عين على الشاشة ديكتاتورية المهنة بقلم: الطيب توهامي هناك من يصنع خبزا لذيذا، وليس له شهادة حرفية، وهناك من يصنع شكولاطة رائعة، فلا نحتاج ونحن نتذوقها أن نسأل إن كان لديه شهادة أم لا.. وهناك من يكتب مقالا متينا لغة ومضمونا، فنشيد بأناقة أسلوبه وقوة طرحه، ولا يراودنا السؤال إن كان يملك شهادة في الإعلام أم لا.. الموهبة والمهارة والذكاء مقاييس لا تدرس في الجامعة ، ولا يمكن اكتسابها بالتحصيل العلمي، إلا من خلال الممارسة والتألق في الممارسة.. الأمر ذاته ينطبق على مهنة التمثيل ومهنة الإعلام، خصوصا في هذه الأيام الرمضانية، وقد علا ضجيج الجدل العقيم المرتبط بهذه المسألة. من يعتقد أن الخبرة والمهنة تجعلان منك وصيا على قطاع معين فأنت مخطئ، هناك تطور تكنولوجي مذهل، وتسويق رقمي يتعدى حدود الواقع الذي نعيشه.. هناك مهن صنعتها مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن أن نتحاوزها، وهناك نجوم صنعوا شهرتهم وفق هذا المنهج، ومهما حاولت أن تحتقرهم أو تنال منهم، فلن تتمكن من ذلك، لأن لديهم قدرة على التعبئة والتأثير أكثر من أي شخص آخر، وهذه نقطة قوتهم، بعيدا عن تقييم مستواهم العلمي والمعرفي. بعض المؤثرين في العالم الرقمي يمتلكون الكاريزما والموهبة والمهارة لولوج عالم التمثيل، فلماذا نضع الحواجز في طريقهم كونهم لم يتخرجوا من مدارس ومعاهد التمثيل.. هناك ديكتاتورية وحجر في عالم التمثيل لا يتقبلهما عقل، وكأن من لعب دور علي لابوانت أو عمار الصغير أو ياسف سعدي في فيلم معركة الجزائر، أو دور الفنانة كلتوم في ريح الأوراس، قد تخرجوا من أرقى المسارح أو معاهد التمثيل، بل شاركوا في تجارب أداء وأثبتوا قدرتهم ومهارتهم، في هذه المهنة التي تحددها الموهبة والحضور أكثر من الشهادة والخبرة.. من يتحدث اليوم عن اليتوبرز وعارضي وعارضات الأزياء بهذا الاحتقار، ويمنعهم من العمل في الميدان الدرامي والإعلامي لا يعي طبيعة التغيرات التي تشهدها الساحة، لكن ذلك لا يعني ألا ننتقد يوتوبرز لم ينجح في أداء دوره بالشكل الذي يجب.. الممثل الناجح في اعتقادي هو الذي يتقمص الدور كما يجب، وينال القبول ورضا الجمهور، ولا يهم إن كان يملك من الخبرة أو من الشهادات ما يجب.. المهم أن يكون مبدعا وفقط، والتراكم الدرامي وكثرة الأعمال هي التي تحكم على الممثل إن كان ناجحا أم فاشلا، وليس نقدا حاقدا من هذا الطرف أو ذاك، وقد صار النقد الحاقد صفة سائدة، تنم عن شر في النفوس، ولا ترتبط بتطوير الميدان الدرامي وترقيته.