رمضان شهر بركة ونور يستقبله المسلمون في كل أرض تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، تتوحد فرحتهم به وإن اختلفت مظاهرها. وسنحاول التعرف على كيفية استقبال هذا الشهر في عدة دول إسلامية من خلال معلومات حصلت عليها ''الحوار'' في لقاءات متعددة مع المسلمين من بلدان مختلفة، وكونت منها باقة رائعة من العادات الرمضانية. وبالرغم من تنوع الزمان والمكان وتعدد العادات تتجمع قلوب المسلمين حول نفس العبادات. تحضيرات تسبق الشهر الكريم لا يختلف رمضان في دولة التشاد عن رمضان في كثير من الدول العربية من حيث التحضيرات اللازمة لهذا الشهر. فيتجند التشاديون قبل شهر رمضان الكريم لاستقباله بالقيام بتنظيف الشوارع ونصب الأعلام الوطنية، حتى على مستوى البيوت يجدد الديكور المنزلي وتقتنى الأواني المنزلية وتشتري العائلات التشادية الكثير من المواد الغذائية الأساسية والفرعية كالتمور والزبيب. كذلك يهتم الناس بالاتصال بالأقارب والأصدقاء قبل شهر رمضان لتحديد أيام تناول الإفطار مع بعضهم البعض وفي الليلة التي تكون خاتمة لشهر شعبان يلتقي الناس ويتصافحون ويدعون لبعضهم البعض بالخير والبركات. دروس الوعظ والقرآن على مدار الشهر الكريم يتم قبل رمضان تجهيز المساجد، وتجديدها، وإعادة فرشها بالسجاد الجديد، وتزيينها، وإضاءتها احتفاءً بالشهر الكريم، وابتهاجًا بالمصلين الذين يكثرون من ارتياد المساجد في رمضان. وما أن يبدأ شهر رمضان حتى تبدأ الدروس القرآنية الخاصة في المساجد ويتم اختيار شيخ أو مرشد لكل مسجد، حيث يتولى توعية المصلين ووعظهم، على مدار الشهر، وغالبًا ما تتركز الدروس حول الآداب الرمضانية، وآداب الصيام، وواجبات المسلم وتنطلق المكبرات الصوتية لتلاوة القران في المساجد والبيوت، وهو الشهر الوحيد الذي ترى عند كل فرد تشادي مصحفا في جيبه في فترة العصر تخصص لدروس الفقه في مختلف المساجد منها الجامع ''الكبير'' جامع ''الحرزاى'' ومسجد ''ابي بكر الصديق'' ومسجد ''قبا ''. وبعد صلاة المغرب، يجتمع المصلون في المساجد لصلاة التراويح، مع الحرص على إحضار الأطفال معهم، ثم يظل الشباب يضربون الدفوف، ويقولون الأناشيد والأذكار؛ لتذكير النائمين بموعد السحور، حتى الفجر، ليقوم الناس بعدها بأداء صلاة الفجر في المساجد والاستماع لدروس تفسير القرآن. أما عن ليلة القدر فيتم إحياؤها بالذكر والقرآن والدعاء. أشكال الإفطار الجماعي تجسد التكافل الاجتماعي تختص النسوة خلال شهر رمضان بالتسوق في الأسواق التشادية المعروفة كالسوق ''الكبير'' وسوق ''الغلال'' وسوق ''العافية'' وسوق'' دمبة'' إلى غاية الساعة الحادية عشرة صباحا، لتبدأ بعدها رحلة تحضير المائدة الرمضانية والتي تأتي على رأسها ''الشوربة'' المعروفة عند التشاديين باسم ''المديدة'' أو ''النشا'' وطبق ''التامر'' و''عصير الدخن'' و طبق ''اللقيمات'' المصنوع من دقيق القمح و''ماء الابري'' او ''الحلو مر'' وهو يصنع من دقيق الذرى بعد خلطه بكمية من التوابل و''ملبل'' الذي يصنع من الشعير. وتتضمن المائدة جانبا من اللحوم المشوية واللوبياء، كما يضم إفطار التشاديين ما يسمى ب'' ألمي عطرون'' وهو ماء فيه قليل من ''العطرون'' قشرة الدخن وطحينة فول سوداني والزبادي، وشوربة لحم وخضار، وعصير الكركدي، وعصير الليمون. ومع اقتراب موعد الإفطار تغلق الشوارع التشادية وتمنع حركة المرور وتنصب الموائد في الشوارع من أجل الإفطار الجماعي لكي يتمكن المعوزون وعابرو السبيل من الإفطار معهم، وما إن يرفع أذان صلاة المغرب حتى يشرعون في تناول البلح والقليل من الشوربة ثم يهبون إلى صلاة المغرب، وبعدها يعودون لتناول الإفطار. ومن الأشياء التي تعتبر أساسية عند التشاديين أن تبعث مائدة رمضانية لأحد أقارب الزوجة والزوج خاصة الكبار منهم حسب الحالة المادية للزوجين ويكون ذلك يوميا على مدار الشهر. رجال الأعمال التشاديون يرفعون ''موائد الرحمن'' يهتم رجال الأعمال والميسورون في التشاد، خلال شهر رمضان الكريم، بالمساكين عن طريق تنظيم موائد الرحمن التي تكون في جميع المساجد والأماكن العامة، حيث تذبح يوميا ثلاث أبقار على الأقل للمائدة الواحدة، كما يقومون بكسوة المساكين وتخرج الزكاة مع نهاية شهر رمضان.