تأهل الفريق الوطني للدور الثاني من مباريات التنافس على كاس الامم الافريقية ومع اني لست متتبعا للشان الرياضي للاسف ولست موهوبا في الرياضة ولا في تحاليلها ولكنني انزويت مع الذين يتابعون الفريق باهتمام بالغ والتحقت مجبرا بصفوفهم لا هذا المجال وفر لى ولكل مواطن جرعة الفرح اليومية التي يكاد الحصول عليها يكون صعب المنال خارج هذا الإطار ولعل المتتبع للشأن الجزائري لا يكون مبالغا حين يعترف بان الفرح أصبح نادرا وضئيلا كالمطر والحب وأشياء أخرى جميلة تختفي تدريجيا من حياتنا ونخشى أن تنزاح إلى قائمة المواد والمخلوقات المنقرضة ومع أنني أصبحت مدمنا على جرعة الفرح الضئيل التي تنتابني وأنا أحفظ أسماء اللاعبين واخترع خطط اللعب وأناقش المختصين في الرياضة مدافعا عن هذا ومتهجما بشراسة على ذاك واختطف طفولتي وفرحها من نافذة المراهنات اللطيفة والحميمة مع اصدقاء هدهم الواقع إلا أنني وفي غمرة كل هذا الباب الواسع على فرح عابر أبقى مشفقا بشكل عميق على هؤلاء اللاعبين المساكين الذين جاؤا للعب كرة القدم فاكتشفوا أنهم في مهمة موغلة في الصعوبة وتكاد تتناهي الى الاستحالة وهي مهمة إلحاق الفرحة بقلوب الجزائريين... الفرح النادر الذي يضيء باحتشام في غيابات محيط متلاطم من الأحزان والإحباط يتجرعه المواطن مع كل ثانية وفي كل عنوان وصحيفة لماذا يتبناه ويتولاه فتية لا يعرفون الا مداعبة الكرة وضرب الجلد المنفوخ ؟ لكم يبدوا هذا الفريق مندمجا في مهمة بدت في منطلقها لعبة لا أكثر وأضحت مهمة صنع الفرحة لشعب فشلت كل باقي القطاعات في إلحاق البسمة بشفاهه بل وأبدعت قطاعات أخرى في تعميق جراحه وأحزانه فالمواطن الذي يعيش إحباطا وهو يترنح ببن الموت بالأنفلونزا أو باللقاح ويعيش حزينا بصورة مدهشة وهو يتابع أحداث الفساد التي طالت حتى المؤسسات المسؤولة على لقمته، المواطن الذي أفلست كل سياسات الفرحة التي علق أمله على مشاريعها وانهارت كل المحاولات المنهارة أصلا التي حاول بها التعبير عن حزنه المزمن بالإضرابات المتكررة على بعض المؤسسات التي احترفت المتاجرة في الحزن وتوزيعه بالجملة وبالتفصيل وعلى المقاس وسائلا وصلبا ومطبوخا ونيئا ،المواطن الذي تنهكه كآبة الانتظار أمام مكتب المدير وتنهكه أسعار اللحم والبطاطا وتحزنه السجائر وتطارده ديون البنوك والمتاجر هل الفريق الوطني لكرة القدم الذي يتوسط هذا المحيط من الأحزان والإحباطات مطالب أن يتولى وحده مسؤولية الفرح المأمول ..الفرح المنتظر.. الفرح المبتغى ؟ ساندوهم والحقوا بقلوبهم الفرحة .. فما أصعب مهمتهم إذ نجحوا بقوة في وضع جزيرة فرح تنادينا كالمنارة في ليل محيطنا الرمادي ما أروع هؤلاء الأبطال وما أعظم بطولاتهم وأكبرها وهم يقفون قليلا بيننا وبين ذاتنا الحزينة لقد نجحوا حيث أفلس الجميع .. ساندوهم أو تخلوا عن فرحكم المفاجئ قبل أن تألفوه وتدمنوه.... للحديث شجون