كشف تحقيق قامت به مصالح مفتشيه العمل خلال 2006 عن وجود 156 طفل لم يستوفوا السن القانوني للعمل (16 سنة) يشتغلون داخل مؤسسات مختلفة. وأوضح التحقيق الذي أعلن عنه مؤخرا المفتش العام للعمل ورئيس اللجنة الوطنية ما بين القطاعات للوقاية من عمالة الأطفال ومكافحتها السيد محمد خياط بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عمالة الأطفال أن هذا التحقيق الذي شمل 3953 مؤسسة اقتصادية قد مكن من الكشف عن تشغيل 156 طفل تقل أعمارهم عن 16 سنة من بين 82 840 عامل أجير. ذكر خياط أن هذا العدد يمثل نسبة 54ر0 بالمائة من مجموع العاملين مقابل نسبة 56ر0 بالمائة من الأطفال العاملين سنة 2002 (95 طفلا) مبرزا في نفس الوقت أن هذه المعطيات تؤكد بأن الوضعية ليست مقلقة وأن الجزائر ليست معنية تماما بأسوإ أشكال عمل الأطفال. وبالمناسبة شدد على التزام الجزائر بحماية الطفل لاسيما في مجال حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل خطير أو يمثل إعاقة في تعليمه أو يضر به. فبخصوص موضوع هذا الاحتفال المنظم هذه السنة تحت شعار ''التعليم هو الرد السليم على عمالة الأطفال'' أكد رئيس اللجنة التي أنشئت سنة 2003 أن التصدي لظاهرة عمالة الأطفال من أولويات قطاع العمل والتشغيل في الجزائر فاهتمام الجزائر بالموضوع قد برز في الأحكام القانونية للعمل التي تحظر تشغيل من لم يتجاوز 16 سنة الا في الحالات التي تدخل في إطار عقود التمهين أو توظيف القاصر (أقل من 18 سنة) بناء على رخصة من وليه الشرعي. كما تحظر استخدام العمال القصر في أعمال تفوق طاقتهم أو الأعمال الخطرة أو تلك التي تشكل خطرا على الحياة أو الصحة أو الأخلاق. وبمقتضى الجهاز القانوني المتعلق بالتربية والتكوين فإن الجزائر تعمل بمبدإ إلزامية التعليم بين 6 و16 سنة مشيرا أن هذه السياسة دفعت إلى الربط بين الحد الأدنى لسن القبول في العمل بسن استكمال التعليم الإلزامي. وتجدر الإشارة في هذا الصدد أن نسبة تمدرس الأطفال في الجزائر قد بلغت 97 بالمائة وهي حسب تقديرات الجهات المعنية سيما منها مكتب العمل الدولي نسبة مرتفعة جدا سواء ما تعلق منها بالتعليم الابتدائي أو التعليمين المتوسط أو الثانوي. وفيما يتعلق بنشاط الوقاية من عمالة الأطفال ومكافحتها في الجزائر والذي يتعاظم شيئا فشيئا فقد أكد خياط أن الآليات الخاصة بها بدأت تتطور منذ 2003 بفعل تنامي الوعي بضرورة الوقاية من الظاهرة والتنسيق فيما بين القطاعات. وذكر في هذا المقام بالإستراتيجية المتبعة من قبل قطاع العمل والتشغيل من خلال البرنامج المتعدد السنوات للجنة الوطنية سالفة الذكر والقائمة أساسا على وقاية الأطفال المتمدرسين والإعلام تجاه الجمهور الواسع. كما يقوم البرنامج بتفعيل دور الشركاء الاجتماعيين والحركة الجمعوية والهيئات المتخصصة والاهتمام بالجانب الاجتماعي للأسر ودراسة وبحث الظاهرة. وإيمانا من القطاع بضرورة تعزيز أعمال مراقبة عمالة الأطفال وتوسع نشاطات التوعية بادرت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي إلى تعزيز الجانب التشريعي الخاص بهذا الميدان في إطار مشروع مدونة قانون العمل الجديد، وأدرجت في هذا المجال أحكام قانونية تحدد الأعمال الخطيرة. كما سيتم تشديد العقوبات الجزائية ضد المخالفين لمبدإ احترام السن القانوني للعمل ولظروف تشغيل العمال القصر. أما ممثل منظمة اليونيسف بالجزائر السيد مانوييل فونتان فقد نوه بمجهودات الجزائر في مجال مكافحة عمل الأطفال ولو أن الظاهرة لا يقاس عليها مقارنة بدول عديدة في العالم مشيرا الى أن التسرب المدرسي هو أحد أبرز أسباب تشغيل الأطفال في الجزائر. وأعرب في نفس الوقت عن أمله في أن يشكل قانون حماية الطفل الذي صادقت عليه الحكومة مؤخرا مرجعا إضافيا لحماية الطفل في الجزائر مؤكدا بالمقابل أن الفقر الاقتصادي ليسر السبب الرئيس لعمل الأطفال والتسرب المدرسي وأن الحل يكمن في توفير تعليم ذي نوعية.