عبرت الأستاذة أمينة بشي متخصصة في آداب المرأة بجامعة الجزائر، عن رفضها لأن يكون نضال المرأة الجزائرية الحالي مرادفا للتحرر بالمفهوم الغربي، وقالت إن تقييم نضالها لن يكون ممكنا إلا بعد مراحل طويلة جدا، مع ضرورة عدم خروجه عن خصوصيات المجتمع والتقاليد، فعليها أن تستمد القدوة من سابقاتها من بنات وطنها ودينها وألا تنساق وراء دعاة التحرر على حساب الأخلاق. قيمت الأستاذة في لقاء خاص جمعها ب''الحوار''، على هامش ندوة فكرية نظمتها اللجنة الوطنية للأسرة والمرأة نهاية الأسبوع حول ''دور العلم في التنشئة الاجتماعية والأسرية''، واقع المرأة الجزائرية في ظل التحولات المحيطة بها وسط تعدد الجمعيات المدافعة عن حقوقها والنادية إلى فتح المجال لتحريرها. العنف ضد المرأة ناتج عن تراكمات اجتماعية حققت المرأة الجزائرية تقدما باهرا في جميع المجالات، إلا أنها لازالت لم تتمكن من تبوّء المكانة التي تطمح إلى وصولها في الجانب السياسي، وهي الآن ملزمة بقطع خطوات حتى تصل إلى مجال التسيير. أما عن الحقوق المهضومة للمرأة ، أضافت المتحدثة أنها مشاكل اجتماعية يشارك فيها كل من الرجل والمرأة على حد سواء، فهي لا تتعلق بالمرأة بمفردها، فالعنف ضد المرأة مشكلة يتعرض لها جميع أفراد المجتمع، فالمرأة تعنف من قبل الرجل والمرأة أيضا سواء في الشارع أو المنزل أو المؤسسات العامة التعليمية، وهي مشاكل اجتماعية تتطلب حلها من الأصول، وهذا لن يكون بين يوم ليلة، فهي عبارة عن تراكمات اجتماعية لم تحل ويجب حلها شيئا فشيئا بالوعي والثقافة والعلم. لكن عموما نقول إن المرأة في الدرب لست متوقفة رغم كل العراقيل والمشاكل، فلو عدنا إلى التعليم لوجدناها قد بلغت مقاعد الجامعة واكتسبت تخصصات هامة كالطب، فحوالي 90 بالمائة من النساء الجزائريات إطارات لكن يجب أن تتحول هذه الكمية في يوم من الأيام إلى نوعية يكون لها دور في فتح آفاق جديدة للمرأة، في مختلف المجالات، وكما تقول مي زيادة ''نضال المرأة استشهاد طويل''. يجب احترام خصوصيات المجتمع خصوصية المرأة الجزائرية موجودة عبر التاريخ فلما نعود إلى تاريخنا القديم والحديث والمعاصر وتاريخ الثوة الجزائرية، نجد أن المرأة كانت ولازالت تناضل ولكن لا يجب أن نفهم أن هذا النضال معناه التحرر أو ما يطلق عليه باللغة الفرنسية ''الفيمينيزم'' الذي ظهر عند العرب. نحن لدينا خصوصيتنا، فمجتمعنا مجتمع مسلم له قيوده التي يستمدها من القرآن والسنة ومصاردر التشريع. وأضافت أن المراة الجزائرية الواعية المسلمة تحب التفتح والنهل من العلم، ولكن في سياق الأطر المفروضة والشرعية، فالدين الإسلامي ليس ضد تفتح المرأة فالنساء في عهد الرسول وفي التاريخ الإسلامي كنّ في كل المجالات، ولكن تأخرنا وتقهقرنا دفعنا ربما إلى تصور أشياء غير صحيحة. ولعل هذه الصحوة الجديدة للمرأة ستفتح عينها وتجعلها في موقف يسمح لها من غربلة الغث من السمين، وتقرأ تاريخها من جديد، وتاريخ زوجات الرسول والصحابيات وتعرف أن المرأة لها حقوق وواجبات ولها التزامات ولها دين، وإذا ما التزمت بهذه الأطر والمقومات ستصل الأمة الجزائرية إلى الافتخار بها مستقبلا. وأنا حاليا أجري بحثا في تاريخ المرأة الجزائرية من الاحتلال إلى الاستقلال الذي أرى أنه من واجبنا الافتخار به، كما من واجبنا أن نشد وراء اللواتي ناضلن، ونواصل المسيرة عبر الأجيال، فالتقييم يأتي بعد مراحل طويلة. للإشارة تحصلت الأستاذة بشي على ليسانس في اللغة العربية وآدابها سنة ,1883 وحضرت رسالة الماجستير حول ''المرأة في الشعر الجزائري الحديث، من الاحتلال إلى الاستقلال''، تهتم حاليا بقضايا المرأة وقضايا التربية عموما، وتشرف على مذكرات طلبة السنة الرابعة، وهي الآن بصدد تحضير دكتوراه حول أدب المرأة في الجزائر، وعضو بالفرع النسوي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.