مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان المعظم، عرفت عدة مواد استهلاكية ارتفاعا كالعادة، مقابل إقبال واسع تترجمه الزحمة في الشوارع والأسواق، يعكس تغير الاهتمامات التجارية للباعة المتجولين وتسوق العائلات. أهم المشاهد التي تطبع هذه الآونة هو تميز أسواق العاصمة بحركة نشيطة. وككل سنة لم يفوت الباعة في الأسواق المنظمة والأسواق الموازية على حد سواء، فرصة التفنن في عرض مختلف المواد الغذائية وكل أنواع المشروبات الغازية التي يكثر عليها الطلب عشية رمضان، وبالرغم ان الأطباء حذروا من تناولها بكثرة في العديد من اللقاءات تحسيسية، إلا أن المواطن العاصمي أصبحت بالنسبة له الملاذ الذي لا يفارق المائدة الجزائرية. كشفت جولتنا الاستطلاعية، التي قادتنا إلى كل من أسواق ساحة الشهداء، ''كلوزال''، ''علي ملاح'' و''مارشي ,''12 أن الباعة عرضوا عدة أنواع من المشروبات الغازية الى جانب الفواكه المجففة والمكسرات ومختلف أنواع التوابل وبكميات كبيرة، وعموما هذه المشروبات أضحت تصنع الحدث الذي يتجلى من خلال المفاوضات الساخنة التي تتم بين الباعة والمتسوقين الذين تشكل فئة الشباب غالبيتهم.. كما يؤكده هجر العديد من باعة الطاولات لمواد التجميل والتنظيف وغيرها من السلع التي يتاجرون بها في سائر الأيام العادية، مستبدلين إياها بقارورات مشروبات غازية وأخرى للعصير التي يكثر عليها الطلب خلال شهر الصيام. والمسجل في هذا السياق، أن الكل يتفنن في استعمال العبارات الرنانة التي تقنع المستهلكين بأن أسعار سعلهم تتماشى وإمكانيات المواطنين البسطاء، لاستقطاب الباحثين عن راحة الجيب. شهر ينعش التجارة ويبدو أن بعض المواطنين أدت بهم حمى درجة الحرارة المرتفعة إلى الإقبال على هذه المادة التي أضحت كظاهرة تتزامن مع المناسبات ولاسيما أن إعداد الأطباق التقليدية كلها محضرة من اللحوم الحمراء والبيضاء ومختلف أنواع الأسماك، هذا ما أدى الى شرائها. وحسب أحد الباعة بسوق ساحة الشهداء، أكد لنا أنه بالرغم من أن الباعة يعمدون الى عرض كميات هائلة من المشروبات أياما قبيل حلول شهر رمضان، إلا أن الإقبال لا يصبح واسعا إلا في اليومين الأخيرين اللذين يسبقان حلول الشهر الكريم وأيامه المتبقية، معتبرا أن هذا الأمر تتحكم فيه القدرة الشرائية، وهي بالفعل حقيقة طفت الى السطح. خلال جولتنا الاستطلاعية، لاحظنا أنه بالرغم من أن الغلاء حال دون اقتناء المؤونة الغذائية لدى بعض العائلات، إلا أن جل المواطنين العاصميين يقدمون بتهافت كبير وبكل شراهة على شرائها، مضطرين مع محدودية القدرة الشرائية خاصة لدى ذوي الدخل المحدود، ولم يتعودوا غالبا على شرائها في باقي الأيام العادية للسنة. أطباء يحذرون من شربها بكثرة وبخصوص مخاطر هذه المشروبات التي طغت على كل موائد العصاميين، تحدثنا مع السيدة ''فراح فاطمة الزهراء ''طبيبة عامة بمستشفى مايو بباب الوادي، أوضحت لنا أن المشروبات الغازية انتشرت انتشاراً هائلاً في كافة المجتمعات في العالم، ولا سيما المجتمع الجزائري الذي أضحى يتناولها أثناء الطعام، وربما قبل الطعام وبعده. مشيرة الى أن المواطن الجزائري يتقبل بشراهة اقتناء كل أنواعها، وخاصة من قبل الشباب والأطفال. موضحة ان كلهم غير مبالين بخطر تناول مثل هذه المشروبات التي تتميز بانخفاض قيمتها الغذائية لعدم احتوائها على البروتينات أو الدهون أو الفيتامينات والمعادن، كما ان تناولها مع الغذاء يؤثر سلبا على امتصاص الكالسيوم، وهذا ما يسبب نقصا في كمية الكالسيوم التي تصل إلى الدم وبالتالي إلى العظام، ومن المعروف أهمية الكالسيوم في بناء العظام ونموها وخاصة في سن الطفولة والمراهقة، أو فيما بعد سن الأربعين عندما تبدأ مشاكل هشاشة العظام. وتضيف أن هناك صلة قوية بين احتساء المشروبات الغازية وبين زيادة الإصابة بتآكل الأسنان لدى الأطفال والمراهقين حسب الدراسة البريطانية الجديدة، التي نبهت الى إصابة تآكل الأسنان لدى الأطفال البالغة أعمارهم ما بين 12 و14 عاماً الذين يتناولون المشروبات الغازية بنسبة 59 بالمائة .