أكد ثلة من مهنيي النشر وتوزيع الكتاب في الجزائر أن صناعة الكتاب في بلادنا مازالت في مراتبها الدنيا مقارنة بنظيرتها في البلدان العربية والغربية، ودعا هؤلاء في السياق ذاته الجهات المسؤولة إلى ضرورة استصدار قانون جديد من شأنه تنظيم حركة النشر في الجزائر ويلزم أصحابه بالقواعد اللازمة التي يجب توفرها لإنشاء دار نشر من أجل تحرير الكتاب من قبضة من أسموهم بالطفيليين الذين غزوا، حسبهم، عالم الطباعة في بلادنا وحولوا الكتاب إلى سلعة استهلاكية رخيصة. ومن أجل الوقوف على أسباب الظاهرة ارتأت ''الحوار'' استطلاع آراء هؤلاء الفاعلين في عالم الكتاب على هامش فعاليات معرض الكتاب الوطني في طبعته السابعة الذي يتواصل بقصر المعارض الصنوبر البحري لرصد انطباعاتهم واقتراحاتهم. محمد تجاني ممثل الزاوية التيجانية: الكتاب الجزائري مايزال في المراتب الدنيا استهجن محمد تيجاني، ممثل الزاوية التيجانية، الطريقة المعتمدة في اخراج الكتاب في الجزائر، قائلا: ''إن الكتاب في الجزائر ما يزال يصنف في المراتب الدنيا، مقارنة بالدول العربية الشقيقة والعالم الغربي بشكل عام، وهو ما يعكس عدم اهتمامنا بهذا الجانب ابتداء من القيمة المالية المخصصة من القطاعيين الخاص والعام لصناعة الكتاب، الأمر الذي جعل العديد من دور النشر تعتمد على الكم مهملة الشكل والمضمون، وهوما يثير نفور المتلقي الجزائري الذي بات يتهافت على الكتاب الأجنبي والعربي . بن صافي ممثل دارالعزة والكرامة: الجزائر تعاني فعلا من أزمة الكتاب وهي الفكرة التي أيدها بن صافي محمد البشير، ممثل دار العزة والكرامة، حين قال إن الكتاب في الجزائر مايزال في درجته الدنيا وغير قادر على اتخاذ آلية جديدة لتحسين مستوى الكتاب. حقيقة، يضيف محمد، بحكم تجربتي في هذه الدار التي تختص في عملية استيراد الكتب من وإلى الجزائر لاحظت فعلا أننا نعاني من أزمة صناعة الكتاب عندنا، وتنقصنا الخبرة في هذا الميدان، لكن لنا أن نستبشر خيرا في المستقبل ولنا كامل الثقة في دور النشر الجزائرية التي تزايد عددها في الآونة الأخيرة بشكل مذهل أن تساهم في انتعاش حركة النشر كما ونوعا في الجزائر، وأن تستجيب لمعايير الكتاب الأجنبي. بشير مفتي ممثل رابطة الاختلاف: أشخاص طفيليون سبب تردي مستوى الكتاب في الجزائر وفي هذا الإطار أكد الأديب وممثل رابطة الاختلاف، بشير مفتي، أنه لا يختلف اثنان على أن صناعة الكتاب في الجزائر جد متخلفة، نافيا أن يكون سبب ذلك راجعا إلى نقص المطابع أو الأجهزة التي تدخل في هذه العملية، إنما المسألة تتعلق، حسبه، بنقص الاحترافية ودخول أشخاص طفيليين لا يملكون الخبرة في طباعة الكتاب، الذين اتخذوا من عملية النشر والطباعة تجارة فهم بذلك يتسوقون بالإنتاج الفكري كما التسوق في أي مادة استهلاكية، في حين يقول مفتي إن صناعة الكتاب تتطلب الدقة والعمل الجاد وبعد نظر ودرجة وعي وعلم. شخصيا لا أميل إلى الكتب المحلية لأنها لا تراعي المقاييس اللازمة لا من حيث المادة التي تدخل في عملية صناعة الكتاب من الورق ونوع الخط وسمك الكتاب الذي من المفروض أن يكون خفيف الوزن ومثقلا بالمعلومات والمعارف عوض إنتاج مؤلف في وضعية كاريثية يندى لها الجبين، صحيح يضيف محدثنا أن دور النشر الجزائرية خلال المرحلة السابقة ونظرا للأزمة التي مر بها المهنيون وأصحاب الشأن باتت تنشر خبطة عشواء، ولكن ومع اكتسابهم الخبرة من خلال مشاركتهم في معارض الكتاب المحلية والدولية كان الأجدر بهم أن يستفيدوا من ذلك. وأعتقد، يقول مفتي، أن الحل الأساسي والأمثل لتجاوز هذه الأزمة ضرورة تدخل وزارة الثقافة والجهات المسؤولة في الدولة لصالح الكتاب، من خلال تنظيم سوق الكتاب وصناعته في الجزائر وفرض مواصفات معينة للكتاب واتخاذ إجراءات ردعية في عملية الإنتاج وكذا المقاييس المعتمدة في ذلك، ''آن الأوان لرفع مستوى النشر والاعتناء بجودة الكتاب صورة ومضمونا، وأن نضع قانونا من شأنه أن يضبط الشروط التي يجب توفرها لإنشاء دار نشر وذلك لتحرير الكتاب من قبضة هؤلاء التجار الذين اتخذوا الكتاب سلعة تدرّ أرباحا طائلة على حساب السمعة الوطنية، ونحن نطالب بأن يكون على مستوى دار نشر لجنة قراءة تضم مختصين في علم اللغة وعلم النفس والاجتماع حتى نتفادى تلك الأخطاء النحوية واللغوية الفادحة ولاسيما في الإصدارات الخاصة بأدب الطفل. مقداد عمر المكتبة الخضراء: تحسين مستوى الكتاب القضية التي يراهن عليها مسؤولوعالم الكتاب في الجزائر يرى مقداد عمر ممثل المكتبة الخضراء أن الكتاب في الجزائر يعاني نقائص كثيرة، وعلى الرغم من ارتفاع عدد دور النشر في الجزائر والكم الهائل من العناوين التي تنشر إلا أن الكتاب مازال يخرج في شكل لا يليق به مقارنة بالكتاب العربي أوالغربي. لكن هذا لا يمنع، يقول مقداد، أن العديد من الناشرين الذين لهم خبرة في ميدان النشر في الجزائر يحاولون بكل الوسائل تحسين مستوى الكتاب شكلا ومضمونا، وإذا أخذنا مثلا المكتبة الخضراء، يضيف عمر، نلاحظ بفضل عملها الدؤوب في حقل النشر والتوزيع أنها تعمل جاهدة على إخراج الكتاب بمقاييسه العالمية حتى نحافظ على جودته ومركزه في وسط القراء لعلمها بالخطر الداهم الذي بات يهدد الكتاب وأقصد بذلك الكتاب الإلكتروني الذي بدأ يعرف طريقا مختصرا نحوالقارئ، نظرا لسهولة التعامل معه وجودته العالية. ويبقى تحسين مستوى الكتاب، يضيف ذات المتحدث، القضية المحورية التي يجب أن يراهن عليها مسؤولو عالم الكتاب في الجزائر لضمان نسبة المقروؤية المحلية على الأقل. دحماني مسؤول تجاري بدار هومة للنشر: دار هومة للنشر والتوزيع نموذج رائعا في تحسين مستوى الكتاب قال دحماني مسؤول تجاري بدار نشر هومة إن حجم المبيعات يتحكم فيها عنصرا الجودة والنوعية في شكل الكتاب والمادة المقدمة، ونحن في الجزائر مازلنا بعيدين عن صناعة الكتاب مقارنة بالكاتب الأجنبي، لكن هناك العديد من دور النشر التي تحاول أن تقدم إضافة في هذا العالم وترتقي بالكتاب إلى مصاف العالمية. صراحة، يضيف دحماني، أن دار هومة للنشر والتوزيع نموذجا رائعا في هذا المجال إيمانا منها بضرورة تحسين مستوى الكتاب، حيث انتهجت أسلوبا راقيا لمواجهة تحديات العصر التي يفرضها عالم الكتاب، وذلك من خلال سياستها الصارمة في توفير وسائل إنتاج متطورة واختيار العناوين القابلة للنشر أي تقوم بعملية الغربلة وتختار الصالح من الطالح، هدفها في ذلك تقديم الأحسن وترويج الفكرة الجيدة التي تخدم القارئ والمجتمع معا، ''انطلاقا من اختيارها للمادة الورقية اللازمة الناصعة البياض وجودة الغلاف للمحافظة على نظافة الكتاب''. رأي القراء: دور النشر الجزائرية واجهة لعرض العناوين ليس أكثر صراحة، تقول سهام طالبة جامعية، أفضل اقتناء الكتاب الأجنبي نظرا للمواصفات الدقيقة التي يتوفر عليها، حيث ما لاحظته من خلال تجوالي في ردهات المكتبات الجزائرية وكذا من خلال المعارض التي تنظمها الكثير من الجهات في الجزائر، أن دور النشر الجزائرية أصبح الكثير منها عبارة عن واجهات تعرض من خلالها العناوين فقط دون الارتقاء إلى مرتبة صناعة الكتب، فهي تطبع وتنشر دون أدنى شروط تذكر، على نقيض الدول العربية والغربية التي تسعى إلى التركيز على العناوين المهمة والمتميزة التي تحدث صدى على الصعيدين المحلي والدولي. حقيقة تضيف سهام إن الكتاب في الجزائر يحتاج إلى صياغة جديدة وإلى قانون خاص يضبط أركانه ويهذب صناعته.