلحة بيضاء قد تودي بحياة أصحاب السيارات إلى الموت. حراسة السيارات بالهراوات والأسلحة البيضاء تجاوزت هذه المواقف العشوائية جانب التنظيم فقد أصبحت مظاهر حمل "الهراوات" والعصي والأسلحة البيضاء توضح أن هذا النشاط لا يزاوله إلا معظم الشباب مدمني المخدرات، هذا ما بات يشكل هاجسا يؤرق كل المواطنين ويزيد من تخوفاتهم فيفضلون دفع تلك "الضريبة" بدل الوقوع في مناوشات لا تعرف نهايتها، هذه الظروف وبوجود أشخاص يدفعون بكل بساطة بسبب خوفهم أو لأسباب أخرى، شجع هؤلاء الشباب على تماديهم أكثر حتى جعلوا من أماكن ممنوعة للوقوف مواقف للسيارات. القانون يمنع هذا النشاط.. أما من الناحية القانونية، فقد أكد المحامي والناشط الحقوقي طارق مراح أن القانون يمنع من استغلال الشواطئ والمساحات الشاغرة وجعلها مواقف فوضوية، مؤكدا ان هذا النشاط مرفوض قانونيا، وفي إطار تنظيمه اقترح ان تقوم السلطات المحلية بتوفير أعوان لحراسة السيارات وفق إطار قانوني. وفي السياق، دعا مراح كلا من وزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير السياحة والصناعات التقليدية إلى إبراق تعليمة مشتركة على المستوى المحلي للحد من هذه الظاهرة، خاصة على مستوى المرافق السياحية والشواطئ، بالتزامن مع موسم الاصطياف، متهما في هذا الصدد رؤساء البلديات الذين يتعاونون مع هؤلاء الشباب، وذلك من أجل ان يصنعوا لأنفسهم درعا آمنا لقمع أي وقفة احتجاجية من قبل المواطنين المقيمين على مستوى بلدياتهم، بالإضافة إلى أنهم يستغلون هؤلاء الشباب من أجل تجديد عهدتهم ومساعدتهم في حملاتهم الانتخابية المستقبلية، يضيف المتحدث ذاته. الزوبير وغيره ضحايا "الباركينغ" وقد راح ضحية هذه الاعتداءات على مستوى المواقف الفوضوية عديد المواطنين عبر مختلف ولايات الوطن، كان آخرها مقتل الشاب العيسي الزوبير بعد الاعتداء عليه الأربعاء الماضي من طرف أصحاب حظيرة ركن السيارات في شواطىء بمدينة بجاية، بواسطة قضبان حديدية بعد رفضه دفع سعر قيمة الموقف المقدّرة ب 200 دينار جزائري، حيث قضى أزيد من أربعة أيام في الإنعاش ليتوفى بعدها. الإدارة المحلية تضرب تعليمات الوصاية عرض الحائط يستمر الوضع على حاله فيما يتعلق بهذه المواقف الفوضوية رغم تعليمات وزارة الداخلية والجماعات المحلية التي أمرت فيها رؤساء البلديات ومصالح الأمن بتطهير المدن والأحياء الكبرى من مافيا "الباركينغ" من خلال إجراءات بهدف إيجاد حل مقبول يعيد للحظائر قيمتها، وتحرر المواطنين من تهديدات أصحاب هذه المواقف. وهنا بدأت تطرح علامات التعجب والاستفهام، ليصبح شعار "الموت لمن لا يدفع" من شروط هذه "النقاط السوداء" التي عوضت العجز الفادح في مواقف السيارات. هجيرة بن سالم