يحياوي رفع مصلحة الوطن فوق طموحاته السياسية.. رحل في صمت.. من أجل الجزائر فقدت البلاد واحدا من رجالاتها الذين سيخلد التاريخ أسماءهم، العقيد المجاهد محمد الصالح يحياوي، هذا الرجل الذي أجمع رفقاؤه في النضال خلال التأبينية التي أقامتها "الحوار"، أمس، وفاء لتضحياته وتقديرا لجهاده وجهده في سبيل الوطن، وترحما على الفقيد، أجمعوا أنه مناضل القيم والمبادئ، وفارس اللغة العربية والهوية الوطنية، ورمز للشجاعة والمواقف الثابتة والمسؤول الذي اختار الصمت على المناصب من أجل المصلحة العامة للبلاد. /////////////////////////// طاهر يحياوي: خسرته الجزائر حيا ولن تخسره ميتا قال طاهر يحياوي، قريب المجاهد الراحلمحمد الصالح يحياوي، إن الجزائر خسرت محمد الصالح يحياوي حيا ولن تخسره ميتا، فهو رمز عظيم وشامخ من رموز الثورة، خدم البلاد بصدق وإخلاص، كان أسطورة جابهت الموت تحت رصاص العدو الذي استقر منه في جسده أكثر من ثلاث عشرة رصاصة ليطلق عليه اسم البطل الجريح. عاش النكران وظل عزيزا شامخا وأضاف طاهر يحياوي أن قريبه الراحل كان بصمته وصبره جبلا عظيما عاش ما عاش من ألم، ومن نكران، لكنه ظل عزيزا شامخا منتصرا لله والوطن في جميع مراحل حياته إلى غاية وفاته. وعاد قريب الفقيد للحديث عن أكبر جريح لثورة الجزائرية، الذي قال عنه إنه كان بإمكانه أن يذهب بعيدا، لكنه الوطني الغيور الذي لم يرض بالأذى للجزائر والشعب الجزائري، وقرر أن يصمت متنازلا عن حقه وصبر للظلم والألم من أجل الجزائر ومبادئ نوفمبر العظيمة التي علمت الرجال الصبر مهما كان الألم، وأن يكون الوطن هو القيمة الأعلى والهدف الأسمى، لذلك كان محمد الصالح يحياوي نموذجا رائعا للمجاهدين العظام. يحياوي باديسي نوفمبري حتى النخاع وعن تعليمه، قال طاهر يحياوي إن المجاهد الراحل تخرج في مدرستين اثنتين جعلتاه يجمع بين الوطنية والإسلام، يربط بينهما رباط صادق لا تراجع فيه، الباديسي الذي تخرج في معهد بن باديس من المدرسة إلى الثورة، وخريج مدرسة نوفمبر التي صنعت معجزات الشعب الجزائري العظيم. وإذا أردنا أن نعرف عمق شخصية إنسان فيجب أن نبحث عن مفاتيح هذه الشخصية، يحياوي تعلم على يد والده الإمام الشيخ عيسى يحياوي عضو في جمعية العلماء، ثم درس وتعلم على يد ابن باديس ودخل مدرسة نوفمبر واستقر فيها. وكان له كل الشرف أنه ابن هذين المدرستين الكبيرتين، يطول الحديث عنه ويتشعب، عاش في صمت لأنه عسكري، وطبيعة النظام العسكري أن الرجل يظل متكتما، هذا الأمر وغيره جعل الكثيرين لا يعرفون يحياوي المجاهد، الاستشرافي والمثقف العظيم، الذي كان صوت وحدة الثورة في جبال الأوراس، وكان يحرص على وحدة المجاهدين، وقد عاش هده التجارب في الاستقلال، وكان لآخر لحظة يريد أن يجمع بين الزبيري وبومدين لكي لا ينشق ولا يخسر الوطن أبناؤه، وكان دائما يكلم بومدين يقول إن الزبير ألح في مطالبه. وعن حواراته مع الرئيس الراحل هواري بومدين، قال طاهر يحياوي إن المجاهد الراحلمحمد الصالح يحياوي خاطب بومدين قائلا: "لقد عملنا معك بالموافقة وليس بالمشاركة، لسنا مقتنعون، وهذا الشيء ينبغي أن يتغير"، مضيفا أنه كان يريد أن يتغير الأمر بالحوار وبالطرق السلمية، ولم يكن راضيا أن يكون التغيير بالسلاح. إذا كتب لجبهة التحرير أن تموت فستموت واقفة وضمن مواقفه المتعلقة بجبهة التحرير الوطني، قال طاهر يحياوي إن المرحوم ظل مدافعا عن الجبهة ومنتصرا لها، وفي آخر تدخلاته في الحملة الانتخابية كشف أن جبهة التحرير مخدوعة من داخلها ومن خارجها، قائلا إذا كان البعض يقول "عليها نحيا وعليها نموت" فإننا نقول "عليها نموت". وقال إنه سئل مرة عن جبهة التحرير وعن إقامة أحلاف مع أحزاب، قال جبهة التحرير ليست شجرة بلاستيكية تحمل من هنا إلى هناك، وإذا كتب لها أن تموت فستموت واقفة. ///////////////////////////// عبد الرحمن بلعياط: يحياوي رجل ملتزم عاش مناضلا ومات مناضلا قال القيادي بحزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرحمن بلعياط، إن المجاهد الراحل محمد الصالح يحياوي رجل ملتزم، وله مواقفه الثابتة التي لطالما تحمل مسؤوليتها، سواء اثناء الثورة التحريرية المسلحة أو منذ الاستقلال الى غاية اليوم، مردفا بالقول: "لقد كان الفقيد مسؤولا بمواقفه وليس بمناصب معينة"، مضيفا أنه لم يكن محايدا لا بالنسبة للوطن، ولا للغة، ولا للدين، ولا للقضايا العربية الإسلامية. وأكد بلعياط ان يحياوي عاش مناضلا ومات مناضلا للجزائر ولجبهة التحرير الوطني، ذاكرا ان له صفات لا ينكرها إلا جاحد، لافتا الى تواضعه الشديد، فقد كان يستشير كل من له رأي وحب للوطن وللشعب، بالإضافة الى شجاعته في إبداء مواقفه، فضلا عن صراحته، واصفا إياه بعنوان الوفاء والصبر. وبخصوص معرفته الأولى به، فقد أوضح المتحدث ذاته انه عرفه ورافقه منذ الثورة التحريرية المسلحة، وبالضبط بمقر القيادة الأولى "الأوراس النمامشة"، وقد استمر التواصل معه إلى غاية وفاته، وقال بلعياط: "أحتفظ لنفسي ولأولادي ولعائلتي ولحزبي ولبلدي بصورة ناصعة ثابتة لامعة لشخصية الفقيد، وقد عشت معه أياما صعبة من فترة البطولة لتكتب بأحرف من ذهب". وفيما يتعلق بالإصابات التي تعرض لها الفقيد محمد الصالح يحياوي، والتي بلغت أكثر من 18 رصاصة، فقد قال بلعياط ان هذه الإصابات كانت على مراحل، وذلك منذ بداياته في ناحية باتنة، خاصة في جبل أولاد سلام أين لا تزال بطولاته مخلدة هناك الى غاية اليوم، ثم بعد انتقاله الى المنطقة الثالثة "النمامشة" ثم الى كل جبال الاوراس الى غاية جبال أبو طالب على مقربة من ولاية سطيف. وفي السياق، أشار القيادي بالأفلان إلى حكمته وبصيرته وتعلق قراراته بالمبادئ الإسلامية والعدالة، ساردا إحدى الوقائع التي حدثت أثناء قيادته للمنطقة الثانية حيث تم اعتقال اثنين من "الحركى" وتم نقلهما الى المنطقة، وبعد إعلامه بذلك طلب عقد مجلس عسكري، هذا الأخير أصدر حكما بإعدامهما، مضيفا بالقول: "لقد كانت الثورة منظمة ولم تكن القرارات فردية بل بموافقة جميع الأطراف"، لافتا الى أن بعد استشارة الهيئة العليا التي كان يرأسها الراحل يحياوي ألغي قرار الإعدام وتم إعطاء الأمر بإعادتهما الى المكان الذي تم اعتقالهما منه، وفعلا حدث ذلك ليكون مصيرهما بعد ذلك إعدامهما من قبل السلطات العسكرية دون محاكمة، يضيف المتحدث ذاته. كما تحدث بلعياط عن تفاصيل تعرض المجاهد الراحل يحياوي لأول رصاصة، حيث وقعت الحادثة أثناء التقارير المقدمة من قبل المسؤولين على ناحية أريس، والتي كانت متشائمة، فقرر مجلس المنطقة الثانية برئاسة الصالح يحياوي تنظيم زيارة ميدانية الى ناحية اريس، لكن المسؤولين عن هذه الناحية قدموا له نصيحة بخطورة الأمر عليه، لكنه رفض وقال ان الخطر على الجميع، وذهب وتكلف بالمهمة عسكريا علي سرار، ثم انتقل يحياوي والفريق المرافق له الى منطقة بوزية، وهناك كانت الوشاية ونصب كمين تعرض خلاله يحياوي لأول رصاصة، وبعد سقوطه أعطى الأمر بعدم تركه أسيرا عند العدو وتم نقله من هناك وقد ظل ينزف لمدة أيام، على حسب شهادة بعياط. ///////////////////////////// محيي الدين عميمور: يحياوي مثقف برتبة عقيد وفي السياق، قال المؤرخ والوزير الأسبق محيي الدين عميمور، لعلّ أول ما يخطر ببالي عند الحديث عن محمد الصالح يحياوي كلمات الشاعر أحمد شوقي في رثاء الشاعر أحمد إبراهيم: قد كنت أوثر أن تقول رثائي * يا منصف الموتى من الأحياء لكن سبقت، وكل طول سلامة * قدّر، وكل منية بقضاء. وأضاف عميمور يقول: أعترف أنني حاولت الفرار من هذا اللقاء، لأنني أكره لقاءات التأبين التي يتساوى فيها الإنسان العادي بقامات كقامة يحياوي، حيث يسود المنطق "اذكروا محاسن موتاكم"، بينما تسترجع الأغلبية همسا أو سرا "كي مات علقولو عرجون"، وأضاف عميمور إن الحديث عن محمد الصالح يحياوي يطول ويطول، ولعلّ أروع تعبير ذكرنا به سعد بوعقبة هو قول محمد حسنين هيكل بعد لقائه بقائد الأكاديمية العسكرية بشرشال إنه مثقف برتبة عقيد، هذا ووقف عميمور وقفة تقدير لجريدتي "الحوار" و"الشروق" اللتين بفضلهما عرف الناس أن محمد الصالح يحياوي لم يكن قد انتقل بعد إلى الرفيق الأعلى، مشيرا إلى أن الراحل يحياوي لم يكن رجلا عاديا، وذلك ليس تقديسا للرجل أو تجاوزا لدور الآخرين في الوقائع والأحداث التي كان هو جزء منها، يقول عميمور، إلا أنه كان يجتهد في كل ما يقوم به. وأكد محيي الدين عميمور أن جسد المجاهد الراحل محمد الصالح يحياوي تلقى العديد من الطلقات النارية خلال الكمائن التي كانت ينصبها جنود فرنسا الاستعمارية إبان الثورة التحريرية، واكتفى بالقول: "لو كانت الشظايا وطلقات الرصاص يمكن أن تنبت أشجارا، لكان جسم يحياوي مزرعة تنتج أسلحة" وذلك لكثرة ما فيها من شظايا المقذوفات، مؤكدا أن يحياوي يملك من عناصر العفة الأخلاقية والنزاهة السياسية ما منعه من أن يحاول الانتقام طوال السنوات الماضية ممن قتلوه سياسيا، ومن محاسن يحياوي -حسب المتحدث ذاته- أنه يذكرنا بالنظرة الاستراتيجية للرئيس الراحل هواري بومدين، الذي كان يؤمن بأن الجيش الوطني الشعبي هو العمود الفقري للدولة، وتكوين ضابط الغد كان الهاجس الرئيس الذي جعل بومدين يضع كل ثقته في يحياوي في قيادة الأكاديمية العسكرية في شرشال، لأنه أراد أن يكون ليحياوي جهود أكثر اتساعا في مجال لا يقل عن أهمية تخصصه. وواصل عميمور حديثه يقول "بعد وفاة هواري بومدين دخلت الجزائر مرحلة جديدة، وكان ليحياوي دور رئيسي في انطلاقاتها، وتم إقصاؤه" معتبرا ذلك بالخطيئة السياسية. ///////////////////////// عبد الوهاب دربال: يحياوي رجل المراحل والكفاءة والالتزام من جهته، قال عبد الوهاب دربال، رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، إنه ليس من جيل المرحوم المجاهد محمد الصالح يحياوي، وأنه ينتمي إلى جيل الاستقلال الذين ينعمون بالحرية والكرامة التي أسس لها أمثال الراحل يحياوي الذين كرسوا حياتهم لنصرة الجزائر، مشيرا إلى أن فقيد الجزائر الشهيد الحي محمد الصالح يحياوي عاش كل مراحل الثورة التحريرية، وواصل عمله النضالي بعد استقلال الجزائر، كما عايش الصراعات السياسية التي طبعت فترة ثمانينات القرن الماضي، وتم تصفيته في وقت -يضيف دربال- كانت الجزائر بحاجة إلى أبنائها البررة الذين يحملون في قلوبهم حب الوطن والتفاني في خدمته. وحول علاقته بالراحل محمد الصالح يحياوي، قال عبد الوهاب دربال: "صراحة لم تكن لدي معرفة شخصية بالمرحوم، ولم تربطني علاقة مباشرة معه، وكان لي الشرف -يقول المتحدث ذاته، أن وبعد توليه لمنصب رئاسة الهيئة العليا المستقلة مراقبة الانتخابات، وبعد تكليفه بمهمة الشروع في سلسلة المشاورات مع كبار الشخصيات الوطنية التي لها وزن في تاريخ الجزائر- فكان لي الشرف أني التقيت بهذه الشخصية الشامخة التي أخذت على عاتقها مهمة جر الجزائر نحو بر الأمان، بعد مسيرة نضالية طويلة جاب خلالها المجاهد الراحل المدن والقرى والمداشر وشعاب الجبال، وقال: تواصلت مع محمد الصالح يحياوي من أجل مشاورات حول القضية، لكنه لم يستطع بسبب أوضعاه الصحية المتدهورة، فلم يتمكن من الخوض في أي مسألة، ووعدني أنه بعد مغادرته للمستشفى سيتصل بي، انتظرت وقتا، لكنني لم أتلق منه أي رد منه، ربما نسي الأمر، بعدها عاودت الاتصال به فرفض الإدلاء بأي تصريح حول أي قضية وقام بدعوتي الى منزله، لكن الظروف منعتني من ذلك"، وأكد في معرض حديثه أن الراحل يحياوي يكفيه فخرا أنه خريج المدرستين الباديسية والنوفمبرية وهما مدرستان متكاملتان أنجبتا رجلا بقيمة المرحوم، الملتزم بدينه وبنبل أخلاقه، وهذه الصفات التي اتصف بها الفقيد ليست شعارات تردد، إنما هي سلوكه اليومي، وكان يرى أن خدمة الوطن من العبادة، وأن قول الحق من عبادة التوحيد، هذه الموازنة الجيدة استغلها يحياوي خدمة لبلاده وقت الشدة، مثله مثل هؤلاء الذين تركوا بصماتهم، والتي قدمت القيمة المضافة لوطنهم، متمنيا أن تكون هذه التركيبة التي ميزت شخصية المرحوم ضمن برنامج التعليم في الجزائر، لأن تعلم القراءة والحساب دون الارتقاء إلى الشجاعة والإقدام والقدرة على حمل هم الوطن لا يؤدي إلى التنمية ولا يبني حضارة، وخلص دربال قائلا: جميل أن ننظم التأبينات وإقامة الجنائز لاستذكار مناقب من كان لهم الفضل في بناء ركائز الوطن، لكن ذلك لا يكفي إن لم تكن مرفقة بمواقف مسترة من خلال إقامة النوادي لاستخلاص ما نقوي به بلادنا". ////////////////////////// محمد عليوي: الجيل الحالي خسر فرصة التقرب من عظماء الثورة استذكر الأمين العام لاتحاد الفلاحين الجزائريين محمد عليوي، جزءا من اللقاءات التي جمعته بالراحلمحمد الصالح يحياوي، الذي كان رجل مسؤولية، وعرف عنه تمسكه بمبادئ أول نوفمبر، مدافعا شرسا عن مصالح الجزائر ولا يخاف في الله لومة لائم. كما تحدث عليوي عن لقائه بيحياوي أثناء تقلده منصب منسق لجبهة التحرير الوطني أثناء برمجة لقاءات للمنظمات الجماهيرية بأمر من الرئيس الراحل هواري بومدين. وتأسف عليوي لكون جيل اليوم لم يتمكن من استلهام قيم الثورة الكثيرة، ولم يتمكن من التقرب من رجالاتها على غرار المجاهد الراحلمحمد الصالح يحياوي، الذي قال إننا فقدناه كما فقدنا العديد من الرجال المخلصين الذين زادهم الصبر والصمت مرضا، مؤكدا أن حالتهم المرضية ساءت خاصة بعد المشاكل التي حدثت في الجزائر سنوات بعد الاستقلال. وأضاف قائلا: "نأمل أن نقف كرجل واحد في وجه كل المطبات التي كافحها الأبطال والمجاهدون ونطلب من الله تبارك وتعالى أن يغفر له ويكرم نزله". ///////////////////////// مصطفى بوطروة: قامة كبيرة علينا أن نتمثل سيرته في سلوكاتنا أكد المستشار بديوان وزير الشؤون الخارجية، مصطفى بوطروة، أن الفقيد محمد الصالح يحياوي قامة كبيرة ورمز للصدق والمواقف الثابتة لمختلف القضايا العربية الإسلامية، داعيا الى ضرورة الامتثال في شتى سلوكاتنا الى سيرته والتمسك بها من اجل ان تبقى الجزائر مستقلة شامخة في ظل الظروف الداخلية والخارجية. هذا، وذكر بداية تعرفه به حيث كان ذلك بداية الثمانينات في حزب جبهة التحرير الوطني، مضيفا بالقول: "عرفته عن قرب في كثير من المرات، وقد تكرس هذا في الأردن، حيث دام تواصلي معه لمدة ثلاثة أشهر، وذلك خلال اجرائه لعملية جراحية بالأردن"، مؤكدا انه استفاد وتعلم الكثير من هذا الرجل، مشيدا بمبادئه النبيلة، فلم يتكلم ابدا ولم يشخص لأحد في مختلف القضايا، وكان همه الوحيد الجزائر والوطن والانتماء الحضاري للجزائر في انتمائها العربي الإسلامي، على حد قول المتحدث ذاته، مواصلا كلامه بالقول: "لقد عشنا معه في سياق الشعار الذي كان مرفوعا على مستوى جبهة التحرير الوطني آنذاك والمتمثل في شعار الكفاءة والنزاهة والالتزام". //////////////////// عبد الله عثامنية:محمد الصالح يحياوي.. تاريخ نضالي طويل تحدث عبد الله عثامنية عن بداية لقائه بالمجاهد الراحل محمد الصالح يحياوي قائلا: "التحقت بمعهد عبد الحميد بن باديس في صائفة 1953 وكان المرحوم يسبقني بسنة، وكنت حينها قادما من منطقة ريفية جدا قليلة فيها فرص التعليم، على عكس منطقة باتنة وبسكرة والمسيلة التي كان فيها الإصلاح منتشرا، عرفت أن والد المرحوم كان مديرا لمدرسة جمعية المسلمين وإماما في نفس المسجد، وعندما قامت الثورة، وأفضل أن اسميها حرب تحرير، لأن الثورة أوسع، وبدأت تبلغنا الأخبار والحوادث في السنة الأولى، وقتها لم يكن احد يعرف بقية أعضاء الخلية التي كنا نتعامل معها، ومرة طلب منا طبع منشور وتوزيعه عن إضراب في ذلك الوقت عرفنا أربعة او خمسة مجاهدين بالاسم معنا في الخلية، ومنهم سي محمد الصالح، خلال الثورة كنت اسمع به، التقيت به في نوفمبر 62 في قاعة سينما، عرفني وتقدم مني وتتبعت الرجل منذ ذلك الحين". وتطرق عثامنية في حديثه عن بدايات الثورة التحريرية التي قال فيها إن من بين معجزات الحرب أن مجموعة 22 حملوا جميعهم الفكر العسكري رغم أنهم شباب، أكبرهم بن بولعيد 35 سنة، كان هناك تركيز نفسي على تفجير الثورة مهما كانت الظروف، وهنا وقع الخلاف لأن الجانب الآخر لم يكن مستعدا لذلك، وإعلانه كان عملية تاريخية، وأهم جانب فيها أن الإخوة اتفقوا على أن تقع هذه الهجومات عبر عدة مناطق من الوطن، وقد تساءل البعض لماذا العربي بن مهيدي من ميلة كان مسؤولا على منطقة وهران، وديدوش ابن العاصمة مسؤولا عن قسنطينة، والسبب بسيط وهو تاريخي، وأن الحزب كان يعطي تعليمات للمجاهد، فهو إذا كان متابعا من قبل الإدارة الاستعمارية فعليه تغيير الولاية. //////////////////// عبد المالك لعلاوي: يحياوي رجل مسامح وكريم من جهته، وصف عبد المالك لعلاوي، مدير ديوان المرحوم سابقا على مستوى جبهة التحرير الوطني، الفقيد بأنه رجل عظيم شهم، مسامح كريم، له مواقف ثابتة وصارمة وشجاعة، اذ لم يكن يخشى لومة لائم في قول كلمة الحق. وفي الإطار، قال انه عايشه خلال فترة الحزب الواحد، مؤكدا ان الراحل المجاهد الصالح يحياوي تعرض لظلم وإقصاء كبير، ذاكرا ما روي له في أحد الأيام ان مدير الديوان بالرئاسة سابقا الراحل العربي بلخير اتصل به بالهاتف وقال له انه يتصل من أجل أن يسأل عن أحواله فقط، وأضاف في مكالمته أن أمثاله لم يبقوا في الجزائر. /////////////////// سفيان مراكشي يتألق في تنشيط المنتدى يواصل الزميل الصحفي سفيان مراكشي تألقه وإبداعه في تنشيط وإدارة النقاش بمنتديات "الحوار"، حيث يثبت دائما أنه ملم بمختلف المواضيع، ما يؤكد الثقافة الواسعة التي يمتلكها مراكشي، وقد قال في مقدمته خلال التأبينية التي أقامته "الحوار" ترحما على روح الفقيد إن هذا الأخير سيظل اسمه مكتوبا بأحرف من ذهب وبأحرف تبقى راسخة في تاريخ الجزائر، مبرزا أنه جاهد في صمت وناضل بعد الاستقلال في صمت، والصمت هنا حكمة تفرضها المصلحة العليا للجزائر.