كلما قرب شهر رمضان، أو ارتفعت درجات الحرارة أو انخفضت، أو هبت رياح عاتية، أو حتى عواصف رعدية حتى يحتل اسم الفلكي الجزائري لوط بوناطيرو صفحات الجرائد، متنبئا بالزلازل تارة، وبالطوفان تارة أخرى، مع خيار قل نظيره عند الفلكيين الآخرين وهو التنبؤ ببداية شهر رمضان ونهايته، ونادرا ما توافق تنبؤاته تنبؤات الحكومة ووزارة غلام الله. والجميل في الأمر أن جلنا مصاب بهوس تصديق الغيب البعيد كل البعد عن الغيب، والركون إلى أصحابه، وقد أحسن بوناطيرو صنعا وهو يصنع لنفسه اسما في سماء النجومية لاسيما أثناء وبعد زلزال ماي 2003 الذي ضرب بومرداس والعاصمة، حتى أنه يروى أن إحدى عجائز خميس الخشنة كانت تعتقد أن بوناطيرو مصطلح علمي معناه زلزال، وما إن تسمعه حتى ''تبسمل و''تتعوذ'' و''تحوقل'' وتطلب من الله السلامة، وما غاب عن العجوز وعن أمثالنا من عجائز الفكر، أن التنبؤ بالزلازل في منطقة نشاط زلزالي تحصيل حاصل، وهو الحال ذاته بالنسبة للأمطار والرياح وهلالي رمضان والعيد. وإن كان لا أحد يجادل في علم بوناطيرو وأمثاله، إلا أن المغالاة و''تسييب'' العلم على هذه الشاكلة مؤذن بإصابة الجميع بأنفلونزا الدجل والشعوذة، وسحب لخاصية الغيبية على عالم الشهادة، وهو ما تقوم به بعض الوسائل الإعلامية التي حولت شجارا محدودا ومعزولا بين جزائريين وصينيين لا نعلم صاحب الحق فيه من أصحاب الباطل، إلى حرب تناهز حرب البسوس، أو داحس والغبراء، لتسهم من حيث تدري أو لا تدري في ضرب الاستثمار الأجنبي الصيني بعدما ضرب العربي منه، وإعطاء صورة سيئة عن الجزائر وعن ضيوفها، وما على بوناطيرو إلا توجيه كرته البلورية إلى هذا القطاع المليء حقا بالغيبيات من شاكلة ''الدجل نمبر وان''.