غزت السوق الجزائرية منذ بداية شهر أكتوبر الماضي جملة من المواد الغذائية المستوردة التي شارفت على انتهاء صلاحيتها، وبأثمان جد منخفضة مقارنة بأسعارها الحقيقة. وتلاقي هذه السلع إقبالا واسعا من طرف المستهلكين باختلاف مستوياتهم واضعين جانبا أي احتمال للإصابة بتسممات، وهو ما يحذر منه الأطباء العامون، داعين المستهلكين إلى تفادي تناولها باعتبار أن بعض مكوناتها قد تكون سامة على بعض الأشخاص إذا ما تجاوزت مدة صلاحيتها. تعرف الأسواق الشعبية الجزائرية وحتى محلات المواد الغذائية العامة، هذه الأيام، سباقا نحو تخفيض الأسعار على بعض المنتجات المستوردة بهدف التخلص من الكميات التي ظلت مكدسة في المخازن لمدة طويلة دون تصريف بسبب ارتفاع أسعارها، ويقابل هذه السياسة التسويقية موجة استهلاك كبيرة ولاسيما على الشكولاطة وال ''كورن فلاكس'' ومختلف أنواع البسكويت، خاصة من طرف الأطفال الذين صار بإمكانهم تناول هذه المنتجات التي كانت حكرا فقط على أبناء العائلات ميسورة الدخل. الباعة يبررون: .. بنصف سعرها .. ولا الخسارة تعرض نفس السلع على الطاولات في الأسواق الشعبية كسوق الساعات الثلاث بباب الوادي أو سوق على ملاح بساحة أول ماي أو سوق مارشي 12 ببلوزداد وشوارعها، وسوق الأبيار وغيرها من أسواق العاصمة وحتى المناطق المجاورة كالبليدة وتيبازة، التي تعرف نفس الوضعية، وكأن جميع الباعة اتفقوا على أسعار موحدة تراجعت إلى النصف في معظم الأحيان وإلى الربع بالنسبة لمنتجات أخرى لم يتبق على تاريخ نهاية صلاحيتها سوى أيام قليلة. وصل سعر الشكولاطة إلى 55 دينارا بعدما كان يقدر ب 190 دينار، وتباع حاليا مختلف أنواع البسكويت الفرنسي الفاخر ب 70 دينارا بعدما كان سعر العلبة الواحدة يقدر ب 150 دينار، أما ال ''كورن فلاكس'' فيقدر ثمنه ب50 دينارا، استغرب في البداية العديد من المواطنين انخفاض أثمان هذه المواد بصورة مفاجئة وراحوا يقبلون عليها متسائلين في نفس الوقت عن السبب. تقربت ''الحوار'' من بعض أصحاب محلات بيع المواد الغذائية العامة، أدلى جميعهم بنفس التبرير، حيث أرجع ياسين صاحب محل بالفوج ال 11 بساحة أول ماي، سبب تخفيضه الأسعار إلى اقتراب موعد انتهاء صلاحيتها وقال ''نقتني هذه المواد بأسعار مرتفعة لأنها مستوردة ولا نتمكن من تصريف كل الكميات، ما يضطرنا إلى التخفيض من أسعارها أسابيع قليلة قبل قرب موعد انتهاء صلاحيتها''. وأضاف ''نفضل أن نبيعها بنصف سعرها على أن نخسر رأس مالنا''. وعما إذا كان المستهلكون واعين بإمكانية خطورة استهلاكها على صحتهم، أوضح ياسين، بأن هذه المواد لا تشكل خطورة على الصحة ما دامت لم تنته صلاحيتها بعد، كما أن غالبية السلع يمكن استهلاكها طيلة الأشهر الثلاث التي تلي تاريخ انتهائها كما جرت عليه العادة بالنسبة للأدوية، حيث اعتبرت الفئات المنخفضة الدخل التي كانت تكتفي بمشاهدة هذه المواد على الواجهات والرفوف، مصيبة الباعة فرصة لا تعوض للاستمتاع بتذوقها، قال محدثنا. الأطباء يحذرون من تناولها تدخل في تركيبة هذه المواد الغذائية مواد كيميائية عديدة كحافظات اللون، والنكهات والخمائر، وغيرها، وما يعرف عنها أنها قد تتحول إلى مواد سامة في الكثير من الأحيان إذا ما لم تحفظ في الشروط المناسبة من درجة حرارة ورطوبة. هذا ما جعل الدكتورة غلياف طبيبة عامة، تحذر من الإفراط في تناول هذه المنتجات التي شارفت على الفساد، وتدعو إلى عدم تناولها وتحذر من خطورة البعض منها كالشكولاطة مثلا التي تتسبب في حساسية جلدية وأحيانا تنفسية بالنسبة للأشخاص المصابين بالحساسية التنفسية والربو، وحتى المسنين والأطفال باعتبار أن نظام مناعة جسمهم ضعيفة. وطالبت الدكتورة غلياف الأولياء إلى مراقبة أطفالهم وتحسيسهم بمدى خطورة استهلاك هذه المواد على صحتهم، من جهة، و الباعة بالتحلي بروح المسؤولية والتوقف عن التلاعب بصحة المستهلكين، متوجهة بندائها إلى وزارة التجارة لتشديد الرقابة على ما يعرض بالمحلات والأسواق الموازية واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة إزاء الوضع.