كشفت الفنانة القديرة أمينة لوكيل ل''الحوار'' عن تفاصيل آخر أعمالها الذي يسلط الضوء على نخبة من أعلام الشعر الشعبي الملحون وذلك في محاولة منها لإعادة بعث هذا الجنس الأدبي الملازم للموروث الشعبي اللامادي. وفي هذا اللقاء التي خصت به ''الحوار '' تطلعنا الممثلة أمينة على هذا العمل الثقافي والأسباب التي كانت وراء انقطاعها عن الشاشة وأمور كثيرة أخرى. غياب أمينة لوكيل عن الساحة الفنية أثار تساؤل الكثيرين، هلا أوضحت لنا دواعي هذا الغياب؟ بصراحة غيابي ليس بإرادتي هناك منتجون هم الذين يقومون بتوجيه دعوة لنعمل معهم وفي نفس الوقت أفضل الأعمال الجيدة، حيث أقوم بانتقاء السيناريوهات الجيدة من اجل اختيار الأفضل. كما أنني أركز على اختيار الأشخاص الذي أشاركهم العمل فانا أفضل دائما الفنانين الجيدين الذين أرتاح خلال العمل معهم. والفنان بصفة عامة مرهف الشعور، يؤثر ويتأثر بسرعة كبيرة جدا مع الآخرين وانا بطبعي حساسة جدا ولا اسعى ولا اركض وراء المال بقدر سعيي وراء العمل الجيد والمتقن، وهذا كله ياتي من اجل البحث الدائم والمستمر والحرص على الحفاظ على سمعتي فمن الصعب ان يحقق الفنان سمعة طيبة لدى الجمهور لهذا لا اقبل بأي عمل كان وأفضل ان ابقى بعيدة عن الأنظار. لماذا يريط الكثيرون مشكل عجزالدراما الجزائرية بندرة النص، أما آن لنا أن نخرج من هذه الدائرة؟ أنا بحكم تجربتي الفنية التي تفوق 22سنة، وعندما كنت صغيرة اعتقدت ان الفن بمثابة رسالة مقدسة فإذا أمينة لوكيل تجد الأغلبية تركز على المادة، فالمال طغى بشكل واضح على الدراما وهو الذي يعكس مستوى بعض الأعمال التي لا تكون في المستوى اللائق والمطلوب. فالفن هو اسمى من أن يتحول إلى تجارة، فهو يخدم رسالة راقية تحمل في فحواها خدمة المجتمع. ونحن اليوم لا نقول إن المشكلة تكمن في النص فقط وإنما العمل الدرامي هو كل متكامل من سيناريو وتمثيل وإخراج وإضاءة إلى آخر شيء في أي إنتاج درامي والتي ربما يعطيها البعض أهمية بالغة. وكل ما تستطيع التعبير عنه تجاه ما يحدث الآن هو أن الحابل اختلط بالنابل والتفرقة والتحديد بين الأشياء مهمة صعبة للغاية. بعد تجربة 22 سنة مع عمالقة الدراما الجزائرية، كيف تنظرين إلى الوجوه الشابة من حيث المستوى والأداء؟ والله الجزائر اليوم تزخر بطاقات شابة ومواهب خارقة، فالموهبة الفنية تتملك الإنسان منذ ولادته وتكبر معه. ولكن الموهبة وحدها لاتكفي ويجب رعايتها والسهر عليها منذ بداياتها الأولى وتتبع خطواتها الأولى من اجل إعدادها إلى الأفضل، لذا يجب أن ننظر إلى كل موهبة على أنها بمثابة وردة يجب الاعتناء بها وسقيها من اجل أن تعطينا رحيقا عطرا . تثير ظاهرة المؤلف المخرج في الدراما الجزائرية كثيرا من الجدل، فكيف تنظرين لهذه الظاهرة؟ السيناريست والمخرج كل واحد منهما يكمل الآخر، ولكن الآن أصبح هناك تداخل كبير والمخرج يحتكر كل شيء من كتابة السيناريو والإشراف على الإخراج وعدة أمور أخرى، حتى السيناريست هو الآخر يرتكب عدة مغالطات ويحتكر هو الآخر مما يؤثر على قيمة العمل ويحد من الإبداع . هل تعتقدين أن السبب الكامن وراء عدم انتشار الدراما الجزائرية على غرار نظيراتها العربية هو اللهجة؟ نحن الجزائريين لدينا فصاحة لسان ولغة سليمة، فمثلا أنا عندما مثلت في المسلسل السوري ''عذراء الجبل'' كنت جد متخوفة من الوقوف إلى جانب كبار الممثلين، لكن بعد وصولي انقلب الأمر وانبهروا باللغة التي أتكلم بها. وحسب تجربتي فالخلل لا يكمن في اللهجة وانما يعود لامور كثيرة. مشوار طويل مع التنشيط وكذا الدراما، فأين تجد أمينة نفسها؟ في الحقيقة لا يوجد فرق عندي بين التنشيط والدراما، لكنني أحب التنشيط أكثر لان أولى بدايتي كانت في هذا الميدان. بعد هذا الانقطاع ألا تفكر أمينة في عمل جديد تستعيد بريقها الفني من خلاله ؟ تكلمت مؤخرا مع المدير العام للتلفزة الوطنية سعيد عولمي حول انجاز سلسلة من الحصص الفنية والتثقيفية حول اكبر الشخصيات في الشعر الشعبي أمثال سيدي لخضر بن خلوف وكان الرد بالموافقة مبدئيا. ولقد كان لي في وقت سابق شرف إعداد بورتري حول الشاعر مصطفى بن براهيم، واقترحت هذا البورتري كنموذج لهذه الحصة واستحسنت التلفزة الوطنية الفكرة ورحبت بالعمل وبث عبر التلفزيون. كيف جاءتك فكرة هذا العمل؟ أردت من خلال هذا العمل أن ابرز تاريخنا وشخصياتنا الثقافية الأصيلة لكي نتباهى بها أمام كل الدول العربية والأجنبية. والفكرة لم تخرج من العدم، لأنني منذ فترة ليست بطويلة كنت في مصر وكنت دائما أتحدث عن الجزائر وما تزخر به من تراث مادي ولا مادي فانبهر المصريون باللغة العربية التي أتكلم بها ظنا منهم أننا لا نفقه في اللغة شيئا وان الفرنسية هي اللغة الأساسية للجزائريين، فكان أحسن رد من قبلي عليهم هو تكلمي عن تاريخ بلدي باللغة العربية. وبعد عودتي مباشرة للجزائر حز في نفسي كثيرا الأمر وعزمت على إعداد هذه السلسلة التي أتمنى من كل قلبي أن ترى النور لكي تكون ضربة وردا قوي في وجه كل من يشكك في عروبة الجزائر وكل مقوماتها. بعد مسيرة 22 سنة من العمل الفني، إلي ما تطمح الفنانة أمينة؟ صحيح أني اعمل منذ 22 سنة في مجال التنشيط والدراما لكنني أحس وكأنني بدأت الآن فقط، ولكن عندي أمنيات كثيرة يعجز اللسان عن وصفها والبوح بها، كما انه كلما تمر الأيام تتجدد الأمنيات، واكبر أمنية تسيطر علي في الوقت الراهن هي أن انهي هذه السلسلة الخاصة بأعلام الشعر الملحون وإعدادها بطريقة لائقة.