تمتلك الجزائر إمكانات طبيعية تؤهلها لتصدر لائحة الدول المنتجة للموارد الصيدية، وتبعا لما يختزنه الشريط الساحلي الممتد على طول 1200 كلم، تراهن الجزائر على رفع إنتاجها من المواد الصيدية إلى حدود 274 ألف طن سنة ,2025 بينها 221 ألف طن من الأسماك، و53 ألف طن من منتجات تربية المائيات، فضلا عن تطلعها لاستحداث 100 ألف منصب شغل جديد، علما أن بلادنا تدعمت بحوالي 600 مشروعا في الصيد البحري وتربية المائيات على مدار 8 سنوات ماضية، ما سمح بتحقيق عائدات ضخمة وخلق أربعة آلاف منصب شغل دائم. بلادنا تتوفر على 17 موقعا ملائما لاستزراع الأسماك اهتمام بتربية المائيات لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي بالنظر إلى الاحتياجات الكبيرة لمنتوجات الأسماك، مع زيادة الطلب من المناطق الداخلية وارتفاع عدد المطاعم والفنادق التي تتطلب كميات كبيرة ومن أصناف مختلفة، فإن قطاع الصيد البحري عرف عجزا كبيرا في تغطية هذه الحاجيات، خاصة وان البحوث التي قامت بها مصالح الغرفة الوطنية للصيد البحري بالتعاون مع مكتب إيطالي، أكدت أن الجزائر لا يمكن لها ان تتجاوز إنتاج أكثر من 220 ألف طن من الثروة السمكية، منها 170 ألف طن من السمك الأزرق ، وذلك من أجل المحافظة على هذه الثروة وتنظيم استغلالها. فالثروة السمكية بالبحار والمحيطات محدودة، وتتأثر سلبا بالاستغلال غير العقلاني إلى حد زوال وانقراض بعض الأنواع كما حدث في العديد من الدول، إلا أن الجزائر استفادت من تجارب الدول المجاورة من ذلك توقفهم عن الصيد لمدة سنتين أو أكثر. ومن هذا المنطلق، تتجه الأنظار صوب تربية المائيات كقطاع واعد بإمكانه تحقيق الاكتفاء الذاتي في الوقت الذي يبقى الصيد البحري يتخبط في دوامة أسعار السمك حسب المستثمرين، وتأتي أهمية تربية المائيات في كونها مصدر أساس يمكن الاعتماد عليها لحماية الأمن الغذائي، وخاصة تأمين البروتين الحيواني ذو القيمة الغذائية العالية، بالإضافة لحماية وتدعيم المخزون الصيدي الطبيعي وكذلك خلق فرص عمل في مجالات صيدية مبتكرة، علاوة على تنمية المناطق المنعزلة والمساهمة في إخراجها من دائرة الفقر والحرمان. وتقول دراسات أنّ بلادنا تتوفر حاليا على نحو 71 موقعا ملائما لاستزراع المائيات، دون احتساب مئات الأحواض الخاصة بالمزارعين، والتي تمتلك مناخا مناسبا وشروط بيئية مثلى تضمن نجاح تجربة تربية المائيات، وشهدت الأخيرة نجاحا أيضا في مجال إنتاج الصدفيات والمحار. فتربية المائيات في بلاده جاءت لتكمل إنتاج الثروة البحرية، في سياق برنامج الدعم الذي اعتمدته وزارة الصيد البحري والموارد الصيدية بالجزائر والذي تم بموجبه تسجيل أكثر من 22 مشروعا لتربية المائيات في مختلف الولايات الداخلية والساحلية ، منها خمسة عشر مشروعا دخلت مراحل الإنتاج والاستغلال. من الساحل إلى الداخل تربية المائيات تكتسح الميدان فبولاية وهران يجرى تجسيد خمسة مشاريع استثمارية لتربية السمك منها ثلاثة مشاريع مسجلة في إطار دعم النمو الاقتصادي (2001-2004) ومشروعين آخرين في إطار الاستثمارات الخاصة، ومن أبرز هذه المشاريع مشروع المؤسسة ذات المسؤولية المحدودة ''دلفين للصيد'' بمنطقة ''الرأس الأبيض'' أو ''كاب بلان'' ببلدية عين الكرمة انطلقت الأشغال به من جديد بعد خمس سنوات من التوقف لأسباب تقنية. ودائما بالساحل تعززت آفاق تطوير الإنتاج ببني صاف بعين تموشنت بمدرسة للتكوين التقني في الصيد وتربية المائيات، ويجري حاليا إنشاء مزرعتين لتربية المائيات بهذا الناحية. أما بولاية غليزان، فيضم القطاع حاليا أربعة متعاملين اقتصاديين خواص ينشطون على مدار السنة بسدود ''قرقار'' و''سيدي امحمد بن عودة'' و''مرجة سيدي عابد'' والذين يوفرون إجمالا قرابة 50 منصب شغل مباشر وغير مباشر ترتبط أغلبها بمجال تسويق المنتوج السمكي. وفي أول تجربة تشهدها الولاية ستدخل عن قريب مزرعة متخصصة في تربية المائيات تقع شرق مدينة غليزان، حيز الاستغلال والإنتاج حيث يعكف صاحبها على توفير صغار سمك ''البلطي'' لاستزراعه في الأحواض، إضافة إلى الأغذية الضرورية لتسمينه وذلك بعدما انتهت المرحلة التجريبية والتي كللت بالنجاح. وعن الأفاق المستقبلية للقطاع بولاية غليزان على المديين المتوسط والبعيد، حددت المديرية المعنية في إطار المخطط التوجيهي لتنمية نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات الممتد إلى غاية عام 2025 جملة من الاقتراحات الرامية إلى تعزيز المنطقة بمرافق وهياكل من شأنها ترقية وعصرنة الصيد القاري. كما تم اقتراح إنشاء عن طريق البرامج التنموية العمومية لثلاثة مراكز للصيد القاري أحدها يكون ذي طابع سياحي يتوفر على مرافق ترفيهية عائلية وفضاءات مهيأة لهواة الصيد في المياه العذبة فيما يعني مركز آخر بالجوانب المرتبطة بالتكوين والإرشاد والاستعراضات يتيح فرصة تعلم تقنيات الصيد الحديثة مع القيام بتجارب لتربية أصناف جديدة من الأسماك. وتتوفر منطقة عين السخونة الواقعة على بعد 90 كلم من مقر ولاية سعيدة على مزرعة لتربية المائيات تناهز طاقتها الإنتاجية من سمك ''التيلابيا'' المعروف بالسمك البلطي كمية 600 طن سنويا مما وجه أنظار المستثمرين في هذا المجال نحو أسواق جنوب البلاد. وإضافة إلى أنها تضمن طاقة إنتاجية ل 10 ملايين بلعوط سمك فان مزرعة تربية المائيات ''سات سهوب'' التي تتربع على مساحة تقدر ب 7 هكتارات يندرج نشاطها ضمن إطار البرنامج الوطني لتطوير تربية المائيات الذي خص بغلاف مالي يقدر ب 144 مليون دج لدى انطلاقه سنة .2004 وأما بولاية سيدي بلعباس ستدخل مفرخة السمك المتنقلة الجديدة لبلدية مرحوم المتخصصة في انتاج أفراخ أسماك المياه العذبة حيز التشغيل في شهر جوان حسبما علم من مدير الصيد و الموارد الصيدية. وستتكفل هذه المنشأة التي تعتبر الثانية من نوعها على المستوى الوطني بعد مفرخة سطيف والمتربعة على مساحة 10 هكتارات بتربية بلاعيط السمك بالمزارع المتخصصة في المائيات للمنطقة الغربيةوالجنوبيةالغربية للبلاد. وتدعمت هذه الوحدة التي انتهت أشغالها بنسبة مائة بالمائة وخصص لها غلاف مالي قيمته 500 مليون دج بتجهيزات عصرية منها قاعات تربية الأفراخ ونموها وغرف التبريد ومخبر للتحاليل إلى جانب مختلف أحواض تربية المائيات. ومن المرتقب أن تضمن هذه المفرخة إنتاجا سنويا يقدر بأكثر من 15 مليون فرخ من شتى أصناف سمك المياه العذبة على غرار التيلابيا والكارب والسمك الأسود وغيرها. للإشارة تعد الجزائر حوالي 30 صنف من أسماك المياه العذبة و784 صنف من النباتات المائية، هذا وتنطلق ولاية تلمسان هي الأخرى في تربية المائيات بإنشاء مزرعة ببلدية العريشة في إطار برنامج تنمية الهضاب العليا.