في حوار شيق حمله أثير إذاعة مدينة الجلفة الجزائرية، قدّم الشاعر الجزائري ميلود حميدة حوارا مهما يأتي في سياق قراءة المختلف في يد الأزمنة المتّسعة، حيث تكلّم الشاعر في بداية الحوار عن جدلية الأصالة والمعاصرة. قدّم الشاعر، على ضوء ذلك، نصا بعنوان ''لسنا هناك ولا هنا'' وجّههُ كفعل نقدي فني لأهل المكان. ومن هناك أيضا انتقل الشاعر للحديث عن كتابه الذي نُشر حديثا ''أوراق لاتينية، انطباعات حول الأدب اللاتيني المعاصر''. وهو من إصدارات دار ميم للنشر لصاحبتها الكاتبة آسيا علي موسى، فأثلج الصدور بما يطيب من عبق الآخر، من بساتين مختلفة للشعر الإسباني. وتحدث الشاعر من خلال كتابه عن علاقته بهذا الأدب ومدى تأثيره على مستويات الأدب العربي حيث نجده حاضرا في قصائده الحديثة خاصة كتاباته عن الشاعر المكسيكي ماكس أوب وخايمي سابينيس وأمبيرتوغارسا كانيامار وغيرهم، كل ذلك من خلال المحاور المتميز الشاعر الجزائري محمد عبد الوهاب. وقد رسم هذا المحاور من خلال أسئلته الحية والناضجة معالم شخصية الشاعر من خلال توغله في فهم علاقة النص بالشاعر والمكان، وبذلك نعتبر أن الشاعر ميلود حميدة من أهم شعراء المكان، حيث جسدت قصائده العديدة أهميته وفلسفته الخاصة، وقد قرأنا ذلك في قصائد له نذكر منها ''ساعتان على الجدار'' وقد نشرت في جريدة أخبار الأدب المصرية، أيضا نصه ''اختراقات عرش الماء'' الذي نشر بمجلة العربي الكويتية، ونص آخر بعنوان ''قفا، قد تهدّم وجه المدينة'' نشر بالمجلة العربية بالمملكة العربية السعودية، كل هذه القصائد وغيرها تبين خصوصية المكان في قصائد الشاعر ميلود حميدة وتبين بنيوية النص من خلال تفاصيل قراءاته المتعددة، وتبين أهمية المحاور في فك اشتقاقات الشاعر للمكان ولأهله.و قد تطرق في نهاية الحوار إلى حكاية الشاعر المكسيكي ماكس أوب الذي سُجن إبان الحرب العالمية الثانية بمدينة الجلفة، حيث يعتبر من مقاله المهم ''ماكس أوب شاعر المدينة الباردة'' الباب الذي فتح القراءة العربية لهذا الشاعر المكسيكي، وقد قرأ الشاعر نصا مهماً بعنوان ''ماكس أوب'' يقول فيه: تُرَاكَ هُنَا أَيّهَا المُتَنَبِّئُ مِثلِي تُرَاكَ هُنَا يَا رَفِيقَ الكِتَابَةِ فِي عُمقِ هَذَا الظّلاَمِ تُرَاكَ هُنَا أَيّهَا النّاسِكُ الأجنبيُّ تُرَاكَ هُنَا أَيّهَا العَرَبيُّ تُرَاكَ هُنَا أَيّهَا المُترحّلُ بَينَ السُّطُورِ وَهَل تَرَكتكَ المَنَافِي تُغَادِرُ صَمتكَ فِي أَيّ رُكنٍ تَرَكتَ كتابكَ يَومِيّةٌ رَصَدتْ حُزنَكَ الأبديَّ.... دخل الشاعر فعليا في فضاءات الأدب الإسباني المعاصر، وذلك بانضمامه إلى نادي نيون البيروفي للشعر الحديث بزعامة الشاعر البيروفي ليوسيلادا، حيث اختارته من هناك جمعية دير الشعر الإسبانية بمدريد ليؤسس في منظورها مع مجموعة الأدباء الإسبان للنص الافتراضي الشعري. وإضافة إلى كل ذلك فقد تحدث الشاعر عن إصداره الشعري باللغة الإسبانية ''رياح العزلة'' وقد نشر بالمكسيك عن دار ليناخي إديتوريا، رصد فيه الشاعر تجربة مهمة في قراءة النص المختلف ومرر على غيوم المكان صورا عميقة لأهل المكان.