لجأ غالبية الجزائريين إلى الشوارع والساحات العمومية للقيام بذبح الأضاحي، فتحولت العاصمة خلال الفترة الصباحية من أول أيام عيد الأضحى إلى مذابح ومسالخ مفتوحة على الهواء الطلق. ولم يقتصر التحول على مظهر المدينة وحسب بل تعداه إلى المهن أيضا فقد تحول بعض المواطنين إلى مختصين في عملية الذبح يجوبون الطرقات عارضين خدماتهم على الناس، كفرصة للاسترزاق والتعويض عن نفقات العيد، صانعين بذلك ديكورا جميلا لسويعات فقط قضوا عليه بعدها بإهمالهم تنظيف أماكن الذبح. تجنبت بعض العائلات الجزائرية مشكل الضيق خلال ذبح الأضحية باللجوء إلى الشوارع ومواقف السيارات والساحات العمومية، وهذا ليس فقط من أجل تجنب الضيق لدى البعض وإنما أيضا للحصول على مساعدة من الجيران والأصدقاء أو حتى مصادفة أحد الذباحين الذي يعرض خدماته عليهم بأسعار يقدمون على دفعها حتى وإن كانت مرتفعة في نظرهم، فهم مضطرون لذلك. يوم العيد فرصة للاسترزاق رصدت ''الحوار'' العديد من المظاهر والسلوكيات السلبية والمخالفة لمعاير وشروط النظافة والصحة من ذبح في الشوارع، فغالبية الجزائريين قاموا بعملية الذبح في أقرب ساحة لمنازلهم منذ الساعات الأولى لنهار العيد ومباشرة بعد انتهاء الصلاة، وهذا لكي ينتهي المشرف على الذبح مبكرا خاصة إذا ما كان رب الأسرة قد لجأ إلى شخص مختص في الذبح. فبالرغم من أن شوارع العاصمة صباحا كانت شبه خالية من المارة، إلا أن أشخاصا استغلوا إجازتهم وعطلتهم من أعمالهم اليومية للاسترزاق وكسب بعض المال يعوضون به ما دفعهوه في شراء الأضحية. حيث جاب هؤلاء الأشخاص الشوارع وهم يحملون مستلزمات الذبح من سكاكين وكافة المستلزمات تقدم العروض للذبح للمارة الخارجين من المساجد، ولم يكتف هؤلاء عند هذا الحد بل وصلت الجرأة بهم إلى التواجد حتى أمام أبواب المساجد. ويرجح الأشخاص المعتادون على اللجوء إلى خدمات هؤلاء الذباحين أن هذه الفئة التي تقوم بالذبح تجني من الدخل الذي تحصل عليه يوم العيد ما يعادل مرتب شهر، فالذبيحة بسعر ألف دينارويتكرم بعض الأشخاص بدفع ما يفوق ذلك بمرتين أحيانا، ومن الذباحين من بقوم بذبح ثماني ذبائح في اليوم. من مذابح إلى مزابل يقطن غالبية الجزائريين في العمارات وشققهم ضيقة، ما دفع بالعديد من السكان إلى استغلال الشوارع لذبح أضاحيهم، حيث حلت الشوارع والأزقة والساحات العمومية إشكالياتهم وكانت منقذهم من تحويل منازلهم إلى مذابح ومسالخ وتقليل التعب على ربات البيوت اللواتي اكتفين بتنظيف الزوائد وحسب التي تصلهم تقريبا نظيفة، بعدما ينظفها أزواجهن وأبناؤهم في الخارج، وهو ما لم يكونوا يفعلونه لو تمت عملية الذبح داخل المنازل. إلا أن غالبية، إن لم نقل جميع من لجأوا إلى الذبح في الشوارع، لم يتقيدوا بمعايير وشروط الصحة والنظافة، ولم يكونوا حريصين على تنظيف المكان بعد الذبح بنفس حرصهم على تنظيفه وتحضيره قبل الذبح. فلم يتوانوا في رمي مخلفات الأضاحي سواء من دم أو جلود على الطرقات، وهي التصرفات التي تثير حفيظة باقي السكان ممن تطل منازلهم على الشوارع نتيجة ما خلفته هذه التصرفات من تلوث وتوالد للحشرات. وكذا حفيظة عمال النظافة من أعوان ''نات كوم''. وقضت هذه الفئة من المواطنين بإهمالهم ولا مبالاتهم على المنظر الجمالي للمدينة خاصة بالعاصمة. وتتكرر هذه الظاهرة سنويا حتى مع التعليمات التي تقوم شركة ''نات كوم'' بنشرها على أبواب ومداخل العمارات ترشد فيها السكان إلى التخلص من فضلات الذبح وجمعها في مكان واضح، لتسهل على أعوان الشركة جمعها فيما بعد. وحسب العديد من المواطنين المستنكرين للظاهرة، فإن انتشار عملية ذبح الأضاحي على جوانب الطرق وأمام المنازل تعد ظاهرة غير صحية وتتسبب في العديد من المشاكل البيئية كجريان الدماء والماء إلى مسافات بعيدة، إلى جانب رمي مخلفات الأضاحي في الساحات العامة وتحولها إلى مصدر لانبعاث الروائح الكريهة إلى ما بعد عيد الأضحى المبارك.