قفا نضحك: حوار بقلم: مصطفى بونيف أطلّت جارتنا أم حبزلم من الشرفة، ثم نادت ابنها بأن لا يلعب مع أبناء الجيران، لأنهم مشاغبون، بينما هي اجتهدت في تربية ابنها أحسن تربية لدرجة أنه يقضي حاجته في (دروج العمارة) ويكتب عبارات نابية على الجدران. فسمعتها أم تختخ التي تركت المطبخ وخرجت تلوح بسكين البطاطا قائلة: “حاشاك .. أنت اللي ابنك مش متربي، وأفسد كل سكان الحي والأحياء المجاورة، ابنك يا المصفارة مكانه في سجن الحرّاش، هو والعصابة..”. لم تتحمل أم حبزلم شتائم أم تختخ ففتحت القاموس الخاص بالشتائم على الصفحة الثانية بعد العشرة وراحت ترمي من الفقوس خيار. وأنا النائم بين الطابقين .. رحت ضحية التلوث السمعي. فخرجت برأسي من النافذة: “ادخلوا يا عجائز لدياركم، خلونا نرتاحو في بيوتنا … يارب يعطينا رحلة من هذا البر..”. فردت أم حبزلم: “اللهم آمين..”. وفي هذا الجو المشحون لم أجد منفذا أو منقذا سوى أن أسد أذني بالقطن، ورحت أبسمل وأحوقل، سائلا الله تعالى بأن يوفر لي رحلة إلى جزيرة بعيدة عن الناشيونال جيوغرافيك التي أعيش فيها. لم ينفع القطن بعد أن تمادت أم تختخ في سرد تاريخ أم حبزلم من أيام المراهقة .. بينما كان رد أم حبزلم يشبه تماما القصف النووي. فخرجت مرة أخرى برأسي لأحاول الجمع بين هاتين السافلتين .. وطلبت منها فتح مجال للحوار تشرف عليه سلطة مستقلة ..متمثلة في أم سنان العاقلة. من حيث المبدأ .. العجوزتان موافقتان على الصلح، ولكن الشباب من أبنائهما قد أقسما على طرد كل سكان العمارة ..بما فيهم أنا … تحت شعار “ترحلوا قاع”. مصطفى بونيف