من المشاكل العديدة التي لم يكن لها حلا بولاية سطيف ما تعلق بقطاع النقل من وإلى المناطق الشمالية الغربية للولاية بسبب التسيب والفوضى وعزوف الخواص عن العمل لأسباب كثيرة أبرزها الاهتراء الكبير للطرقات، ولعل الخط الأكثر تضررا هو الفاصل بين عاصمة الولاية ودائرة بوعنداس على طول البلديات الواقعة عبر الطريق الوطني رقم 75 الرابط بين ولايتي سطيفوبجاية. إذ يشهد به النقل الجماعي للمسافرين معاناة لامتناهية ومأساة حقيقية مع بداية كل أسبوع وذلك راجع إلى الخلل الحاصل في التوازن بين الكم الهائل من المسافرين والشح المفروض على وسائل النقل، التي تقتصر على حافلات من الحجم المتوسط من نوع تويوتا وإزيسي والتي لم تستطع استيعاب التدفقات الكبيرة للمسافرين من وإلى عاصمة الولاية سطيف أو سيارات الأجرة التي تسير مهنتها نحو الزوال بعد أن أعرب عدد من ممتهني هذا النوع من النقل عن الخسائر الكبيرة التي يتكبدونها خلال تأدية مهامهم بسبب سوء الطرقات ودخول الطفيليين في الخط الذي يعملون عبره، مما جعلهم يشعرون إضرابهم أكثر من أسبوعين لما تداخلت الصلاحيات بين الحافلات وسيارات الأجرة بدائرة بوعنداس لانعدام محطة خاصة بهم وكذا لانعدام الرقابة في دحر العاملين بالطرق الموازية وغير القانونية، ولعل من يدفع فاتورة كل هذه الخلافات هم المواطنون الذين يرابطون صبيحة كل سبت وأحد وأمسية كل أربعاء وخميس على طوال الطريق الوطني رقم 75 وكذا محطات العبور بكل من تالة إيفاسن، ماوكلان وعين الروى، ناهيك عما تشهده محطة نقل المسافرين بعاصمة الولاية، والتي تكتظ عن آخرها بالمسافرين المتوجهين إلى هذه المناطق، ما يؤدي إلى تشنج الأعصاب بين المواطنين والدخول في مناوشات تتطلب في عديد المرات تدخل رجال الأمن، وما يتبعه ذلك من إجراءات كلها تقف في وجه المسافر المغلوب على أمره الذي وإن سلم من مخالب اللوصصة وقع ضحية الطوابير اللامتناهية وجشع بعض الناقلين، وأمام كل هذه المشاكل برز الجيل الأخير من الناقلين المزيفين في آن واحد، أين يفرضون رقابة في الأيام الحساسة ويفرضون تسعيرات خيالية فإما أن تركب وإما أن تبيت في الشارع أو تستنجد ببعض الفنادق التي لن ترحمك هي الأخرى، ولعل أكبر المتضررين من كل ذلك هم العمال والطلبة الذين يرغمون على التنقل يوميا نحو عاصمة الولاية قصد العمل أو التسجيل للموسم الجامعي الجديد، وإن كان تأويل أسباب الفوضى الحاصلة في النقل نحو المناطق الشمالية الغربية هو انعدام تنظيم عام للخطوط فعلى رأس الأسباب المؤدية إلى ذلك هو عزوف الناقلين الخواص عن العمل بسبب كارثية الطريق الذي استفاد من مشروع الترميم والإصلاح، حيث أن الأشغال تسير بخطى السلحفاة وقد كبد وضع الطرقات الناقلين الخواص خسائر فادحة مما أرغم الكثيرين على تغيير الخطوط نحو ولاية بجاية انطلاقا من سطيف بوعنداس أو التوقف عن العمل، كما حصل لمالكي حافلات الحجم الكبيرالذين لم يستطيعوا مجابهة الخسائر الكبيرة التي تلاحقهم عبر الطريق الوطني رقم ,75 وعلى الرغم من كل ذلك أدلى لنا أحدهم بأنه يرغب في الاستثمار في النقل نحو هذه المناطق إلا أن هناك مشكلا آخر يقف في وجهه وهو مديرية النقل التي تمنح الخطوط بتحفظات كبيرة، وبين هذا وذاك يبقى المواطن كالكرة تتقاذفها الحافلات وسيارات الأجرة إلى أن تصلح الطرقات ويعود الخواص إلى حيويتهم في العمل في مجال النقل.