يعتبر المركز الثقافي الإسلامي نقطة تحول هامة في المسار الثقافي لمدينة الجلفة، حيث تمكن من إعداد برنامج ثقافي متنوع يجسد به التواصل الثقافي بين بلديات الجلفة رغم الصعوبات الكثيرة التي تواجه طاقمه، وكذلك الإمكانيات القليلة التي قد تؤشر على بعض السلبيات مما يساعد الكثير على نقد هذا الفعل الثقافي، ولكن ورغم كل ذلك يبقى هذا التواصل مستمرا ومنتجاً وعلى أمل أن ينقل هذا التواصل إلى ولايات الجزائر ككل... حيث أنه وبعد الزيارة الموفقة لبلدية المجبارة خلال الفترة الماضية، استطاع المركز الثقافي الإسلامي أن ينقل نشاطاته الثقافية والفكرية هذه المرة إلى بلدية عين معبد التي تبعد حوالي 20 كلم عن بلدية الجلفة، وكان في استقبال القافلة أعضاء من المجلس الشعبي البلدي لبلدية عين معبد رفقة بعض إطارات البلدية ومثقفيها، حيث ابتدأ النشاط بثانوية البلدية، فكان الافتتاح للسيد نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي، وبتنشيط الأستاذ ابراهيمي المختار، حيث وزع أوراق الجلسة بين الشعر والمداخلات... وكانت المداخلة الأولى للسيد مدير المركز الثقافي الإسلامي لمدينة الجلفة هزرشي عبد الرحمان، حيث عرّف بمهام المركز وأهدافه الثقافية التي تحاول فتح آفاق كبرى للمثقفين والدارسين من خلال برامجه المتنوعة، كما جاء عقب هذه المداخلة قراءات شعرية تفضل بها شعراء من الجلفة من أمثال الشاعر أحمد رحمون، والشاعر كمال الدولة الذي قرأ نصا مهما يأتي في سياق نقد زمن الرداءة الفكرية الذي يؤثر على بناءات النص وتجلياته فيقبع بالضرورة تحت ظلال الماضي البعيد... . صورة للشاعر كمال الدولة اثناء تدخله . أما الشاعر سالم حميدة فقرأ متذكرا أيام الصداقة الفاعلة وقيمتها الحقيقية كعنصر إنساني متحضر، ويأتي الشاعر المسعدي نايل بن عبد الرحمن الذي يعتبر رفيقا دائما للقافلة، فأبهج الحضور بنص حول علاقة المواطن العربي بجهاز الكومبيوتر وبطريقة أو بأخرى تقرأ في نصه ثقافة العولمة وعولمة الثقافة على رأي الكاتب الكبير برهان غليون... وفي نفس المسار قدّم الأستاذ الإمام ابراهيمي الطيب مداخلة حول أهمية المكان ورجاله، حيث تحدث عن خصال العلماء والمربين، وأدرج ذلك في مثال مهم يعرفه أهل المدينة والعاملين في مجال البحث الفكري الديني وهو الشيخ الإمام عامر محفوظي- رحمه الله- ، فتطرق الأستاذ ابراهيمي الطيب إلى أهم جوانب حياة هذا الشيخ وعلاقته بالمكان(عين معبد)، هذا المكان الذي حمل أنفاس الشيخ العلامة سي عطية الذي يعتبر أستاذا ومعلما لأهل المنطقة، فقد قرأ الشيخ عامر محفوظي عنه متونا جمة في الفقه والنحو والفرائض وغيرها من العلوم الإسلامية... . جانب من الحضور وبالموازاة فقد زارت القافلة زاوية الجلالية لشيخها عطية بن أحمد بيض الغول، وكان في استقبال القافلة عدد مهم من مشايخ الزاوية، هذه الأخيرة التي تعتبر من أهم الزوايا على المستوى الوطني، حيث ساهمت في خدمة العربية والفكر الإسلامي المنتج والذي قدّم نماذج مهمة في مجال البحث والعلم الديني والأدبي واللغوي، و قد أسسها الشيخ عطية بن أحمد بيض الغول سنة 1870م بالمكان المسمى طكوكة شمال شرقي بلدية عين معبد ثم أمره شيخه محمد بن بلقاسم بنقلها إلى الجلالية جنوب بلدية عين معبد وعمرها بالعلم والقرآن، وتخرج منها فقهاء وعلماء وحفظة قرآن كما بيّن ذلك الشيخ عامر محفوظي في كتابه "تحفة السائل" وهم لا يحصون عدا، نذكر منهم الشيخ الهادي بن مصطفى مسعودي وشقيقه الشيخ عطية الذي تولى الإمامة والخطابة في الجامع الكبير بمدينة الجلفة.