وافق وزراء دول الاتحاد الأوروبي على مسوّدة اتفاق “منصف ومتوازن” على خروج بريطانيا من التكتل، رافضين إعادة التفاوض في شأنه. وأكدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أنها “مصممة على تمرير” المسوّدة في مجلس العموم (البرلمان)، علماً أنها تواجه اعتراضات عنيفة من نواب متشددين في حزبها، ومن المعارضة. ويعتبر هؤلاء أن النصّ ليس مقبولاً، ويتهمون ماي بالتضحية بسيادة المملكة المتحدة، من خلال قبولها باتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي لفترة غير محددة، حلاً أخيراً لمنع عودة الحدود بين شطرَي إرلندا. لكن رئيسة الوزراء أكدت أمام اتحاد الصناعيين البريطانيين أنها «مصممة على تمرير» المسوّدة. وأضافت: «أمامنا الآن أسبوع من مفاوضات مكثفة. وخلال هذا الوقت أتوقّع أن نضع التفاصيل الكاملة والنهائية للاتفاق الذي سيحدّد علاقتنا المستقبلية. أنا مقتنعة بإمكان التوصّل إلى توافق في المجلس (الأوروبي)، وأن أتمكن بعد ذلك من عرضه على مجلس العموم». في المقابل، شكا وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون من “تنازل عن السيطرة لمصلحة الاتحاد”، قائلاً: «الاتفاق لا يغطّي إحراجنا نتيجة هزيمة تامة». وأوردت صحيفة «ذي صن» البريطانية أن معارضي ماي يحتاجون 6 رسائل لبلوغ الحدّ القانوني لتنظيم اقتراع على سحب الثقة منها. وأضافت أن 42 نائباً من حزب المحافظين الحاكم قدّموا تأكيدات على أنهم سلّموا رسائل في هذا الصدد، علماً أن الأمر يتطلّب تسليم 48 رسالة. وأشارت الصحيفة إلى أن 25 نائباً أعلنوا أنهم سلّموا الرسائل، فيما قال 17 آخرون إنهم صاغوا رسائلهم لغراهام برادي، رئيس “لجنة 1922” التي تضمّ نواب حزب المحافظين الذين لا يشغلون مناصب حكومية. واعتبر النائب سايمون كلارك أن رئيسة الحكومة تواجه “يوم حساب”، وزاد: “هذا يوم نقف فيه عند منعطف تاريخي. يجب أن يشهد هذا اليوم اللحظة التي يُتم فيها التصرّف” تمهيداً لعزلها. ورأى أن كل ساعة ويوم يمرّان من دون رفض مسوّدة الاتفاق، هو وقت ضائع، وتابع: “واضح أن القبطان يقود السفينة نحو صخور”. في بروكسيل، وافق وزراء الدول ال 27 في الاتحاد الأوروبي على المسوّدة، تمهيداً لتوقيعه خلال قمة استثنائية للتكتل مرتقبة الأحد المقبل. وقال الوزير النمسوي المكلّف الشؤون الأوروبية غيرنوت بلوميل، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد: “تم الانتهاء من الخطوة الأولى الصعبة، نجحنا في الحفاظ على الوحدة”. وشددت دول أوروبية على أن إعادة التفاوض على المسوّدة ليست ممكنة. وقال الوزير الألماني للشؤون الأوروبية مايكل روث: “لا يمكن التوصل إلى اتفاق أفضل من المطروح على الطاولة”. وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن: “علينا أن نكون واضحين في شأن الاتفاق، وهو الأفضل كما هو على الطاولة. أي اتفاق أفضل من لا اتفاق. من مصلحة بريطانيا والاتحاد أن يتحقق هذا الاتفاق”. وكرّر وزير الخارجية البلجيكي ديدييه رايندرز ذلك، فيما دعا نظيره الهولندي ستيف بلوك إلى رؤية “طموحة” للعلاقات المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد، في إطار “إعلان سياسي” يعدّه الجانبان ليواكب اتفاق “الطلاق”. وإمكان تمديد المرحلة الانتقالية بعد “بريكزيت” التي ستبقى خلالها بريطانيا داخل الاتحاد، من النقاط الوحيدة التي لا تزال على الطاولة، علماً أنها محددة الآن بنهاية العام 2020. لكن مصدراً أوروبياً ذكر أن ميشال بارنييه، أبرز مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف “بريكزيت”، اقترح تمديدها سنتين. وقال: “أعتقد بأننا سنقدّم اقتراحاً نهائياً لتحديد تاريخ خلال الأسبوع الجاري. سيُتخذ هذا القرار باتفاق متبادل بين بريطانيا ودول التكتل. إذا مدّدناها، سيكون هناك اتفاق في شأن خطة المساهمة المالية” لبريطانيا. واعتبر بارنييه أن مسوّدة الاتفاق “منصفة ومتوازنة”، وزاد: “نحن في لحظة حاسمة في هذه العملية، ويجب ألا يغيب عن عين أحد التقدّم الذي تم إحرازه في بروكسيل ولندن. الدول الأعضاء تؤيّد اتفاق الخروج. على الاتحاد أن يقرر العملية الداخلية، للاتفاق على تمديد الفترة الانتقالية”.