تعد ''التويزة'' من الظواهر الراسخة في المجتمع الأغواطي والتي بقيت رغم التطورات السوسيولجية الحاصلة محافظة على أنماط تجسيدها ومعاني التضامن التي تحملها خاصة خلال موسم الحصاد والدرس. وأضحت ''التويزة'' و''بامتياز'' علامة من علامات التضامن الاجتماعي المتوارث عبر الأجيال، حيث يستنجد بواسطتها الأغواطيون في القيام بأشغال لفائدتهم. وتبرز ''التويزة'' كظاهرة تحمل دلالات اجتماعية عميقة مع بداية كل موسم للحصاد والدرس يحتاج إلى جهد جماعي وكذلك في بعض المناسبات أو الأشغال والمبادرات المحلية التي تتطلب التعاون والتضامن بين أفراد المجتمع. فما أن يحل موسم الحصاد والدرس إلا وتكتظ الضايات والبراري الزراعية ب''التوازة '' وهم جموع المتطوعين الذين يدعوهم مالكو المزارع لأجل حصد المحصول على أن تكون لهم الأولوية في نيل ''الزكاة '' المعروفة محليا ب''العشور'' من القمح أو الشعير. وبطبيعة الحال فإن هذا الالتقاء العفوي للمتطوعين لا يمكن أن يخلو من الطقوس المتوارثة عن الآباء والأجداد، والتي تأخذ في الغالب شكل التهليل والتكبير وإنشاد المدائح الدينية عند بداية العملية والانتهاء منها حتى تكون سنة المحصول الوفير ''فأل خير'' على السنة التي تليها- حسب اعتقادهم- وحتى توضع البركة فيما يجنون. وبالرغم من توفر آلات الحصاد وما يمكنها أن تختصره من جهد ووقت إلا أن الأهالي لا يزالون يتمسكون بهذه العادة لكونها تتم بآلة ''المنجل'' أحد رموز الرجل البدوي وتعيد ذكريات من الماضي هم يحنون إليها وينتظرون قدومها بفارغ الصبر. يقول الحاج محمد (72 سنة ) الذي يملك مساحة إجمالية تقدر بعشرات الهكتارات -أدرت عليه هذا العام بمحصول قياسي لم يجنه منذ مدة معتمدا في حصاده على أبناء العشيرة- إنه يقدس العمل الجماعي وهو ما ترمز إليه '' التويزة'' التي تعد من سيرة الأولين و تساهم في توطيد العلاقة بين الأفراد وتحقيق التكافل بينهم. ومن جهتهم لاحظ بعض مالكي آلات الحصاد الذين قدم جلهم من ولايات الشمال ما يصفونه ب''العزوف النسبي'' عن طلبات خدماتهم من قبل أصحاب المزارع، معبرين عن ''اندهاشهم'' لحجم انتشار ظاهرة ''التويزة '' في تراب الولاية وإقبال جميع شرائح المجتمع على المشاركة فيها، وهو أمر يصفونه ''بالاستثنائي'' مقارنة بالولايات المجاورة على الأقل. وأخذت الظاهرة أشكالا أخرى بظهور من يسمونه ب''الشوالة'' وهم الذين يقبلون على الحصاد نظير تلقي مبلغ من المال يحدده صاحب الزرع بدل الحصول على ''الزكاة'' أو ''العشور''، بغض النظر عن عدد ساعات العمل أو حجم الجهد المبذول. ولا تقتصر ''التويزة '' بالأغواط على الحصاد بل تتعداه إلى عملية ''الدرس'' والتي تتم هي الأخرى بواسطة الأحصنة، وقد تستغرق أياما ثم مرحلة تصفية الزرع وصولا إلى تخزينه وكلها مراحل لا يحظى بشرف القيام بها في أغلب الأحيان إلا من هو قريب من العائلة، كما هو شائع في وسط المجتمع الأغواطي.