فوضى عارمة تسود معظم اسواق المواد الفلاحية من خضر و فواكه و لحوم الاسعار ترتفع بنسبة 100% في فترات قياسية و على مدار السنة. هذه الوضعية تقودنا الى التساؤل حول الاكتفاء الذاتي في الخضروات و الفواكه؟ هل هو اكتفاء ذاتي دائم ام ظرفي؟ الاكيد ان هناك تذبذب كبير في الانتاج فتارة نسجل فائض في انتاج بعض المواد مما يؤدي بالمنتجين برمي كميات هائلة في المزابل و تارة اخرى نجد نقص فادح في المواد نفسها مما يؤدي الى التهاب اسعارها بشكل جنوني غير معقول ، هل حالة الاكتفاء الذاتي الحقيقي تؤدي بالسوق الى هذا التقهقر و اللااستقرار؟ ام ان المضاربون متمكنون من السوق لهذه الدرجة؟ في الحقيقة لا يجب ان نتفاجئ بحالة السوق اذا عرفنا انعدام التنسيق والتواصل بين المصالح الفلاحية ( مديريات الفلاحة – الغرف الفلاحية) و الفلاحين تجعل من هؤلاء ينتجون بطريقة فوضية و بدون اي خطة مدروسة لتفادي الازمات المتتالية من المفروض ان تكون المصالح الفلاحية على علم ب ” من ينتج ماذا و باي كمية ”و منها تستطيع ان توجه الفلاحين حتى لا يقعوا في مشكل فائض الانتاج الذي يعود عليهم بالخسارة و ايضا تفاديا لندرة الانتاج و اختلال السوق مما يؤدي الى ارتفاع الاسعار دون ان يستفيد من ذلك الفلاح لان في هذه الحالة يتدخل المظاربون ليفرضوا منطقهم في السوق . ان عدم وجود اليات ضبط السوق و انعدام شبكات توزيع المنتوجات الفلاحية و النقص الفادح في اسواق الجملة التي يعرض من خلالها الفلاحين منتوجاتهم، غالبا ما يكون فائض انتاج من مادة ما و نجدها غير موجودة في الكثير من المناطق الاخرى كانت وزارة الفلاحة قد استحدثت سنة 2008 نظام ضبط المواد الفلاحية ذات الاستهلاك الواسع ( ( SYRPALAC من خلال التنسيق بين المنتجين و اصحاب غرف التبريد مما يضمن ضبط السوق و بالتالي التحكم في الاسعارمن خلال امتصاص الفائض في السوق لتجنيب خسارة المنتج و طرحه خلال الندرة لتموين السوق لحماية المستهلك ن و اقتصر هذا النظام في المرحلة الاولى على مادة البطاطا ليشمل بعد ذلك كل المواد التي تواجه اسعارها ارتفاعا غير مبرر و لكن بعد 10 سنوات تقريبا من تفعيل هذا النظام الا انه عجز عن تحقيق اهدافه و زاد من حدة هيمنة المضاربين على السوق و ظهور اباطرة غرف التبريد ان هذا التذبذب الحاصل في الاسواق لا يشجع حتى الفلاحين على الإنتاج فعندما يرى منتوجه يخرج من مستثمرته بثمن غالبا ما يكون زهيد و يجده في الاسواق بأسعار مضاعفة، يستهويه في ذلك لعب دور الوسيط على ان يقوم بخدمة الارض لان ذلك مربح اكثر دون اي جهد و دون اي عناء. ان ضبط السوق يحافظ على دخل الفلاح و يحد من استنزاف ”جيوب” المستهلكين و يقضي على المضاربين و هو من صلاحيات السلطات العمومية و لا يمكن ان نحمل المنتج وزر ذلك . ما فائدة الحديث عن تحقيق الاكتفاء الذاتي اذا كانت العديد من المواد في غير متناول المستهلكين ذوي الدخل الضعيف و حتى المتوسط؟ و كيف لنا ان نتحدث عن الامن الغذائي و نحن عاجزون حتى على ضبط السوق و توفير المواد الفلاحية باسعار معقولة على مدار السنة ان عدم استقرار الاسعار و التهابها في فترات عديدة من السنة يمكن ان يؤثر سلبا و بطريقة غير مباشرة على أي استراتيجية لاجل ترقية صادرات المنتوجات الفلاحية ، ان كانت اسعارها مرتفعة فهذا ما يؤدي بالتاجر تسويقها محليا على ان يقوم بتصديرها لان ذلك يضمن له ربح اكبر و يغنيه عن كل الاجراءات المعقدة لاجل القيام بتصديرها * خبير فلاحي و مستشار التصدير