تعدّ التويزة من الظواهر الراسخة في المجتمع البيضي، والتي تتجدد مع كل صيف لما تحمله من معان جميلة ودلالات ترمز إلى التعاون والتماسك الإجتماعي خاصة في موسم الحصاد والدرس. فما إن يحل موسم الحصاد والدرس بولاية البيض حتى تكتظ المزارع والبراري بالتويزة، وهم جموع من المتطوعين الذين يدعوهم مالكو المزارع من أجل حصد المحصول.. على أن تكون لهم الأولوية في نيل الزكاة المعروفة محليا ب”العشور” من القمح والشعير وبطبيعة الحال، فإن هذا الإلتقاء العفوي للمتطوعين لا يمكن أن يخلو من الطقوس المتوارثة عن الآباء والأجداد، والتي تأخذ في الغالب شكل التهليل والتكبير والمدائح الدينية عند بداية العملية والإنتهاء منها، حتى تكون سنة المحصول الوفير فأل خير على السنة التي تليه، حسب اعتقاده. ومما ساعد على بروز الظاهرة بشكل لافت هذا العام بمختلف قرى ومداشر البيض المحصول الوفير من القمح والشعير الذي جادت به الأرض، بسبب موجة الأمطار الهامة التي تساقطت على المنطقة. وبالرغم من توفر آلات الحصاد وما يمكنها أن تختصره من جهد ووقت، إلا أن السكان ما زالوا يتمسكون بآلة المنجل، إحدى رموز الرجل البدوي، مثلما يقول الحاج بلمبروك (65 سنة) الذي يملك مساحة إجمالية تقدر بعشرات الهكتارات، أدرت عليه هذا العام محصولا قياسيا سيجنيه باعتماده على أبناء العشيرة. ويضيف المتحدث أنه يقدس العمل الجماعي، وهو ما ترمز إليه التويزة التي تعدّ سيرة الأولين، وتساهم في توطيد العلاقة بين الأفراد وتحقيق التكافل بينهم.. الظاهرة التي أخذت أشكالا أخرى منها ما يسمى ب”الشوالة”، وهم الذين يقبلون على الحصاد نظير تلقي مبلغ من المال يحدده صاحب الزرع بدل الحصول على الزكاة أو العشور، بغض النظر على عدد ساعات العمل أو حجم الجهد المبذول. ولا تقتصر التويزة بولاية البيض على الحصاد بل تتعداه إلى عملية الدرس التي تتم بواسطة الحمير و البغال، وقد تستغرق أياما، و تتم في الغالب خلال الليل هروبا من أشعة الشمس الحارقة، ثم تأتي مرحلة التصفية وصولا إلى تخزين المحصول. ويستغل محصول الشعير على الخصوص في استخدامه بعد طحنه بما بعرف ب”التشيشة” في إعداد حريرة رمضان المعروفة بالمنطقة بمذاقها المميز.