يتميز نظمه الشعري بحس جمالي وفني رائع، قصائد شعرية لها خصوصية أكيدة نسجها بكلمات لها وقعها على الأذن، هي السمة التي تتميز بها القصائد الشعبية التي يضمها الديوان الشعري '' قصائد من الذاكرة'' من إمضاء الشاعر الشعبي نايت شعبان علي، المدعو عمي شعبان الذي غيبه الموت عنا عام 2008 إثر حادث مرور مروع بمنطقة سطيف. ويعد هذا العمل الأدبي ثمرة جهده الفكري وباكورة أعماله الذي صدر عن منشورات فيسيرة. يحتوي هذا الديوان على 103 قصيدة نظمها صاحبها في مختلف المواضيع التي تدخل في سياقات عدة، فعمي شعبان يدرك تمام الإدراك أن الشعر ليس مجرد تسلية بل هي حقيقة تكشف خبايا وأغوار النفس والمجتمع، ولعل ما يلفت النظر بشكل واضح في شعر نايت شعبان تحليقه في رف مختلف عن المألوف عليه في الدواوين الشعرية التي نظمت باللهجة الشعبية في الجزائر، ويحاول أن ينشئ رفاً بتناغم يتيح له ولغيره العيش بروح العصر والثقافة المتماهية مع الموروث الثقافي المتجدر في المجتمع. (قصائد من الذاكرة ) قصائد أغلبها غزلية فهي متقاربة في مضمونها ولغتها وموضوعاتها، وأكثر ما يجمعها هو مفردة البوح، فكل قصائد عمي شعبان هي بوح وولوج في أعماق النفس المعذبة والموجوعة، وهو ما يظهر جليا في قصيدته المعنونة ب''ما ننسى وزنة زينة المبسم'' وهي القصيدة التي يروي فيها الشاعر عمي شعبان قصة حب خيالية جمعته بزوجته وزنة، وغيرها من القصائد التي لا تقل أهمية، حيث استطاع الشاعر ان يرسم الخطوة الأولى في بناء نصوصه بشكل متميز الى درجة توهج العاطفة التي نستطيع معها ان نقف وجها لوجه امام صورة القصيدة التي نتلمس من خلالها اخلاص الشاعر وروعة الشعر الملحون، ولكننا نجد الى جانب ذلك ان التوثيق في التعبير الشعري الشعبي قد يفلت منه احيانا. وفي لحظات اخرى هي في الواقع غير محسوبة، فلا يبقى منه بين اختلاجاته الا مظهره الخارجي وانفاس الشاعر وهي تتقطع تحت اثقال عبء الكلمات وعذاب تجربة أو ما يسمى في اللغة الشعرية بالاحباط الشعري. أما في قصيدته (عود لعقلك يا انسان) اراد الشاعر عمي شعبان ان يسجل بالمقدار الذي تسمح به تجربته في الحياة أن يقدم نصحا مع سيرورة وقائع الأخرى مع معطيات الذات الانسانية; ولكن الشاعر يبقى مع ذلك ممسكا بالطاقة الشعرية; لا بفعل القصيدة وحدها وانما بفعل الجو الذي تستثيره الكلمات والعبارات وجمال اللغة الشعرية التي وظفها في قصائد ديوانه.