يكشف د.محمد حسن، سفير دولة لبنان لدى الجزائر في الجزء الثاني من الحوار عن تقييمه للعلاقات الاقتصادية، كما أكد وجود مساعي لإلغاء التأشيرة بين الجزائرولبنان،وعرج على الدور الاقتصادي المهم للجالية اللبنانية في غرب إفريقيا. ما تقييمكم للعلاقات الاقتصادية بين البلدين ؟ ■طموحنا الكبير لتطوير العلاقات الاقتصادية بين لبنانوالجزائر هو الذي حدا بنا إلى عقد لقاء عمل اقتصادي لبناني-جزائري هام يوم 9 نوفمبر بمقر غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، بحضوري بصفتي سفيرا للجمهورية اللبنانية لدى الجزائر وبمشاركة سفير الجزائر في لبنان السيد أحمد بوزيان والوزيرين السابقين عدنان القصّار ووليد الداعوق ورئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلسولبنان الشمالي الأستاذ توفيق دبوسي ومدير الشؤون الاقتصادية بوزارة الخارجية والمغتربين السيد بلال قبلان، وبحضور رئيس مجلس الأعمال اللبنانيالجزائري وسام عريس، هذا اللقاء الذي أشاد فيه رئيس اتحاد الغرف اللبنانية ورئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير، ونخبة من رجال الأعمال، بعمق العلاقات الاخوية والتاريخية بين لبنانوالجزائر، منوّها بوقوف الجزائر على الدوام إلى جانب لبنان على مختلفالمستويات، حيث أكد على ضرورة وضع تصور واضح حيال الخطوات المطلوبة لتنميةالعلاقات الاقتصادية الثنائية خصوصا في موضوع زيادة التبادل التجاري. ما هي الاقتراحات التي وضعت خلال اللقاء ؟ ■اقترح في هذا الإطار وضع لائحة تضم 50 سلعة لبنانية وأخرى تضم أيضاً 50 سلعةجزائرية لإعفائهم من الرسوم الجمركية على أن يتم زيادة عدد السلع سنوياً، مع ضرورةاتخاذ الخطوات المناسبة لتسهيل عمل رجال الأعمال في كلا البلدين، بما يتناسب مع عمق العلاقات الاخوية بينهما. وهل تعتبر التأشيرات عائقا لتنقل رجال الأعمال بين البلدين ؟ ■ ضمن هذا المنظور وتجسيدا لتوجيهات السامية لفخامة الرئيس ميشال عون، فإننا نتطلع إلى إلغاء التأشيرة بين البلدين مع إلغاء الازدواج الضريبي للسلع والبضائع المتدفقة بين أسواقنا، بدءً بإقرار تبادل السلع بين بلدينا المعفاة كلية من الرسوم الجمركية، على رأسها التمر من الجانب الجزائري والتفاح من الجانب اللبناني، فنحن نطمح أن يكون التمر الجزائري على مائدة كل لبناني، تبعا لشهرته، وجودته ومواصفاته العالية وقيمته الغذائية، كما يروق لنا رؤية التفاح اللبناني على مائدة الجزائريين، لجودته العالية، التي يستمدها من مميزات جبال لبنان، هذه الجبال الخلابة والجذابة التي نأمل أن تشهد تدفقا من السواح الجزائريين إليها مستقبلا،كما نأمل أن يسهم رفع التأشيرة مستقبلا إلى تدفق اللبنانيين إلى الجزائر سواحا ومستثمرين، كما يحلو لنا التعبير عن رغبتنا في إلتآم اللجنة المشتركة الجزائريةاللبنانية العليا حتى يتم المصادقة على مختلف مشاريع الاتفاقيات المطروحة للدراسة وفرص التعاون المشتركة، حيث طموحنا كبير، لتجسيد مشاريع كبرى ورائدة ومثمرة ومنتجةللقيمة المضافة بالسوق الجزائرية، ونحن على يقين بأن كل الفرص متاحة والجزائر تزخر بإمكانيات لا حدود لها. كما نأمل الاستفادة الواسعة من الخبرات والمؤهلات الجزائرية في الطاقة (غازا ونفطا وطاقات متجددة) لتطوير مكامن الطاقة في المجال الجغرافي اللبناني وتثمينها، وأيضا تعزيز القدرات الطاقوية اللبنانية. كيف يمكن أن يستفيد البلدان من التواجد اللبناني المكثف بغرب إفريقيا ؟ ■ دون أن نغفل الإمكانية الهائلة المتاحة للتعاون في العمق الإفريقي وتعزيز الوجود فيه، مع توجه الجزائر للولوج للأسواق الإفريقية، فنحن نضع تجربة رجال الأعمال اللبنانيين المنتشرين في الفضاء الإفريقي رهن المسعى الجزائري لتحقيق الطموحات المشتركة. هذا المستوى الهام للتعاون ينبغي لي التطرق إليه، فضمن هذا المسعى الجزائري لاقتحام الأسواق الإفريقية، ومباشرته من بوابة غرب إفريقيا، نقول أنه بإمكان رجال الأعمال الجزائريين الدخول في شراكات هامة وواعدة وناجحة مع رجال الأعمال اللبنانيين بما يمكنهم من الحضور القوي والفاعل في السوق الأفريقية، ويعود بالنفع والفائدة المتعاظمة على اقتصاد بلدينا. حيث من الفائدة بإمكان التذكيربالحضور اللبناني القوي في قطاعات اقتصادية عديدة في أفريقيا، ويمكنني ضرب مثال بدولة ساحل العاج حيث توجد أهم جالية لبنانية في أفريقيا الغربية من حيث العدد و الثقل الاقتصادي، حتى أننا نجد الرئيس المؤسس للدولة العاجية هوفوبيه بوانييه يصف اللبنانيين بالقول: «اللبنانيون عطاء من السماء وقد أرسلهم الله هدية لنا، وإذاكان من وجود للصناعة في هذا البلد، فالفضل يعود إلى نشاط اللبنانيين وذكائهم”، هذا الأمر كان قد دفع كذلك الرئيس العاجي لوران غباغبو إلى التصريح بأن اقتصاد البلاد بيد اللبنانيين، وهو أمر تضمن في ثناياه الترحيب بالدوراللبناني والاعتراف بفضله على الاقتصاد الأيفواري. ولا يختلف الأمر كثيراً في دولة سيراليون حيث تسيطر الجالية اللبنانية على نسبة مئوية هامة من تجارة الماس والذهب في هذا البلد. وفي بوركينا فاسو يسيطر اللبنانيون على أكثر من نصف حجم التعاملات التجارية والصناعية في البلاد. كما تُرجم الثقل الاقتصادي للجالية اللبنانية إلى ثقل سياسي من خلال دخول بعض الأفراد ذوي الأصول اللبنانية إلى البرلمان الوطني في الدول الأفريقية، على نحو ما حصل في كل من جنوب أفريقيا وغينيا بيساو، بينما وصل آخرون إلى منصب مستشار الرئيس كما في غينيا الاستوائية وبوركينافاسو. ورغم كل المخاطر الكبيرة والصعوبات التي لا تشجع رجال الأعمال على الاستثمار في بلدان الغرب الإفريقي، إلا أن صلابة اللبنانيين وقدرتهم على النشاط الاقتصادي والتجاري وطموحهم بالنجاح بات اليوم من أحد مكونات النسيج الاقتصادي والسياسي والثقافي لبلدان غربي إفريقيا.