أعرب البرفيسور الجزائري نضال قسوم، عن استيائه تجاه انتشار ظاهرة الاعتقادات غير العقلانية في العالم الإسلامي اليوم. عن مخاطر انتشار هذه الظاهرة يحدثنا قسوم في هذا الحوار الذي أجراه معنا، على هامش الملتقى الدولي ''الإسلام والعلوم العقلية في الماضي والحاضر'' الذي احتضنته الجزائر مؤخرا. انتقدت في مناسبات كثيرة وكلما أتيحت لك الفرصة إلا وأتيت على ذكر الذين يكتبون عن الإعجاز العلمي في القران ويحولونه الى معادلات رياضية هل لك أن توضح لنا ذلك؟ من أشهر الأمثلة للإعجاز العلمي استخراج قيمة سرعة الضوء وتحويلها إلى معادلات رياضية، وأصبحوا يضربون ويقسمون ويقولون إن هذا موجود في القران الكريم وهذا يعني تحويل الآيات الى معادلات رياضية ومادامت معادلات رياضية نخضعها للتحليل وننظر فيها هل هي صحيحة وعندما نفعل ذلك نجد أن من قاموا بذلك قاموا بأخطاء كبيرة. كيف تفسر انتشار الإيمان بالخرافات أوكما تسميه أنت ''انتشار الاعتقادات غير العقلانية'' رغم درجة التقدم العلمي والتكنولوجي؟ التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو تهميش العقل من الثقافة الإسلامية بشكل واسع، والملاحظ اليوم على مستوى المنظومة التربوية والاجتماعية أن العقل لم يعد المحورالرئيسي، فالناس يعتقدون جميعا ان الإيمان والعقل اتجاهان متوازيان. والصحيح هو أنهما مترابطان، وهذا للأسف لم يحدث في الثقافة الحديثة. المشكل يكمن في تغييب العقل من المنظومة الإيمانية ومن المفترض أن يكونا متلازمين وأن لا نسقط في هذا النوع من الأخطاء لا يزال الإشكال قائما إلى حد اليوم بين العلم والدين، فما مرد هذه الإشكالية؟ الإشكالية ليست بين العلم والدين وإنما تكمن بين العلم الحديث والدين بشكل عام بما فيه الإسلام، فالإشكالية أن الدين الحديث عالمي طالب وفرض على العالم بأسره أن يكون علمانيا أن يكون مجردا من إيمان الشخص، وبالتالي العلم الحديث يرفض ما له صلة بالدين ويرفض المعجزات. لا يؤمن العلم الحديث بالعبادات كالصلاة وأبعادها وتأثيرها على البشر وجسم الإنسان. في المقابل يرفض الدين بعض الأشياء التي يأتي بها العلم الحديث، فكل منهما يرفض الآخر. وكيف السبيل إلى الخروج من هذه الإشكالية حسب رأيك؟ هناك من انتقدني ووجه لي اتهامات كثيرة لا أساس لها من الصحة، أنا لم اقل إنه توجد مشكلة مع الإسلام والعلم قلت إن العلم الحديث جعل نفسه علمانيا والسبيل هو التوفيق بينهما مثلا في حالة الزوجين المتخاصمين لا نذهب مباشرة إلى الطلاق وإنما نحاول التوفيق وتقريب الآراء. رغم أهمية مثل هذه الملتقيات إلا أنها لا تخرج من مجرد طرح الإشكال والعودة إلى الماضي؟ في الحقيقة لا يجب للإنسان ان ينظر دائما الى الخلف من أجل ان يتقدم الى الأمام، ونحن ننظر الى الخلف لأن الملتقى عنوانه ''الاسلام والعلوم العقلية في الحاضر والماضي''، فنحن اليوم، ومن خلال لقائنا هذا، نريد ان نربط الماضي بالحاضر وننظر الى الماضي لنتأكد من منجزات الماضي، وكذلك حتى نفهم ماهي الأدوات والسبل التي أنجزها أسلافنا. فالهدف عندنا هو الحاضر أكيد ومن ثم المستقبل حتى لا نضيع ما تم في الماضي، وكل هذا لا يعني المبالغة في العودة الى الماضي.