الآن أصبحت المطالبة بمقاطعة الجزائر ثقافيا ضربا من الجنون ومنتهى الحماقة .. الآن رجح العقل وسكت لسان الشر في أفواه المصريين ..الآن وبعد أن صدرت تعليمة الرئيس حسني مبارك بالتهدئة والكف عن قذف الجزائر من أعلى إلى أدنى شريحة في المجتمع المصري .. من أجهل الناس إلى أفقه وأعلم الناس..أخذت أعمدة الكتاب والمثقفين تنادي بضرورة إصلاح ما جرى جراء مباراة الخرطوم ..الكاتب الكبير جمال الغيطاني من الأصوات التي استنكرت المطالبة بقطع العلاقات الثقافية بين البلدين . وآخرون غيره أدركوا فجأة خطورة ما حدث وتساءلوا بعد أن أكد الوزير المصري الدكتور مفيد شهاب أن ''الطوب '' - الحجر في مصر أصبح اسمه الطوب في مصر بدءا من هذه الحادثة - الذي هشم رؤوس اللاعبين الجزائريين وحطم زجاج الحافلة المقلة لهم قذفته أيادي مصرية وليس أيادي جزائرية كما زعمت وسائل الإعلام المصرية لتضلل الرأي العام .. الروائي جمال الغيطاني أعلن مؤخرا خجله مما حدث متسائلا '' لماذا لم تتم محاسبة الذين قاموا بهذا الفعل الشنيع .. الآن يخجل والآن يتساءل .. وينسب كل ما جرى لأصوات الرعاع التي نبحت عبر الفضائيات بلا كلل .. الآن أدرك الغيطاني والسلطات العليا في بلده خطورة ما حدث .. ليس الرعاع من كال الشتائم بل من كانوا مثل الرعاع وأفظع .. وليس الرعاع من حرق علم الجزائر بل من انقلبوا إلى رعاع وأسوأ .. كل المأساة تكمن هنا .. لو أن ما جرحنا وخلخل نظرتنا وحبنا وثقتنا في المصريين صدر عن رعاع وشباب طائش لهان الأمر، ولما انكسر شيء في قلوب الجزائريين اتجاه مصر، ولما تأثرنا حد عدم تقبل أي كلام أو أي دعوة لتجاوز ما كان ونسيانه .. الحكاية حكاية كرامة وشرف وثوابت وطنية وتاريخية وكلها مبادئ غير قابلة لمجرد اللمس أو الذكر بالنسبة للجزائري، فما بالك عندما تتعرض للسب والإهانة ... بالأمس أسماء ثقافية وقامات إبداعية كانت لها هالة تقدير وتبجيل في نظرنا وكنا نعدها قدوة في الأخلاق والثقافة والفكر المنفتح، وهاهي اليوم تبدع في كيل الشتائم واستحداث أرذل مفردات الإهانة لتوجهها لكل ماهو جزائري حضارة وتاريخا وشعبا وحكومة ..وتأتي بعد أن انفطر خاطر الجزائريين لما اكتشفوه فيهم يقولون مرحبا بك يا جزائر.. ''نحن لسنا لعبة بين يديكم'' شكرا لأستاذنا الكبير جمال الغيطاني على مساعيك لجبر خاطرنا .. شكرا للخطوة الإصلاحية التي بادر بها وزير الثقافة المصري ..''مرحبا بمشاركة الجزائر في معرض الكتاب الذي سيقام لا حقا في مصر'' .. ياسلام .. وكأن الجزائر والجزائريين تحت رحمة أهوائهم ''اليوم سب وغد حب .. اليوم شتم وشقاق وغد عناق ونفاق'' أشياء كثيرة اكتشفناها وأقنعة كثيرة سقطت عن أشقائنا المصريين بفضل هذه المباراة التي أزاحت عن عيوننا غمامة لطالما حجبت عنا حقائق كنا في غفلة عنها .. قد يطوي الزمن غضبنا .. ويخفف صدمتنا ربما ..لكن الأكيد والمؤكد أن زمن ما قبل المباراة لن يعود أبدا .. ''هل نشارك في معرض الكتاب ؟ '' . ما كنت أنوي الرجوع إلى هذا الموضوع الجارح لأننا تعبنا منه لولا المقال الذي كتبة الغيطاني مبديا ترحيبه الشديد بمشاركة الجزائر في معرض الكتاب بالقاهرة .. إن شاركنا فسنعرض إبداعات بهتانهم وأكاذيبهم وزورهم .. ونمنحهم جائزة عن جودة تقنيات مغالطاتهم للغير .. ولأنفسهم .. وليعلم كل من شارك في مهرجان التعدي والإهانات والشتائم ضد الجزائر أن خيبتنا فيكم فوق ما تتصورون وأن شيئا في قلوبنا انكسر وما عاد بالإمكان جبره وإصلاحه بالخفة والسهولة التي تتوقعونها .. نحن في غاية الأسف لبعض المصريين الذين ما كانوا كالمصريين فيما حصل بين الجزائر ومصر ..