وصف الكثير الخرجة الأخيرة لشبيبة بجاية في بور سعيد المصرية بالشوط الأول من النزال الجزائري المصري المنتظر قريبا برسم الإقصائيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم * ومن غريب الصدف أن الموعد الأول بين الطرفين شهد مباراة داخل مباراة بين هدافين سابقين في المنتخبين الجزائري والمصري ونقصد بهما جمال مناد من الجانب الجزائري، وحسام حسن من الجانب الآخر؛ موعد تفضل المدرب الحالي لشبيبة بجاية بالعودة إليه في حوار صريح مع "الشروق اليومي" إستغله للحديث عن التصفيات المرتقبة، وحظوظ "الخضر" في ظل تواجد "الفراعنة" ضمن المجموعة، انطلاقا من تجربته الدولية الكبيرة وأمور أخرى. * * لنبدأ من سفريتكم الأخيرة إلى مصر، فعلى غير العادة لم تفوت فرصة مدح كرم المصريين الذين، إذا استندنا إلى تصريحاتك شخصيا، فقد وفّروا كل شروط الإقامة الطيبة للوفد البجاوي. ما سر تركيزك على هذا الاستقبال الحار؟ * * لأنه وببساطة، طوال المرات العديدة التي اشتركت فيها بالمباريات الجزائرية المصرية، سواء على مستوى المنتخبات أو النوادي، لم يسبق لي وأن حظيت بمثل هذا الكرم من طرف إخواننا المصريين... فالجميع يعلم بأن ثمة علاقة كروية خاصة بين البلدين بفعل حرب الزعامة الرياضية التي غالبا ما طبعت المنافسة بين الجانبين. وعليه، ففي معظم المرات، إن لم أقل كلها التي أتيحت لي الفرصة أن أواجه منتخبا أو ناديا مصريا بالقاهرة أو أية مدينة مصرية أخرى، كنا نعاني الأمرّين، إلى درجة أن مقابلاتنا غالبا ما خرجت عن الإطار الرياضي... أما هذه المرة، فالحمد لله، أن كل الأمور مرت بصورة طبيعية، بل ان المصريين عملوا كل ما في وسعهم من أجل أن نكون جد مرتاحين نحن وفد شبيبة بجاية. * * إذن هي مفاجأة سعيدة بالنسبة لك، على الأقل لتمحو الذكريات السيئة التي تحتفظ بها عن سفرياتك السابقة إلى أرض الفراعنة؟ * * صحيح أنها مفاجأة سارة بالنسبة لي، وربما هذا لهذا السبب. تجدني لا أفوت أية فرصة لمدح المصريين على كرم الضيافة الذي خصوه لنا خلال الأيام القليلة التي قضيناها هناك بمناسبة ذهاب الدور ربع النهائي لكأس إفريقيا الشمالية للأندية، لكنني مع ذلك تجدني أيضا أحاول فك هذا اللغز مادام أن الأمر جديد بالنسبة إليّ، إلى درجة أنني أتساءل في بعض الأحيان، بيني وبين نفسي، إن كان في الأمر »إنّ«، سيما وأن الموعد يأتي قبل أشهر قليلة عن المواجهة المنتظرة بين منتخبي البلدين في إطار التصفيات المزدوجة لكأسي إفريقيا والعالم. * * ولماذا لا تقول بأن المنافس اختار من الآن تلطيف الأجواء وتهدئة الأعصاب في رسالة موجهة إلى الطرف الجزائري للعمل بالمثل؟ * * شخصيا أتمنى ذلك من صميم قلبي، فكل ما من شأنه أن يكرس هذا المسعى يستحق التشجيع طبعا، لأنه حان الوقت أن تكون المنافسة بين الجانبين رياضية بحتة، خلافا لما كان عليه الحال في السابق أيام كنت لاعبا على وجه الخصوص، حيث كثيرا ما كان عمل الكواليس هو الفاصل بيننا نحن والمصريين، وفي أكثر الأحيان أتقن المصريون هذا العمل ورجحوا الكفة لصالحهم، ولا أدري إن كان ذات العهد قد ولّى مثلما يحاول إيهامنا أشقاؤنا بذلك، خاصة وأن المعطيات التي بحوزتنا لا تفيد ذلك، بل تكرّس المبدأ الذي حكم طويلا مباريات المنتخبين الجزائري والمصري، سيما عندما يكون الرهان كبيرا على شاكلة إقصائيات المونديال أو الألعاب الأولمبية. * * ما الذي يجعلك تعتقد ذلك؟ * * لكم أن تلاحظوا بأن المباراة الأخيرة للتصفيات القادمة ستدور بين المنتخبين الجزائري والمصري بالقاهرة... لست من الذين يؤمنون كثيرا بالصدفة، ولكنني شخصيا أميل نحو الفرضية التي تقول إن برمجة مواجهة العودة بالقاهرة، كانت مدروسة ومتعمّدة، كيف لا وقد حرص القائمون على البرمجة على أن يكون اللقاء الأخير في التصفيات، كما قلت منذ قليل، بين الجزائر ومصر، أي بين أقوى المرشحين للتنافس على تذكرة المونديال وبالقاهرة، أليس في ذلك رغبة مفروغ منها لتدعيم حظوظ المصريين علينا. * * لكن إذا ما رجعنا إلى مواجهة بجاية ضد النادي المصري نجد أن الأفضلية منحت لكم، باعتبار أن لقاء العودة سيدور بالجزائر، ومع ذلك لم يسارع الطرف المصري للتشكيك في نوايا القائمين على المنافسة؟. * * أولا يجب أن تعلموا بأن منافسة كأس شمال إفريقيا، التي تعود إلى الواجهة بعد سنوات طويلة من الغياب، ليست بالأهمية ذاتها التي تكتسيها تصفيات المونديال، فلا بأس إذن أن يلعب المصريون مواجهة العودة ضد الجزائريين بدارنا، على الأقل حتى يكون هناك نوع من التوازن في لقاءات البلدين... أضف إلى ذلك أننا لما واجهنا النادي المصري في بور سعيد لم نلمس أي شكل من أشكال الضغط الذي أعرفه في كل المواعيد التي شاركت فيها ضد المصريين بعقر دارهم، ما يؤكد بأنهم لم يولوا اهتماما كبيرا لهذه المقابلة التي لم ترافقها أيضا أية ضجة إعلامية مثلما كان الحال عليه في كل مرة يكون فيها النزال جزائريا مصريا. * * غير أنه وعلى ضوء ما شاهدناه على الشاشة حضر جمهور معتبر للقاء ومع ذلك لم تذكر التقارير تعرض فريقك لأي شكل من أشكال الضغط... * * هذا صحيح، وهو ما أسعدني كثيرا ولو أن معرفتي بالجمهور المصري أكدت لي بأن جمهور بور سعيد يختلف تماما عن جمهور العاصمة المصرية أو بعض المدن الأخرى، حيث يعرف عنه بأنه رياضي إلى أبعد الحدود وقد أكد ذلك بالمناسبة من خلال مساندته وتشجيعه لفريقه بكل روح رياضية. * * ليس هذا فحسب، فقد علمنا أنك شخصيا كنت نجما في بور سعيد... * * بالفعل، فكثيرا ما كان يتقرّب مني الأنصار المحليون لأخذ صور تذكارية معي، وقد سعدت بذلك كثيرا، فعلى الأقل أنهم لم يتنكروا للخدمات الجليلة التي قدمتها للكرة العربية، وأنا أعتز بسلوكهم معي بالمناسبة. * * في الجهة المقابلة كان نجم عربي آخر ونقصد به الهداف المصري الشهير حسام حسن، كيف تم اللقاء معه بعد سنوات طويلة لم تصادفه في طريقك؟ * * أشهد لحسام حسن وشقيقه التوأم إبراهيم أيضا بروحهما الرياضية العالية سواء لما كانا لاعبين أو هذه المرة عندما واجهتهما كمشرفين على الجهاز الفني للنادي المصري... لقد كانا طوال تواجدنا ببور سعيد يسألاني عن ظروف الإقامة وإن كنا بحاجة لشيء ما؛ سلوك يشرفهما كثيرا كنجمين للكرة المصرية والعربية. * * نتصور بأن الفرصة كانت مواتية لك كي تستحضر معهما ذكريات المباريات النارية بين المنتخبين أيام كنتم أبطالها فوق الميدان، أليس كذلك؟ * * صراحة لم تتح لي الفرصة كي أتحدث معهما عن هذه الذكريات لأن كل طرف كان مهتما بتحضير فريقه بطريقة جيدة حتى يكسب الرهان، فبعد أن كان التنافس معهما فوق المستطيل الأخضر شاءت الصدف أن ندخل جولة جديدة من التنافس ولو أن ذلك من خط التماس. * * وهي الجولة التي كانت فيها الكلمة للتوأم حسام وابراهيم حسن... * * ما هو إلا الشوط الأول من المباراة، حيث ينتظرنا شوط ثانٍ ببجاية نحتفظ فيه بكامل الحظوظ للمرور إلى المباراة النهائية لأنّا نتأخر بهدف واحد فقط عن المنافس. * * قبل الدخول في تفاصيل اللقاء الثاني، دعنا نواصل الحديث عن الأجواء التي ميّزت مباراة الذهاب والإطار العام الذي جرت فيه مع وقوع الجزائر ومصر في مجموعة واحدة لحساب الدور الأخير لإقصائيات كأسي إفريقيا والعالم... ألم تشعر بأن الموعد قد بدأ فعلا في مصر سيما بعد التصريحات الأخيرة لبعض اللاعبين والفنيين هناك؟ * * صراحة، لم أشعر بذلك على الإطلاق، سيما وأنه، كما سبق وأن أشرت إليه، لم تحظ المقابلة بالدعاية الإعلامية التي تعودنا عليها عندما يتعلق الأمر بمواجهة المصريين... والأكيد أن الأمر سيكون مختلفا عندما يحين موعد لقاء المنتخبين لأنه ببساطة موعد لا يمكن أن يتجاهله أحد. * * تشترك شخصيا مع حسام حسن في ميزة التهديف، فكلاكما كان هدافا بارعا، هل لنا أن نعرف كم مرة واجهته فوق الميدان ولمن كانت الغلبة في أكثر الأحيان؟ * * في حقيقة الأمر لا أتذكر جيدا عدد المرات التي واجهت فيها حسام حسن، ما أذكره فقط أنه تغلب عليّ مرة في مصر ولكنني لا أعتبر ذلك هزيمة لأن أي فريق مكاننا ما كان بمقدوره الخروج سالما من تلك المواجهة بسبب ما لجأ إليه المصريون من ضغط وترهيب لهزمنا، ولا أحتاج لقول المزيد في هذا الشأن لأننا نعتبر الأمر من الماضي ونتمنى أن تكون الصفحة قد طويت نهائيا، مثلما تؤشر عليه الظروف التي جرت فيها مباراتنا الأخير ببور سعيد. * * إذا كان حسام حسن قد هزمك في المرة التي تتذكرها فإنك قد كان لك شرف معانقة التاج الإفريقي الوحيد في رصيد المنتخب الوطني، ولو أن المصريين آثروا آنذاك مواجه الخضر بالفريق الثاني... * * (يتنرفز قليلا). لماذا يسعى البعض إلى تقزيم الإنجاز الذي حققناه في نهائيات كأس إفريقيا 1990 مع أنها المرة الوحيدة التي توج فيها المنتخب الوطني بكأس إفريقيا... أنا وبقية زملائي نعتبر أننا قد واجهنا في تلك الدورة المنتخب المصري وفزنا عليه وبالتالي أخذنا بثأرنا منه. ولعلمكم فقد جاء إلى الجزائر مدعما بعدد من لاعبي المنتخب الأول ولو أن حسام حسن لم يكن ضمن الوفد. * * برأيك، هل للجزائر حظ في التأهل إلى كأسي إفريقيا والعالم؟ * * سبق لي وأن تحدثت في هذا الموضوع غداة نتائج القرعة وقلت إن المهمة صعبة وليست مستحيلة... صحيح أن حظوظنا أوفر في التأهل إلى كأس إفريقيا منها إلى المونديال، لكن مادام أن القرعة قد أوقعتنا مع المنتخب المصري، فإنني أراهن على الروح المعنوية للاعبينا لقلب الموازين، سيما وأن الندية غالبا ما كانت حاضرة في المواجهات ما بين المنتخبين، لكنني أعيد وأكرر بأن تخوفي كبير من إجراء اللقاء الثاني بين الفريقين في القاهرة، وعليه فالأفضل للاعبينا حسم الموقف قبل الوصول إلى المباراة، كما لا يجب أن يفهم من كلامي بأن التنافس على تذكرة المونديال سيقتصر بين الجزائر ومصر فقط مثلما قد يظن البعض، لأنه من الخطإ أن نستصغر رواندا وزامبيا اللذين يجب أن يحسب لهما أيضا ألف حساب. * * قلت منذ قليل بأن نتيجة ذهاب كأس شمال إفريقيا ببور سعيد ترضيك وأن شبيبة بجاية تملك كامل الحظوظ للتأهل، هل تبقى معنيا بمباراة العودة علما وأنه سبق لك وأن لمحت إلى إمكانية مغادرة فريق الحماديين بعد سفرية مصر؟ * * لست بصدد إفشاء سر إذا ما قلت بأن الأمور في شبيبة بجاية بحاجة إلى إعادة نظر... شخصيا لا يمكنني أن أواصل العمل ما لم يتم اتخاذ بعض الإجراءات الكفيلة بإعادة الأشياء إلى نصابها. * * نعتقد بأن الأمر يتعلق بسلوك بعض اللاعبين... * * صحيح، فلابد من تنقية الأجواء إذا ما أردنا مواصلة العمل الذي بدأناه في الصائفة الماضية، لقد تحدثت في الموضوع مع المسيرين وأنتظر لقاء الرئيس طياب مجددا لكي نحسم الأمر بصفة نهائية. * * وهل لمست بعض السلوكات السلبية من طرف اللاعبين خلال السفرية الأخيرة إلى مصر؟ * * الحمد لله أن الأمور سارت وفق ما كنّا نأمله خلال إقامتنا بمصر، ومع ذلك فلا أزال مصرا على تطهير التشكيلة من العناصر التي زرعت البلبلة داخل الفريق في الآونة الأخيرة... أصارحكم القول أنني جد متحمس لمواصلة المشوار مع الشبيبة، لكن يؤسفني القول بأن الأمر مرهون بقرارات صارمة أنتظر من المسيرين اتخاذها.