تطالعنا الصحف يوميا بأخبار ما يسمى (الحراقة) وعن أوضاعهم المزرية، كما تنقل إلينا في بعض الأحايين أنباء مؤلمة عن بعضهم وقد رمت بهم الأمواج إما جثة كاملة أو ناقصة وقد نهشت أسماك البحر بعضها الآخر. نقرأ.. نألم.. ثم ننسى، لا ننسى أخبارهم فحسب، بل ننسى كذلك أن نسأل من لم يقرر المغامرة منهم بعد.. لماذا تغامر؟ وعم تبحث هناك؟ أيساوي هذا الذي تبحث عنه وراء البحار حياتك التي قد تفقدها؟ وإذا قررت أن تضحي من أجل المجهول. فلماذا لا تضحي من أجل ذويك وبينهم، هذا إذا سلمنا أن حياتك في بلادك بقليل من المعاناة تضحية، فلا تنسى أن المعاناة هناك أشد، والتضحية دوما وإلى الأبد، وقبل أن تقرر نستوقفك عند قول الشاعر بلادي وإن جارت علي عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام هذه أسئلة يجب أن نجد الوقت المناسب لنطرحها على الحراڤ، كما يجب عليه أن يقف مع نفسه وقفة تأمل وتبصر، وينظر إلى والديه اللذين تحملا كل شيء ليكون هو. أما آن الأوان ليتحمل هو بدوره شيئا من المسؤولية ليأتي جيل من بعده، يذكر له ما فعل، ويشكر له صبره على الشدائد سواء كثرت أو قلت، ثم لينظر من حوله، ففي المجتمع من هم أحسن منه، وفيه من هم أسوأ حال، وكذلك الأمر بالنسبة للحراڤة إذن.. الأمر لا يختلف كثيرا إذا كانت الظروف الاجتماعية هي الدافع، فلم المغامرة والمخاطرة بشيء هو اسمى ما خلق على وجه البيسطة الحياة البشرية.