أعاد ديفيد كاميرون، الذي كان المحافظون في السابق يعقدون أمالهم عليه في تحدي توني بلير، حزب المحافظين في بريطانيا إلى السلطة بعد انقطاع عن الحكم دام 13 عاما بناء على برنامج تحديث البلاد. أعلن زعيم حزب المحافظين البريطاني ديفيد كاميرون نيته تشكيل ائتلاف حكومي مع حزب الديموقراطيين الأحرار، بزعامة نيك كليج فور تكليفه من قبل الملكة اليزابيث برئاسة الحكومة المقبلة، وعقب ساعات من استقالة رئيس حزب العمال جوردون براون من منصبه. ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية ''بي بي سي'' عن كاميرون الذي أصبح أصغر رؤساء وزراء بريطانيا عمراً منذ 200 عام قوله في مؤتمر صحفي عقده أمام مقر رئاسة الوزراء'' هذا الائتلاف القوي هو السبيل الأفضل لحكومة بريطانية قوية وقادرة على الاستمرار''. وأشار كاميرون إلى وجود قرارات صعبة يجب أن تتخذ في المستقبل من أجل معالجة المشاكل التي تواجه البلاد، ومنها العجز في الموازنة، موضحا بالقول:''إن من المهم للحكومة أن تبقي الشعب على اطلاع ودراية وإحاطة واستشارته في القرارات الصعبة المقبلة''. وأعلن أيضا أن زعيم حزب الديمقراطيين الليبراليين نيك كليج سيكون نائبًا لرئيس الوزراء في حكومة ديفيد كاميرون الجديدة. يشار إلى أن المحافظين ''يمين وسط'' والديموقراطيين الأحرار ''وسط'' يختلفون بشأن قضايا من بينها أوروبا والدفاع والهجرة، إلا أن تشكيل تحالف بينهما يؤمن لهما أغلبية في مجلس العموم وهو ما لم يكن ممكنا لو حصل تحالف بين الديموقراطيين الأحرار والعمال رغم تقارب مواقفهما. وكان كاميرون قد غادر قصر باكينجهام بعد أن أصدرت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية قرارا بتعيينه رسميا رئيسا جديدا للوزراء في بريطانيا، وذلك بعد أيام من حالة من عدم الاستقرار أعقبت الانتخابات العامة التي جرت الخميس الماضي وأسفرت عن برلمان معلق لأول مرة منذ عام .1974 وجاء تعيين كاميرون عقب استقالة جوردن براون من منصبه رئيسا للوزراء، بعد إخفاق جهود حزب العمال لتشكيل ائتلاف مع الديمقراطيين الليبراليين.وقال بروان الذي كان يتحدث رفقة زوجته أمام مقر رئاسة الوزراء في داوننج ستريت الشهير إن عمله رئيسا للوزراء كان ''تشريفا''، وإنه يتمنى الخير والتوفيق لخلفه. وأوضح براون أنه سيتنحى أيضا عن مقعده البرلماني ويترك السياسة نهائيا. وجاء قرار براون بعد اتفاق بين المحافظين والديمقراطيين الليبراليين على صفقة لتشكيل ائتلاف حكومي. وكانت محاولات حزب العمال للتفاوض على صفقة تقاسم السلطة مع الديمقراطيين الليبراليين قد فشلت عقب نتائج الانتخابات البريطانية الأسبوع الماضي التي لم تعط لأي من الأحزاب الثلاثة الكبرى أغلبية لتشكيل الحكومة. وكان براون قد خلف توني بلير رئيس الوزراء العمالي السابق في جوان عام 2007 بعد أن قضى عشرة سنوات وزيرا للخزانة. من جانبه، اتصل الرئيس الأمريكي باراك أوباما بكاميرون بعد دقائق على تعيينه ودعاه إلى زيارة الولاياتالمتحدة في جويلية، وأكد أنه ملتزم ''بعلاقة خاصة'' بين بلديهما ودعا أوباما كاميرون إلى زيارة واشنطن الصيف المقبل. وعلى صعيد السياسة الخارجية فإن حكومة كاميرون سترسم سياستها على الأرجح بالشكل الذي يحقق ''المصلحة الوطنية'' والحفاظ على القدرة المستقلة للبلاد على الردع النووي وإعداد إستراتيجية للخروج من أفغانستان. وتعهد كاميرون أنه في ظل حكمه فإن بريطانيا لن تنضم أبدا لليورو، مشيرا إلى أزمة اليونان وهو يؤيد انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي. لكن سياسة كاميرون حيال الاتحاد الأوروبي - والتي تتمثل في أن تكون بريطانيا في أوروبا وليس أن تحكمها أوروبا - من المحتمل أن تجعله شريكا صعبا بالنسبة لباقي دول الاتحاد الاوروبي. ويؤمن كاميرون بأن الهجرة إلى بريطانيا استمرت بمعدلات مرتفعة ولفترات طويلة وتعهد بفرض سقف سنوي على الوافدين من الدول غير الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. ويزعم المحافظون أن 13 عاما من وجود حزب العمال في السلطة بالبلاد خلق ''مجتمعا محطما'' تراجعت فيه القيم الأخلاقية مثل الإيمان بالزواج وتكوين الأسرة.