بعد الغلال الوفيرة التي أنتجتها الأرض الطيبة من محصول زراعي للحبوب هذا الموسم عادت معها ظاهرة جمع المحصول الزراعي بالطرق التقليدية بعدما كثف المزارعون زراعة أراضيهم حتى الجبلية وعرة المسالك وحرثوها في موسم الحرث والبذر عن طريق الحرث بالدواب. ومن هذه المظاهر التي ما يزال الفلاح المسن يحافظ عليها وأصبحت من عاداته وتقاليده ظاهرة جمع المحصول من الحبوب بالطرق التقليدية أو بما يعرف عند سكان البادية ''بالشوالة '' . وعادت هذه الظاهرة بعد غياب بسبب الجفاف الذي طغى على مناطق الجزائر في السنوات الماضية وبدأ عمل الشوالة ينتشر في القرى والأرياف ذات التضاريس الجبلية التي لا تصلها آلات الحرث والحصاد لتحل محلها الطرق التقليدية في الزراعة والدرس والحصاد. وحسب شهادة فلاحي منطقة معسكر فإن عمل الشوالة غالبا ما كان يقوم به سكان المنطقة على شكل ''التويزة''، حيث يتعاون سكان القرية على جمع المحصول الزراعي بالتناوب إذ يباشرون العملية عند واحد منهم ثم يواصلونها حتى يجمعون كل المحصول في شكل سنابل يتم وضعها على شكل أكوام قرب بعضها البعض حتى يتسنى لمزارعي القرية التآنس والمبيت قربها لأن عملية الدرس تطول أياما وأحيانا أسابيع ليتم جمع المحصول في مرحلته النهائية. ويتميز عمل ''الشوالة'' بقطف سيقان المزروعات بسنابلها عن طريق استعمال المنجل أو ما يعرف في البادية بالحصاد باليد خاصة المساحات ذات النباتات القصيرة الساق أو المبعثرة هنا وهناك والمعروفة عند الفلاح ب'' الزوبع'' بمعنى أن النبات مبعثر وغير كثيف ولذا يستخدم المنجل في جمعها. وعن ميزة'' الشوالة'' يشير بعض فلاحي المنطقة الذين حافظوا على هذا العمل التضامني إلى أن المزارع كان يحصد بواسطة المنجل ويجعل الحاصل المحصود على شكل أكوام صغيرة وسط الحقل ليتم في مرحلة ثانية جمعها وربطها فوق ظهور الدواب لنقلها من الحقل الصعب التضاريس إلى مكان مسطح بواسطة الشبكة، كما يضع المزارع عند عملية القطف بالمنجل واقيات اليد أو يسمى ب''الصباعيات'' تصنع من القصب لوقاية أصابع اليد من ضربات المنجل عند الحصاد. كما أن للشوالة مزايا اجتماعية وتضامنية وتتمثل في التعاون والتآزر فيما بين سكان القرية إذ تتطلب حسب المزارعين الصبر والمثابرة لجمع محصول جيد إذ تبدأ العملية بما أشير إليه وتليها عملية الدرس التي غالبا ما يقوم بها المزارع في وقت اشتداد الحرارة باستعمال الدواب تربط في بعضها البعض ويقوم المزارع في دورانها فوق كوم المحصول لدرسه ودكه، وبعدها تليها عملية الدر بعد الانتهاء من الدرس وتتم باستغلال هبوب الريح أو بما يسميه المزارع ب'' العوين'' وهذا برفع حبيبات السنابل المدروسة بواسطة المدرة عن الأرض لعزل الحبات عن التبن أو القشقاش، حيث يلقي الريح التبن الخفيف إلى أبعد وتسقط حبة الزرع.