ما حكم التحدث والكلام في ما وقع بين الصحابة -رضوان الله عليهم - من فتنة تسببت في مقتل عثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب -رضي الله عنهما-؟ بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فلا يجوز الخوض فيما كان من أمر الفتنة التي جرت بين الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، والواجب علينا أن نحفظ لصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدرهم فهم الذين (رضي الله عنهم ورضوا عنه)، وإذا دعت لهذا الحديث حاجة فالواجب تحري الأخبار الصادقة لأن كتب التاريخ مليئة بالغث والثمين فليكن المسلم على حذر. يقول فضيلة الشيخ عبد الرحمن البراك من علماء السعودية-: لا يجوز الخوض في ذلك لمجرد قضاء الوقت وشغل المجالس به، فإن من منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عما شجر بين الصحابة، ولكن إذا دعت الحاجة إلى الكلام في ذلك فيجب أن يبين ما يجب لأصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام من الاحترام، ويبين أن ما يروى في التاريخ ليس كله صحيحاً، بل منه ما هو كذب، ومنه ما زيد فيه ونقص وغٌيِّر عن وجهه، وما صح من ذلك فإنه محمول على أنهم فيه مجتهدون إما مصيبون أو مخطئون فهم على كل حال مأجورون على اجتهادهم وعلى الصواب، فمن اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد وأخطأ فله أجر، كما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في شأن الحكام، كما في صحيح البخاري (7352)، ومسلم (1716). وأما الخوض في ذلك لمجرد التسلي بالحكايات والروايات كما فعل بعض المؤرخين وسردوا كثيراً من هذه الأحداث وسجلوها وروجوها فهذا غلط من المؤرخ ومن سجل له وروج ذلك، فإن كثيراً من الناس إذا سمع هذه الأخبار يتغير شعوره نحو الصحابة -رضي الله عنهم - بسبب جهله، وكذلك أصحاب الأهواء الذين يبغضون الصحابة فإنهم يفرحون بمثل هذا. انتهى نقلا عن موقع الإسلام اليوم وما أجمل ما قاله الشيخ البنا -رحمه الله- بهذا الصدد: (كل مسألة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكلف الذي نهينا عنه شرعا، ومن ذلك كثرة التفريعات للأحكام التي لم تقع، والخوض في معاني الآيات القرآنية التي لم يصل إليها العلم بعد، والكلام في المفاضلة بين الأصحاب رضوان الله عليهم فيما شجر بينهم من خلاف، ولكل منهم فضل صحبته، وجزاء صحبته وجزاء نيته، وفي التأول مندوحة).