لا يمكن أن يختلف اثنان على أن ''الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراها إلى المرضى''. وعلى هذه المقولة يمكن أن نوجه نظرنا إلى أمراض يعاني منها البعض ويتخبط فيها إلى الموت ولعل من أخطرها مرض السرطان بأنواعه المعروفة. ولذلك توجهت ''الحوار'' إلى جمعية الأمل لمكافحة السرطان حتى تتعرف أكثر على هذه الجمعية والكشف عن أعمالها ومهامها وحالة المريضات المقيمات بالدار. جمعية الأمل تحتضن مريضات السرطان القادمات من ولايات بعيدة تعمل جمعية الأمل لمكافحة السرطان والتي تترأسها السيدة ''كتاب حميدة'' الأمينة العامة لها، جاهدة لخدمة مرضى السرطان خاصة أن هذا المرض الخبيث يحصد يوميا أرواح المصابين، حيث تقول في هذا الصدد: ''توجد على مستوى الجمعية 15 مريضة كلهن قادمات من ولايات بعيدة يعانين من مرض السرطان باختلاف أنواعه لكن النسبة الكبيرة التي سجلناها هي مرض سرطان الثدي عند أغلبهن. ونحن بجمعيتنا نحاول أن نوليهن الاهتمام الكافي ونسعى دائما إلى خلق جو عائلي للمريضات يخفف عنهن أعباء هذا المرض الخبيث، خاصة اللواتي قدمن من ولايات بعيدة كورڤلة، الجلفةوالأغواط وغيرها من باقي الولايات البعيدة جدا عن العاصمة، بالاضافة إلى أننا نولي اهتماما كبيرا للنساء اللواتي قدمن رفقة أطفال صغار مصابين بهذا الداء، حيث تقوم الجمعية بالتكفل بتحضير الوجبات الغذائية للتخفيف من أعباء المصاريف الخاصة بالمرض والسفر وغيرها، كذلك نوفر لهن أسرة مجهزة بطريقة عصرية ومريحة. هذا وأشارت السيدة ''كتاب'' إلى أن الجمعية تتدعم بأعضاء وممثلين يوفرون لها الدعم المادي والمعنوي كحضور متطوعات للطبخ والتنظيف وتبرع بعض الخواص بالألعاب الخاصة بالأطفال، الأفرشة والأغطية، الألبسة والأسرة وغيرها، بالاضافة إلى احتواء الدار على جناح خاص بالأطفال الرضع مجهزة بكافة المستلزمات الخاصة بهم. نقص الإمكانيات ونقص التحسيس بمخاطر سرطان الثدي سبب في انتشاره بسرعة فائقة لقد بات سرطان الثدي من أهم وأخطر الأمراض التي تحصد أرواح المئات من الجزائريات بدليل تسجيل 53 حالة وفاة سنويا، وهذا ما أدى بالعلماء والأطباء والمختصين إلى دق ناقوس الخطر مطالبين بضرورة التكثيف من الحملات التحسيسية والإعلام حول مخاطره، حيث تؤكد السيدة ''كتاب حميدة'' الأمينة العامة لجمعية الأمل أن نسبة الإصابة به في الجزائر قد تضاعفت خمس مرات، وهو ما جعله يحتل صدارة قائمة مختلف أنواع السرطان ببلدنا. ويبقى المؤسف في ذلك عدم وجود التحسيس بمخاطره بدليل أن المصابات تأتين إلى الجمعية في مرحلة متقدمة من المرض، كذلك نحن نؤكد أنه كلما كان التشخيص المبكر للسرطان كانت نسبة الابتعاد عن الوفاة أكبر. والشيء الذي يؤرقنا ونأسف له هو العوائق والمتاعب التي تواجهنا للحد من حصاد أرواح آخرين من المصابين والسبب يعود للوضع الكارثي الذي تشهده بعض مراكز الاستشفاء كمركز ''بيار ماري كوري'' بالأبيار و المستشفى الجامعي ''مصطفى باشا''، حيث إن الأجهزة الخاصة بالعلاج غالبا ما تكون معطلة خاصة في حالات عديدة كتشخيص المرض، فهو يستدعي جهازا خاصا بذلك، ومما يأسف له أنه غالبا ما يكون معطلا، فهذا المرض لا يستهان به ومن المفروض أن تكون كل الظروف متاحة له سواء المادية منها أو المعنوية كوجود جهاز ''السكانير'' الذي يعتبر ضروريا جدا، لذلك فنحن نوجه مرضانا إلى العيادات الخاصة التي تتطلب أموالا طائلة، ولا يتمكن العديد من المصابين من توفير القيمة المالية لاستخدام جهاز ''سكانير''. ولقد كشفت لنا السيدة ''كتاب حميدة'' رئيسة الجمعية أن فئة النساء تعانين من سرطان الثدي الذي يحصد أرواح المئات من الجزائريات، حيث يسجل 50٪ سنويا من حجم الوفيات أي بمعدل وفاة يوميا. نزيلات دار ''جمعية الأمل'' يصارعن المرض ويتشبثن بأمل الشفاء تعاني جل المريضات المتواجدات ''بجمعية الأمل'' من الأمرين، المرض الذي ينهش أجسادهن والغربة التي أبعدتهن عن أهاليهن وأقاربهن، فغالبيتهن إن لم نقل كلهن من ولايات بعيدة عن العاصمة. شدت انتباهنا السيدة ''كريمة. س'' والقادمة من ولاية الجلفة حيث تقول: ''لقد أصبت بسرطان الثدي فلم أستطع أن أهضم المسألة فقد أصبت بإحباط وصدمة كبيرة، خاصة أنني أم لأربعة أطفال فنصحني الأطباء بالتوجه إلى العاصمة لإجراء عملية جراحية لاستئصال هذا الورم الخبيث، وعندما تمت العملية بنجاح تابعت معالجتي إلى مرحلة العلاج الكيميائي لمدة غير قصيرة. وبعدها مباشرة انتقلت إلى العلاج بالأشعة لمدة أسابيع ولكن نظرا لسوء المواعيد وطولها أخبرني الطبيب أنه قد يعاود المرض الظهور من جديد لأن هذه المرحلة مهمة جدا والسبب في هذا سوء المواعيد، ففي كثير من الأحيان أذهب للمستشفى فأجد الجهاز معطلا ما يعيق خضوعي للعلاج، وهذا حتما يزيد من احتمالات معاودة رجوع المرض، وبالتالي الموت المحتم''. تركنا السيدة كريمة ونظرات اليأس والكآبة تغمرها آملين من الله شفاءها. غير بعيد عن كريمة، كانت مريم جالسة مع البقية وكانت نموذجا حيا للصمود والتحدي، حيث تعاني من سرطان عنق الرحم وهو في حالة متقدمة، غير أن إيمانها القوي بالشفاء وتشبثها بالحياة خففا من معاناتها، حيث تقول لقد قدمت من ولاية الأغواط في حالة يرثى لها جراء تفشي هذا المرض في جسدي، وها أنا اليوم في العاصمة وعند جمعية ''أمل'' التي أحاطتني بجو عائلي ورعاية لا مثيل لها وأنا أنتظر الشفاء بعون الله لأعود لأسرتي وأولادي. وأنا دائما أنصح زميلاتي المريضات بالتحلي بالصبر والدعاء لأن لا شيء يقف بمشيئة الله رغم افتقادنا لعدة أشياء تساعد على تماثلنا للشفاء، خاصة من جانب الأشعة والأدوية''. الجانب النفسي مهم للتعايش مع مرضى السرطان توجهنا بالسؤال إلى رئيسة الجمعية السيدة ''كتاب حميدة'' عن الحالة النفسية للمريضات خاصة في حالة حدوث وفاة، فكيف يكون وقعها على الأخريات، فأجابتنا في هذا الخصوص: ''لايزال التأثير النفسي للسرطان عند المريض شديدا ومدمرا أحيانا فردة الفعل الفورية عند تشخيص المرض لدى شخص ما، هي عدم التصديق والإصابة بالصدمة ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الضيق الحاد والهياج الشديدة والاكتئاب الذي قد ينطوي على الانهماك في التفكير بالمرض والموت والقلق وفقدان الشهية والأرق وضعف التركيز والعجز عن القيام بالأعمال الروتينية، فما بالك في حالة تقرب المريضات من بعضهن ثم فجأة تموت واحدة منهن جراء تفاقم المرض عليها والنقص في الأدوية وعدم خضوعها لفحص بالأشعة، فيمكنك تخيل النفسية التي يكن عليها خاصة اللواتي يعانين من صعوبات نفسية واضطرابات عاطفية سلفا. وفي هذا المرحلة يكون المريض بأمس الحاجة إلى الدعم النفسي وهنا تلعب العائلة والأصدقاء وغيرهم دور مساعدة المرضى وذلك بالالتزام بالمعالجة المقررة والتحول إلى غذاء صحي واتباع الخطوات التي تساعده على تقبل الحياة بل والاستمتاع بها''. هذا وتعمل جمعية الأمل، تضيف نفس المتحدثة، بكافة العاملين بها جاهدة على تخفيف الشعور بالوحدة ومشاركة الأحاسيس مع الآخرين الذين يتفهمونها. الوقاية خير ألف مرة من العلاج مقولة وإن تعددت على ألسنة الناس إلا أن القلة من يدرك معناها، وهذا ما أكدته السيدة ''كتاب حميدة'' حيث تقول: ''إن جمعيتنا قائمة على أسس ثابتة وهي الوقاية والكشف المبكر للعلاج والمتابعة. وتعد الوقاية العنصر الأهم الذي تركز عليه الجمعية إذ يجب أن تصدر رسالتنا عبر جريدتكم ''الحوار'' إلى كافة المواطنين لإدراك أسباب ومخاطر السرطان. وللإشارة هنا أن معظم السرطانات يسببها الإدمان على التبغ، المشروبات الكحولية، التعرض لأشعة الشمس لمدة طويلة دون حماية خاصة بالنسبة للأطفال، إضافة إلى النظام الغذائي غير المتوازن كالإفراط في الأغذية المشبعة بالدهون وانعدام تناول الخضر والفواكه، إضافة إلى استنشاق الهواء الملوث. ونحلم عموما بأمل بغد أفضل بتوفير الأدوية الباهظة الثمن، توفير العتاد الطبي، تقريب مراكز العلاج، تكوين الفرق التي تعمل في المجال الشبه طبي وتوفير المتابعة النفسية للمرضى.