يستمر الكثير من الشباب الجزائري في استهلاك منتوج الشمة. ورغم ما قيل وما يقال عنها إلا ان الإدمان عليها لا يزال يستقطب فئة كبيرة منهم. والأخطر من ذلك أن العديد من الشباب يهونون من خطورتها بل هناك من يزاوج بينها وبين السجائر متجاهلا خطورة المادة وتأثيرها السلبي المباشر على صحته. جاء في إحصائية رسمية قامت بها الشركة الوطنية للتبغ والكبريت أن الجزائريين يستهلكون ما يفوق 500 مليون كيس شمة في العام، بقيمة تفوق 22 مليار دينار. ولا يخفى على احد ان الشمة ونتيجة لاستهلاكها الواسع تتعرض للتقليد سواء في البيوت أو في ورشات خفية، ويتم وضعها في أكياس بلاستيكية صغيرة والدليل على ذلك ان السوق اليوم أصبحت تعج بماركات جديدة من ''الشمة'' تنتج في أماكن مختلفة وتسوق بطريقة عادية، وبصفة غير قانونية دون أي رقابة. ورغم ذلك لا تزال الشمة بأنواعها تجد الرواج وسط الشيوخ والشباب وحتى المراهقين الذين يسكنون بها، كما يقولون، وجع الرأس في إدمان يعوض، حسب قولهم، السجائر بأنواعها. وكثيرا ما يلجأ الرجال من مختلف الأعمار الى استهلاك الشمة لانخفاض أسعارها مقارنة بالسجائر أو لعدم قدرتهم على التوقف عن تناولها. الشمة التقليدية الأكثر استهلاكا تنتشر في أسواقنا الشعبية ظاهرة بيع الشمة في أكياس بلاستيكية، وحتى أصحاب طاولات بيع التبغ لا يجدون حرجا في بيع هذه النوع من الشمة الذي لا يتطابق إطلاقا مع المواصفات المعمول بها. لكن المثير للاستغراب أن الشباب والشيوخ المدمينن على استهلاك الشمة لا يعيرون لذلك اهتماما بل تجدهم يبحثون عن هذا المنتوج الذي لا يزيد سعره على 30 دينارا للكيس الواحد. ومن بين الباعة الذين تحدثنا إليهم السيد ''عمر'' الذي تجاوز عقده السادس بقليل وهو معتاد، كما أكد لنا، على نصب طاولته أمام المقهى يوميا لبيع أكياس الشمة التي يصنعها بطرق تقليدية داخل منزله ويقوم يوميا بعرضها هنا لزبائن اعتاد على امتداد أكثر من عشر سنوات على مدهم بهذا المنتوج وهم يبحثون دائما عنه. عمي عمر أكد أن زبائنه من مختلف الأعمار شيوخ وشباب وحتى مراهقون. ففي نظر عمي عمر الشمة أقل خطرا من السجائر وقد استمد عمي عمر رأيه هذا من كون أن الشمة لا تتغلغل إلى داخل الجسم مثل السجائر فاستعمالها خارجي فقط. والمثير للاستغراب أن الكثير من الشباب المتعلم كان له نفس رأي عمي عمر تقريبا، وعدد كبير منهم يعتقد أن عدم ابتلاع هذه المادة لا يؤثر كثيرا على صحة الإنسان على عكس السجائر التي تسبب أمراضا كثيرة ويشكل استهلاكها خطورة على صحة الإنسان. حتى النساء وقعن في فخ الشمة رغم استحواذ التدخين على شريحة واسعة من المجتمع من خلال انتشار التدخين بين الجنسين وحتى وان كانت ظاهرة تدخين الفتيات والنساء بدأت في الانتشار يوما بعد آخر إلا أن استهلاك الشمة لم يرق أبدا لاهتمام الفتيات لعدم تلاؤمها مع البريستيج الاجتماعي التي تعتقد بعض المدمنات على التدخين أن السجائر تحققه بشكل أفضل أما الشمة فهي مادة مقرفة ومقززة في نظر الكثيرات منهن. إلا انه ومن خلال حديثنا عن الشمة في أوساط النساء اندهشنا لتواجد بعض المدمنات عليها من السيدات خاصة كبيرات السن منهن المقيمات في المناطق الداخلية، على غرار ولاية الجلفة والاغواط وغيرها من الولايات المجاورة حيث يكثر استهلاك الشمة وسط النساء إلا أن طريقة استهلاكهن للشمة، حسب محدثتنا السيدة فاطمة، تختلف عن طريقة استهلاك الرجال لها فالمرأة في هذه المناطق، وهن في الأغلب نساء تجاوزن العقد السادس من العمر، يكتفين باستنشاق المادة المجففة عوض وضعها داخل أفواههن وهذه الطريقة كفيلة بجعل المرأة على غرار الرجل من المدمنات على استهلاك الشمة. وعن سبب إدمانهن تقول السيدة فاطمة المنحدرة من ولاية الجلفة إن النساء في المنطقة ومنذ زمن بعيد كن يقمن بتحضير مادة الشمة بأنفسهن لأزواجهن حيث يقوم الرجل باقتناء نبتة التبغ، وتقوم الزوجة بعدها بتجفيفها بتعريضها للشمس وبعدها تقوم بطحنها باستعمال المهراس النحاسي التقليدي ووضعها في أكياس بلاستيكية. وتضيف السيدة فاطمة أنه خلال عملية طحن أوراق التبغ المجففة من قبل المرأة تستنشق هذه الأخيرة الغبار المتصاعد منها والذي يحوي نسبة عالية من النكوتين، وهذا الأخير ما جعل المرأة تدمن على استهلاك الشمة حتى وان لم يكن زوجها بحاجة إلى طحن المزيد من التبغ إلا أنها تجد نفسها مضطرة إلى استعمال واستنشاق ما صنعته في بعض الأحيان خفية عن زوجها إذا كانت صغيرة السن، أما الكبيرات فلا يجدن حرجا في استنشاق مسحوق الشمة واقتنائه من المحلات وهي ظاهرة معروفة في الولايات الداخلية خاصة الجنوبية منها. حملات تحسيسية في مهب الريح رغم الحملات التحسيسية حول خطورة التدخين التي توجه إلى الشباب في مناسبات مختلفة، إلا أن الكثير من هذه الحملات بدت كأنها نداءات في واد سحيق والقليل فقط من استجاب وتوقف نهائيا عن التدخين. أما استهلاك الشمة فحكايتها في الجزائر طويلة جدا والمتعلقون بها أجيال مختلفة لم تستطع رغم دخول أنواع مختلفة من السجائر للسوق أن تزحزح الشمة من عرشها، فهي ماركة جزائرية مسجلة رغم مخاطرها الصحية الناتجة أولا عن احتوائها على مواد مضرة مثلها مثل السجائر أو أكثر. والشمة بأنواعها تحتوي على أوراق التبغ كمادة أساسية تحتوي على أعلى تركيز من النيكوتين الذي يؤثر على الجهاز العصبي للمستهلك ويجعله غير قادر على الاستغناء عن هذه المادة. والعديد من مستهلكيها لا يلقون بالا لما يشاع حولها المهم بالنسبة للعديد منهم خاصة الشباب والمراهقين هو الاستمتاع بنشوتها التي لا تقل، حسب الكثير منهم، عن نشوة السجائر وكلاهما، حسب المختصين، في الصحة وجهان لعملة واحدة. الشمة لا تقل خطورة عن السجائر يتواصل تأثير الشمة على صحة الإنسان حيث يمتد تأثيرها ليشمل الفم واللسان واللثة بشكل خطير جداً، وتعمل الشمة على تشقق الأسنان وتكون عاملاً مساعداً على دخول الفطريات والبكتيريا والميكروبات بمختلف أنواعها، مما يؤدي إلى تقرح اللثة وهذا المرض شائع بين متعاطي الشمة. ولتبين أضرار استهلاك الشمة الخطرة على أفراد المجتمع وخصوصاً الشباب الذين أصبحوا يعشقون هذه المادة المدمرة، نقلنا تساؤلاتنا إلى الدكتور محمد ايدير طبيب أسنان بالدار البيضاء، حيث أكد على وجود مخاطر مختلفة للشمة وأضرارها المباشرة على الفم والأسنان والتي يتجاهلها الكثير من الشباب اليوم ويستصغرون خطورتها على صحة الجسم، حيث أكد أن الشمة أصبحت ظاهرة منتشرة في أوساط مجتمعنا فالحقيقة أصبح الصغير والكبير يتعاطونها ويجهلون أضرارها على صحة الجسم والفم والأسنان. ونصح الدكتور ايدير بالابتعاد عن تعاطي الشمة والاهتمام بصحة الفم والأسنان. أما عن سؤالنا عن الأضرار المباشرة للشمة بين المختص أنها تؤدي إلى تقرحات في الغشاء المخاطي للفم وتأكل أنسجة الفم وإعاقة في الإطباق أي عدم إطباق الفم الطبيعي وكذلك تتسبب في حدوث حالات مشابهة لمرحلة ما قبل السرطان. كما أنها تتسبب في حدوث احد اخطر أنواع السرطانات مثل سرطان الدم واللثة. ونصح الدكتور ايدير في الأخير كل متعاطي الشمة بالابتعاد عنها نهائيا، فهي لا تقل خطورة أبدا عن التدخين أو استعمال الشيشة فجميع هذه المواد لا تقل خطورة عن بعضها البعض وتتسبب في أمراض لا تحصى ولا تعد، كما أنها عادة سيئة ومنفرة جدا.